مهرجان اللاذقية للتراث في عين البيضا والدعتور

الوحدة : 26-11-2020

 ليس لغير متحف التراث في مركز ثقافي عين البيضا أن يكون افتتاح مهرجان اللاذقية للتراث حيث يجلس الماضي ويرتاح مطمئناً وسط جلبات العصر وتقنياته التي تتلاشى أمام عظمته رغم بساطته فالأصالة فيه عنوان . برهان حيدر أشار في حديثنا معه إلى زيارة المتحف فقال : في مركز عين البيضا الثقافي بدأت أولى فعاليات مهرجان اللاذقية للتراث برعاية الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة والذي تقيمه مديرية الثقافة بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية وتم افتتاح متحف الباحث برهان حيدر وتشغيل الحرف اليدوية التراثية بحضور حشد كبير من المسؤولين في الثقافة وغيرهم من أهل القرية والمهتمين، حيث تمّ الاطلاع على الحرف اليدوية أثناء تشغيلها من قبل ناسها المختصين نذكر منها : قشر البرغل على الباطوس في حديقة المركز بطريقة حرفية وتراثية، كما قام حرفي آخر بحل الحيري جذبت عيون الناس عليه ليلتفوا حوله ويروا خيوط الحير التي تفتقدها أسواقنا، وأيضاً حرفة غزل الحرير لأجل تقوية الخيوط، ثم تخريج المناديل الحريرية التي لطالما كانت تاجاً على رؤوس النساء، بالإضافة إلى نسج الحصر وتقشيش الكراسي وصنع الناي وصناعة الملاعق الخشبية وحياكة أو نسج القفر والسلال (القراطل) ونسج صواني القش وأيضاً كانت حرفة دق قشر الحنطة وحرفة تصنيع المواد الغذائية تراثياً (عصير الخرنوب، دبس الخرنوب والرمان.. والصابون ) وأخيراً حرفة إخراج زيت الغار والذي يناسبه هذا الفصل واليوم لأن حبات الغار تكون قد نضجت واكتملت بلونها الأسود المكتنزة بمادة الزيت ليتم استخراجه من خلال غلي الحبات بالماء على النار حيث يطفو الزيت على سطح الماء ليتم جمعه بالملعقة الخشبية الكبيرة وتصب في وعاء حتى آخر قطرة منه، وزيت الغار يستخدم في صناعة الصابون وله رائحة منعشة . المتحف في حالة تجدد مستمر ونأتي إليه بكافة المقتنيات التي نسمع عنها لنقوم بشرائها من أصحابها وتجميعها في المتحف عسى أن تكتمل صورنا فيها، وهو ما يدفعنا دائماً لتغيير طريقة العرض بمجموعات تصور الحالة أو العمل الواحد واحتياجاته من الأدوات مثل : أدوات (الدريس ) أو درس الحبوب تضم مجموعة من القطع والمعدات عرضت بجانب بعضها (النورج أو المرج، المذراة بنوعيها الخشبي والحديدي، معقالة الدريس، الكدانة التي كانت توضع على رقبة الدابة لحمايتها من الجروح، عصا الدريس التي تبعد الحبال عن الدابة كي لا تتأذى نتيجة الاحتكاك، البلانة التي يتم فيها تكنيس البيدر والحبوب، مجرفة لتجميع الحبوب في كومة واحدة وأيضاً المكيال القديم تتسع لما يعادل 16كغ من القمح و…. وهكذا بقية المجموعات كمجموعة (الحصاد، الفلاحة ..وغيرها . بعدها في يوم آخر جاءت فعالية ألعاب الأطفال واليافعين التراثية والتي أقامها وأشرف عليها الأستاذ حيدر نعيسة مع أهل ملتقى القديل حيث أقيمت هذه الفعالية في حارة المزار بالدعتور كما يقول, وعلى أرض مساحة واسعة زينت بالأعلام والرايات والخالية من البناء والإسمنت تحاكي الطبيعة والمواقع التي كانت تقام فيها بالأرياف قبل دخول الآلة والتقنيات وتغير أنماط المعيشة وألوان الحياة وقبل الزحف الثقافي من كل مكان، كان الطقس مناسباً وحوله أجواء الريف البديع بحضور كريم من كبار السن كما الصغار مشاركين ومتفرجين لتلتقي ثلاثة أجيال ( أجداد وأبناء وأحفاد) فيتحقق الغرض المنشود من المبادرة من خلال الدمج بين الأجيال، الأجداد الذين عادوا لنا بذكرياتهم .هذه الألعاب ليضج الحنين إليها بين المتنفس والأضلاع ولم يكن لها موعد عندهم ولا مكان ومن حضر منهم كان لاعباً لا محال مهما كثرت الأعداد أو قلت، وقد علت الزغاريد والهتافات كل حين للمنافسة والتشجيع لتختم الفعالية بالموسيقى والأناشيد ومقاطع غنائية بصوت العندليب الفنان علي حيدر . من جملة الألعاب التي تنافس فيها أكثر من عشرين يافعاً وشاباً ولكل لعبة قواعد وحساب من نقطة البداية وحتى النهاية بين رابح وخاسر : التكرعة : ولعلها الأصل الشرقي للعبة الهوكي والغولف التي تنظم لها البطولات العالمية . القواميع : هي جذر لعبة الدومينو الحديثة ، لعب اليوم ثلاثة شباب وقابلهم بالطرف الآخر ثلاثة ، وهنا لا عدد محدود للاعبيها . لعبة شد الحبل أو الركض وقد طبقت فيها حالة قصب السبق كما كان الأجداد يفعلون . التزنيد أي المعادل لمصطلح (رفع الأثقال( عشرات الشباب والفتيان من مختلف الأعمار تباروا وشاركوا في كل الألعاب وقد ظهر بينهم الشاب الصغير محمد المصري بتميزه واندفاعه . وأحبّ أن أذكر بالقائمين بالفعالية وهم أهل ملتقى القنديل الثقافي الذي انتقل بمقره مؤخراً إلى مسكن رئيسه القريب من المزار في الدعتور . من لقاءات قمنا بها لرصد الأجواء : الشاب غدير مسطو أحد المشاركين بالألعاب وهو بالصف الحادي عشر قال : شعرت بتحد كبير فحملت بعض الوزنات بيد واحدة لكن الوزنة الأخيرة تفوق عشرات الكيلوات وصلت يداي بها إلى مستوى الصدر وكان فيها الإعجاز، مع أني أتدرب في نادي الحديد . الجد عيسى مسطو بعمر التسعين كان قد تذمر في مكانه وأبدى لنا انزعاجه من لباس اللاعبين و أجواء الألعاب والمباريات التي وجد فيها بعض الحركات والاختلاف عما كان يقوم به ورفاقه في ذاك الزمان، وبدأ بسرد الصورة التي شهدها بتاريخ تلك الأيام والعين تغص بالدمع والفم شهد وسكر يبتلع أحلام وتتجلى على الوجه إشراقاً وبهاء. السيد أديب علوني _بعمر الستين من خلف نظارته يرصد حركات الأولاد ويقول : يقسم الشباب لفريقين وكل منهما يضم (5_6) شباب ليبدؤوا بشد الحبل بعد 5 أمتار من عقدة توسطته ويكون آخر لاعب أكثرهم وزناً وأقواهم ليكون نقطة الثقل لفريقه كما كان يلف نهاية الحبل على خصره كالقفل وثق عزيمته فلا يفلت منه بغير الفوز وهو ما كان بالفعل مع فريق الصنوبر الذي سجل الفوز.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار