الحركة الثقافية في سورية في ظل الحركة التصحيحية ضمن ندوة فكرية

الوحدة: 30- 11- 2020

 

أقام فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية ندوة فكريّة حملت عنوان : الحركة الثقافية في سورية في ظل الحركة التصحيحية شارك فيها كل من الدكتور: عيسى درويش (الوزير السابق) والإعلامي الأديب: سليم عبود الباحث في الشأن السياسي، أدار الندوة الدكتور: صلاح الدين يونس (رئيس فرع الاتحاد), وذلك في صالة الجولان بمقر الفرع، في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في الندوة من محاور وأفكار, والبداية مع الدكتور عيسى درويش، حيث استعرض في بداية حديثه النتاج الثقافي في القرن الماضي ليتحدث بعدها عن حزب البعث العربي الاشتراكي (نشأته وأولياته خاصة اللغة العربية) مؤكداً على أن الرئيس حافظ الأسد – طيّب الله ثراه– كان مخلصاً للغته, مهتماً بها, مصرّاً على أهمية اللغة كعامل من عوامل القومية والهوية والانتماء, وأن التاريخ هو ذاكرة الأمة, وإذا فقدت الشعوب تاريخها فقدت ذاكرتها.

 وأشار د. درويش إلى إصرار حزب البعث العربي الاشتراكي على الانتماء الثقافي للأمة, وليس المكون العرقي تحت شعار: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وقال: إن الآباء المؤسسين لحزب البعث وأكبر المخلصين له هو الرئيس حافظ الأسد الذي كان يصرّ على أن العروبة انتماء ثقافي وحضاري في آن واحد, وأن الإسلام روح والعروبة جسد، وأشار المحاضر إلى أنه لا يمكن أن يكون نهوضاً عربياً إلا إذا أعيد قراءة التاريخ العربي وتنقيته من الشوائب, وأن نعود إلى النص القرآني ونعطيه الأولية.

 وأوضح د. درويش أن حزب البعث العربي الاشتراكي في نشأته الأولى كان يعتمد على المثالية التاريخية التي جاء بها هيغل, وعندما أتى ماركس كان يقول: إن هيغل يمشي على رأسه, وأنا حاولت أن أضعه على رجليه باستخدامه الديالكتيك (الضد وضد الضد والنتيجة) وقال المحاضر: نحن في سورية وضعنا الصراع الطبقي في الأولوية نظرياً صحيح لكن الأمر يختلف على أرض الواقع لأننا بلد زراعي غير صناعي.

وأكد د. درويش أنه في  التصحيح وضع الرئيس حافظ الأسد حزب البعث العربي الاشتراكي على المسار الصحيح, وأسس فكراً ومضموناً وأساساً لحركة ثقافية بالإنفاق الثقافي الهائل الذي أنفق على المراكز الثقافية, وعلى المسرح القومي, وعلى المطبوعات, والترجمة, وتوسيع قاعدة التعليم وقاعدة الجامعات, واعتبار أن المنظمات الشعبية لها دور ثقافي أيضاً في التثقيف بدءاً من الطلائع وصولاً إلى المنظمات الشعبية كاتحاد الفلاحين والاتحاد النسائي… واختتم د. عيسى درويش حديثه قائلاً: هذه الحركة الثقافية التي أسسها الرئيس حافظ الأسد في الإدارة السياسية للجيش والقوات المسلحة لجعل الجيش جيشاً عقائدياً, هو الذي ثبت هذا الجيش العظيم الذي قاتل ثمانين دولة في هذه الحرب الظالمة التي شنت على سورية, وصحيح أنه في هذه الثقافة كان هناك من ينظر إليها كترف وصحيح أن البعض قد تخلّى عن دوره الثقافي بالتحول إلى ثقافة الاستهلاك, أو ثقافة من نوع آخر, أو ما نسميه الخيانة الطبقية, لكن ظل الأساس العام والشامل هو أننا نتجه نحو طريق بناء حزب يستطيع أن يأخذ على عاتقه نهضة الأمة العربية.

