حرائق الغابات وآثارها البيئية والاجتماعية والاقتصادية

الوحدة : 27-10-2020

أقام قصر الثقافة في بانياس محاضرة بعنوان (حرائق الغابات وآثارها البيئية والاجتماعية والاقتصادية) ألقاها الدكتور محمود علي أكد فيها أن تشكيل الغابات يحتاج إلى مئات وربما إلى آلاف السنين وبالطبع للغابات فوائد عديدة فهي ليست مجرد أشجار ومناظر خلابة بل تحوي نباتات عديدة مفيدة وأشار إلى أحد الدراسات التي أجريت في الهند والتي بينت أن شجرة حراجية بعمر ٥٠ عاماً تقدم خدمات للإنسان خلال الـ ٥٠ عاماً تعادل حوالي ٢٠٠ ألف دولار، وهذه الخدمات تشمل إطلاق الأوكسجين وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون وتنقية الهواء من الملوثات، تكوين التربة وصيانتها والمحافظة على خصوبتها وتغذية المياه الجوفية، إضافة إلى إطعام وايواء بعض الحياة البرية وهنا لم يدخل في الحسبان قيمة الخشب لأن الخشب يشكل 10% من قيمتها إذاً كم تبلغ خسارتنا جراء الحرائق التي حصلت، وتابع قائلاً: يحدث حوالي 50ألف حريق سنوياً في منطقة البحر المتوسط متسببة بأضرار لحوالي 0،6 إلى 1 مليون هكتار وسطياً كل عام وفي سورية يحدث وسطياً 232 حريقاً في السنة ويدمر حوالي 1000-1500 هكتار وتنتج عن هذه الحرائق موت وجرح البعض وفقدان المنازل والممتلكات، وتعرية التربة وانجرافها وما ينتج عن ذلك من عواقب بيئية واقتصادية، أيضاً تلوث الهواء والمياه السطحية والجوفية بالإضافة للتلوث النظري، وموت بعض الحيوانات البرية وحرمان بعضها من المسكن، كما أنها تؤثر سلباً على التنوع الحيوي، أما فيما يتعلق بالخسائر الاقتصادية الناتجة عن حرق واحد هكتار من الغابات السورية فهي تزيد عن 3000 دولار موزعة بين قيمة العسل والمواد العلفية والنباتات العطرية والطبية بالإضافة لقيمة المنتجات الأخرى للغابة (أحطاب وثمار…) أيضاً قيمة ثاني أكسيد الكربون الممتص وتكاليف حماية مساقط المياه من الانجراف التي تؤمنها الغابات، كذلك الخسائر الناتجة عن انجراف التربة وتكاليف إعادة تأهيل واحد هكتار، ثم تحدث بعد ذلك عن بعض الآثار البيئية الناتجة عن الحرائق ومنها الحصول على نواتج وخاصة co2 الضارة بالصحة ولكن الخطورة الفعلية تأتي من الجزيئات الصغيرة التي تتضمن العديد من المواد الكيميائية وهذه الجزيئات تكون ذات أقطار صغيرة  دون 2,5 ميكرون تنتقل إلى مسافات بعيدة وتصل إلى الرئتين، وخلال الحرائق فإن الأشخاص المتواجدين بالقرب منها يتعرضون بشكل متزايد لمشاكل الجهاز التنفسي السفلي (القصبات وما دون)، وعن كيفية خفض هذه الأضرار على الصحة العامة فقال: توصي المنظمات المعنية بالصحة الحكومات باتخاذ الإجراءات التالية عند تعرض المجتمعات لأدخنة حرائق الغابات الشديدة البقاء في المنازل، و تقليص النشاط الفيزيائي و الامتناع عن التدخين، أيضاً استخدام فلاتر الهواء والكمامات، وإخلاء الأشخاص الحساسين إلى ملاجئ الطوارئ، انتقل بعدها الدكتور محمود للتحدث عن العلاقة بين الحرائق ومعالجة الأمراض النفسية  وأكد أن الغابات تساهم في تحسين الصحة البشرية والعقلية لدى روادها وتخفف من القلق والتوتر كما تساهم بمعالجة الأمراض النفسية فيزيائياً ونفسياً أو اجتماعياً وعندما تحترق الغابات فإننا نفقد فرصة الاستفادة منها في معالجة بعض الأمراض النفسية، وفيما يتعلق بتأثير الحرائق على بعض عناصر المناخ قال كما هو معروف للغابة تأثير ملطف على المناخ وتحد من حركة الرياح كما تكون الرطوبة الجوية أعلى تحت الغطاء النباتي وتخفض نسبة الإشعاع التي تصل إلى سطح التربة بنسبة تتجاوز 35% في الغابات المتوازنة، وبالتأكيد للحرائق تأثير على التربة فالتربة  تتشكل تحت تأثير مشترك لكل من المناخ، الكائنات الحية، الصخرة الأم، والطبوغرافية وذلك  عبر فترة طويلة ويؤدي الحريق إلى زوال الغطاء النباتي، كما يؤثر سلباً على المناخ الموضعي وبما أن الأشجار الحراجية تعمل على تثبيت التربة والمحافظة على خصوبتها لذلك سيؤدي زوالها إلى انجراف التربة وانخفاض خصوبتها وهنا يجب الإشارة إلى أن تشكل 1سم من التربة يحتاج ما بين 75 إلى 350 سنة، وفيما يخص المياه الجوفية فإن غياب الغابة يخفض كمية المياه التي تمر ضمن التربة لتغذي المياه الجوفية لتسيل بدلاً عن ذلك على السطح جارفة معها التربة، أخيراً تحدث عن تأثير الحرائق على المجتمعات المحلية وعلى الدولة فقال تؤدي الحرائق إلى موت الأشجار واستهلاك جزء من الأخشاب وانخفاض القيمة الاقتصادية للخشب المتبقي كما أنها تؤدي إلى تلف بعض النباتات  الطبية والمأكولة التي يستفيد منها السكان اقتصادياً نضيف إلى ذلك تجهيز وتدريب عمال لمكافحة الحرائق يقابله كلفة اقتصادية وتزيد الأضرار الفيزيائية من حساسية الأشجار لمهاجمة الحشرات والأمراض، يتضح مما تقدم أن للحرائق انعكاسات اقتصادية واجتماعية  وبيئية كبيرة على المجتمعات المحلية وعلى الدولة.

رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار