ربما يدهشك أحد أطفالك بقصة شيقة حدثت معه ،في المدرسة وهو برفقة أصدقائه ، كأن يقوم أحدهم بصفعه أثناء الفرصة ، وتجده منفعلا ومتفاعلا أثناء سرد أحداث قصته الكاذبة ، الأمر الذي يجعلك تتعاطف معه وتنفعل بسبب ما قام به هذا الطفل .. عندما تقرر التحقق من الأمر ، لكنك تتفاجأ بأن أيا من الأمور التي تحدث عنها ولدك لم يحدث .. فما هي ردة فعلك كأهل .. .
لمعرفة أسباب وحيثيات الكذب عند الأطفال سألنا المرشدة الاجتماعية ميس العلي .. حيث قالت : الأطفال غالبا يكذبون بلا شك، فعندما ينكرون أنهم فعلوا شيئا بشدة، فتأكد أنهم قاموا بذلك ، وهم يكذبون في أكثر الأحيان للحصول على شيء يريدونه، أو تجنب شيء لا يريدون فعله، ويكذبون أيضا لجعل أنفسهم أكثر إثارة للإعجاب ، ربما تجد كذبة عادية حول سبب عدم القيام بالدراسة وكتابة الوظائف المدرسية أو تخريب أثاث في المنزل وإلصاق التهمة بالأخ الصغير .
ويبدأ الأطفال في إتباع تلك العادة لإخفاء التجاوزات التي يمارسونها، علما أن الجميع يعرف أن الصدق يُنجي، وأنه صفة يجب غرسها في أطفالنا، علما أن قيام الطفل بالكذب دليل أنه يفهم أن الآخرين لديهم أفكار مختلفة مما هي عليه، فالجواب المُختصر عن تساؤل، مثل لماذا يبدأ بعض الأطفال الكذب في سن مبكرة ، وما الفرق بينهم وبين أقرانهم الأكثر صدقا؟ هو أنهم أكثر ذكاء..
مهارات أكثر
وعرفت العلي الكذب عند الأطفال بأنه ظاهرة صحية ، تدل على التطور العقلي لديهم، فالطفل الذي بدأ الكذب في سن الرابعة، أفضل في مهاراته الاجتماعية من قرينه الذي فعلها في وقت لاحق.
ويطور الأطفال مهارة الكذب في عمر السادسة أو السابعة عندما تتطور “الذاكرة العاملة” لديهم، وهي المسؤولة عن جعل كذبته أكثر معقولية، وتذكر معلومات عن كذبته، واسترجاعها في حال سئل عنها لاحقا، وكلما تطورت تلك الذاكرة كانت كذبته أكثر معقولية.
كما يطور الأطفال مهارات الكذب لتصبح مستقبلا مصدر قوة اجتماعيا وتجعلهم أكثر قدرة على المجاملة والتودد إلى الآخرين أو ما يعرف بالكذب الأبيض.
وأضافت : لو استمر كذب الطفل هل معنى ذلك أننا نشجع على الكذب، بالطبع لا، وهناك بعض الخطوات التي يجب إتباعها في حال تعود الطفل على كذباته الصغيرة: الثناء عليه ومدحه إذا قال الصدق، فهذا يعتبر أكثر فاعلية، و استخدام أسلوب المكافآت والتخلي عن الضرب أو التعنيف هو الأسلوب الأفضل، فالضرب يؤدي إلى نتيجة عكسية، ليُصبح الطفل أكثر مهارة في ممارسة الكذب، فهو لا يعرف أن ما يقوم به خطأ.
إضافة إلى الاستغناء عن قصص الأطفال، التي تحذر من المصير المشؤوم للكذابين لأنها تفشل في إبعاد الطفل عن الكذب، ويمكن التعويض عنها بالقصص التي يقابل فيها الصدق بالاستحسان.
ومن المهم أن نجعل الطفل يعرف مدى شعورك بالإحباط عندما لا يخبرك الحقيقة، لتعزيز فكرة أن الكذب يمكن أن يضر بمصداقية الشخص وعلاقاته.
وأكدت على أهمية عدم نعت الطفل بالكاذب ومحاولة معرفة الأسباب التي تجعله لا يقول الصدق، ففي هذه الحالة سنحصل على الحقيقة و سنجمع معلومات قد تساعدنا في تعزيزها مستقبلا.
ومن المهم تعزيز مشاعر الحب غير المشروط، فآخر شيء يريد الأطفال فعله هو أن يخيبوا آمال آبائهم، ولهذا السبب علينا أن ندعهم يعرفون أنه على الرغم من أننا قد لا نحب سلوكهم في بعض الأحيان، لكن لا يوجد شيء من شأنه أن يغيّر محبتنا لهم.
ونوهت إلى أنه من الممكن معالجة عادة الكذب عند الأطفال من خلال مساعدة الوالدين أطفالهم على فهم الآثار السلبيّة للكذب، وبيان دوره في انهيار ثقة الناس ببعضهم البعض، وإلحاقه الأذى بمشاعر الآخرين عندما يُدركون أنَّ الشخص الآخر يكذب عليهم، وشرح إمكانية تعرّض سلامة الشخص للخطر عندما يكذب بشأن أمرٍ قد يؤذيه، وغيرها من النتائج السلبيّة للكذب .
العقاب الفعّال
وأضافت : يعد العقاب عنصراً مهمّاً لمعالجة الكذب عند بعض الأطفال، بشرط أن يكون عقاباً فعّالاً وغير مبالغ فيه, لأنّ العقوبة بطريقةٍ خاطئةٍ تُشعر الأطفال بالظلم بدلاً من التفكير بخطئهم، كما ينبغي تجنّب الغضب، والصراخ، والتهديد، ويكون اختيار العقوبة فعّالاً بعد منح الطفل وقت لمراجعة نفسه, كتكليفه بمهام إضافيّةٍ للقيام بها، أو حرمانه من بعض الامتيازات، أو مطالبته بحلّ ما تسبّب به من مشكلات..