العدد: 9305
الخميــــــــس 28 شـــباط 2019
نحن في سورية الشمس، ورثة حضارة أضاءت على الدنيا ونوّرت، لكننا أنتطلع إلى دورنا في إغناء كنزها؟ أن أنسهم حقاً في صنع مقوماتها؟ بدل أن نكتفي بالقول والخطب: كان أجدادنا سبّاقين في ميادين الحياة ومتفوقين وو..، ولا نسأل أنفسنا من نحن الآن ومن سنكون غداً؟ ألا إنَّنا أمّيون بقدر ما نحن غير منتجين، انفعاليون أكثر من أن نكون فاعلين، لا نسمع ما يقوله الآخر، بل لا نستطيع أن ندعه يكمل حديثه حتى نشرع في مقاطعته، ولا نجيد الأداء..
لا تتحدّد أميتنا بغياب المعلم فحسب، بل نحتاج إلى القدرة على التلقي والقناعة فيما نتعلمه والإقبال والحماسة، يضاف إلى ذلك توفر مستلزمات العمل والتعلم والجهد والصبر، والهمس في الأذن، لا بل أن نقول ما يجب قوله في عين الجاهل، وجعل الأمي يصارع ما يفتخر به من جهل، ليبدأ شيئاً فشيئاً في فهم حروف الحقيقة ورسمها وفكّها..
إذا كان محو الأمية مشروعاً تنويرياً، تربوياً، يكرّس له الحاضر والمستقبل لإزالة تراكمات الماضي مما يقف عائقاً في حركة التطور والتقدم والإنتاج… فإن ذلك يرتبط بالوعي والتطور الاجتماعي وانتشار المعرفة، وأيضاً بتبدل العقلية والذهنية الفاسدة في مراكز صنع القرار التي تعمل بمزاجية وبروح أنانية تضر بالمصلحة العامة ولاسيما في القطاعات الخدمية ومؤسسات الإنتاج، لأنّه لا نجاح في البنية الفوقية للمجتمع دون نجاح في البنية التحتية، فبدون تطور اقتصادي لا يمكن الحصول على تطور ثقافي، ولا التوسع في التعليم ومحو الأمية وتحسين العمل.
حياة المرء لا تقاس بدورة العمر والسنوات الزمنية التي عاشها، ولكن بالكيفية التي قضى بها تلك السنوات، وكيف استثمرت ومدى النفع الذي أعطاه صاحبها لنفسه وللمجتمع، باعتبار المرء في مجتمعه لا تكتمل فيه صفات حبّ الخير وحبّ الوطن بغير العلم والعمل.
بسام نوفل هيفا