الإعلامي الأديب: سليم عبود قال: إن الذين ولدوا في عام التصحيح هم اليوم في الخمسين, لذلك يمكن أن نقول للأجيال الجديدة: ما هي الأسباب والدواعي التي دعت الرئيس حافظ الأسد إلى قيام حركة التصحيح, ولمعرفة أهمية التصحيح يجب أن ندرك تماماً: ماهي الأسباب وماهي الدوافع؟ وماهي تأثيرات الحركة التصحيحية الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية لهذه الحركة؟ وإلا يمكن اعتبارها حركة انقلابية بهذه التساؤلات استهل المحاضر عبود حديثه ليجيب بأن هذه الحركة لم تكن انقلابية, بل حركة تصحيحية جاءت على عقيدة البعث, وعلى نظرته إلى الثقافة, وإلى الوحدة, وإلى الاقتصاد, وإلى الحرية, وإلى التضامن العربي, وإلى حرب/1973/ التي كانت تعيش في الوجدان العربي قلقاً و ألماً وهزيمة (نكسة حزيران) وأن الرئيس حافظ الأسد هو الذي أدار أزمة النكسة ليخرج منها إلى حرب/1973/ وكان يقول للطيارين: إن الحرب القادمة لن يكون ثمة تفوق للطيران الإسرائيلي (1970-1973) لأنه كان الوجع الحقيقي في النكسة هو سلاح الطيران الإسرائيلي, وعلى الرغم من تصريحات الإسرائيليين منهم موشي ديان الذي كان يقول: إذا أراد العرب أن يفكروا بالحرب فعليهم أن ينتظروا خمسين عاماً (مجرد التفكير فقط) لكن كان الانتصار في 1973، وقال عبود: الأمر الآخر من قرأ مقدمة المؤتمر القومي الثامن عشر يدرك نظرة الرئيس حافظ الأسد إلى موضوع الوحدة, وتأكيده على أن الوحدة تقدمية، مشيراً إلى التجربة الوحدوية التي كانت قائمة في ذاك الوقت بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية, ومتحدثاً عن الاستفادة من رأس المال الوطني: كيف يمكن أن نوظف رأس المال الوطني في سورية في القضايا الاقتصادية, وأكد سيادته على أهمية الاقتصاد وعلى التضامن العربي مع العرب بقوله: يجب أن نتناسى التناقضات الثانوية بين الدول العربية لصالح التناقض الرئيسي الذي هو مع إسرائيل، وأشار المحاضر أن هذه الرؤية هي التي ساعدت على إنجاح حرب /1973/ وأشار أيضاً إلى كيفية إدارة الرئيس حافظ الأسد لموضوع  الحصار الاقتصادي بعد كامب ديفيد, وكيفية تعامله مع الأزمات اللاحقة لتبقى سورية موحدة وقوية وجيشها متماسك. كما تحدث عبود عن الإنجازات الكثيرة للرئيس حافظ الأسد, وعن الأسس الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي أرساها, وعن محورية الدور السوري, وعن سورية القوية القادرة على تحقيق وجودها دون الاستناد إلى ما كان يسمى سابقاً حلف بغداد أو الاتجاه المصري السعودي، وقال عبود: إن سورية هي حافظ الأسد الذي أمسك باللحظات التاريخية الهاربة ليكون قائداً استثنائياً, ولتكون سورية دولة محورية قادرة على إرساء قضايا السلام والحرب, وأن تظل القضية الفلسطينية هي المحور والقضية المركزية للعرب، واختتم المحاضر سليم عبود حديثه بالقول: إذا قرأنا قراءة سياسية واعية نرى الرئيس الراحل حافظ الأسد اليوم هو القوة الخفية, هو القوة الكامنة في حياة السوريين في أرواحهم وفي إرادتهم وفي صمودهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي,  وصمودهم العسكري لأنه لو لم يكن الرئيس حافظ الأسد قد أنجز مسألة الأمن الغذائي, وأقام السدود والجامعات والمدارس والأفران الآلية ومؤسسات الحبوب والقطاع العام, والمنشآت في كل مكان, وبنى الجيش العقائدي المؤمن بوطنه وبعروبته وبالقضية الفلسطينية, لولا هذه الإنجازات كيف سيكون حال سورية اليوم.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار