من العقم إلى الحلول.. طفل الأنبوب وشروط الوجوب!

الوحدة : 15-10-2020

كثير من المشاكل والخلافات الزوجية تتنوع أسبابها والتي قد تودي بالطرفين للانفصال والطلاق في حال عدم النضج الثقافي والفهم الصحيح للظروف التي قد تقف بالمرصاد أمام علاقتهما لتصبح هشة معرضة للدمار في كل اللحظات

ويعتبر العقم (عدم الإنجاب) من أصعب المؤثرات السلبية على استمرار ونجاح العلاقة الزوجية لعدد كبير من الأشخاص الذين أثقل كاهلهم البحث المستمر عن الأمل لاكتساب ونيل لقبي الأبوة والأمومة التي يحلم بها الجميع.

لم يكن أمام السيدة فاديا إلا الصبر والتحري عن الحلول لعلاج مشكلتها الصحية التي أثبتت بعد الكشوفات الطبية بأنها غير قادرة على الإنجاب مبينة أن عمر زواجها قد تجاوز عشر سنوات ولم تتمكن من الوصول لأي نتيجة مشيرة إلى أن زوجها يؤيدها بأخذ أدوية والمتابعة مع الطبيب لعل وعسى تحل مشكلة العقم لديها إلا أنه يرفض رفضاً قاطعاً فكرة زراعة طفل أنبوب لتنهي كلامها بعبارة تتخللها حرقات تتلهف للأمومة  قائلة (يا ليته يقتنع زوجي بفكرة طفل الأنبوب، لن يبقى لدي هم، آه كم أتمنى سماع كلمة ماما كبقية النساء المتزوجات)

أما السيدة خالدة فتقول: لقد خسرت كل شيء بسبب مشكلة العقم التي عانيت منها  سنين طويلة بعد زواجي فلم يتقبل زوجي فكرة حرمانه من الأبوة  فتزوج  بامرأة أخرى والتي أنجبت له ثلاثة أطفال أما أنا فكم أشعر باليأس فقد خسرت زوجي  وانفصلت عنه وحرمت من الأمومة التي تتمناها جميع النساء ولكن الحمد لله على كل شيء إنها مشيئة الله.

لم يكن بمقدور ليلى  التخلي عن زوجها بعد أن أكدت  الفحوص الطبية عدم قدرته على  الإنجاب فسردت لنا  معاناتها الطويلة مع زوجها الذي أصيب بحالة نفسية صعبة عند إخباره من قبل الطبيب بعدم القدرة على الإنجاب لكنها بقيت إلى جانبه وشجعته على العلاج ورغم عدم وصولهما لحل لم ييئسا وهما الآن يفكران بزراعة طفل أنبوب في أقرب وقت ولم تتلق  ليلى أي رفض من زوجها حول هذه الفكرة بل هو فرح بهذا الحل حسب قولها.

وحول هذه القضية المتشعبة التي لها تأثيرات مختلفة ومهمة على قوة  العلاقة الزوجية واستمراريتها من جميع النواحي وجب علينا الانتقال من مدرجات الحياة الزوجية التي تعج بحالات مختلفة بما يخص موضوعنا والتوجه إلى منصات الأطباء والمختصين لطرح الحلول أمام من يتوقون إلى الأمومة والأبوة.

الدكتور محمد الأشتر (اختصاصي الإخصاب المساعد وعلاج العقم وأطفال الأنابيب) بين لنا أن العقم هو فشل الزوجين في تحقيق الحمل بعد مرور سنتين على الزواج وتتوزع أسبابه على الزوجين بنسبة خمسين بالمئة لكل منهما وبالنسبة للأسباب الذكرية متعلقة بمواصفات النطاف في السائل المنوي من عدد وحركة وآفات شكلية أما الأسباب الأنثوية فهي إما مبيضية كقصور المبيض أو المبيض متعدد الكيسات أو أسباب رحمية كالرحم الطفلي أو تشوهات الرحم الشكلية أو الآفات الكتلية في الرحم أو أسباب نقلية كانسداد البوقين واستسقائهما الناجم عن التصاقات جراحية سابقة أو داء البطان الرحمي الهاجر أو الاندومتريوزيز.

وأضاف الدكتور الأشتر أنه في الحالات البسيطة يكون العلاج بسيطاً من أمثال تحريض الإباضة وتحديد مواعيد الجماع أو إجراء حقن السائل المنوي بعد تنشيطه في التجويف الرحمي قريباً من فوهات الأبواق وفي الحالات الشديدة قد نضطر لإجراء تنظير بطن وباطن رحم لتأكيد التشخيص والانتقال إلى عمليات الزرع أي (طفل الأنبوب).

وعزا الدكتور محمد سبب الإقبال الكبير في الآونة الأخيرة على إجراء عمليات طفل الأنبوب نتيجة للنجاح الذي بلغت نسبته حوالي خمسة وسبعين بالمئة مع التطور العلمي الباهر في الأدوية والطرق والأوساط المستخدمة وبسبب رخص الإجراء في بلدنا مقارنة مع الدول المجاورة وإمكانية تحديد جنس المولود موضحاً أن نسبة النجاح العالية ليست ضمانة لحدوث الحمل لدى الزوجين الذين يرغبان بمثل هذا الإجراء وأن الفشل وارد في بعض الحالات وهنا يكون دور الطبيب مهماً في تقليل نسب الفشل باختيار الأدوية المناسبة واصطفاء الأجنة المثالية للزرع ومنابعة المريضة بعد الزرع بالمثبتات الحملية اللازمة.

وعن الفرق بين الطفل المولود طبيعياً وطفل الأنبوب قال الدكتور الأشتر: الأطفال المولودون في عمليات الإخصاب مثل الأولاد المولودين طبيعياً ولديهم نفس نسب التشوهات الخلقية بل أننا في أطفال الأنابيب يمكن تجنب بعض التشوهات إذا كانت متوقعة وذلك من خلال إجراء دراسات وراثية قبل التعشيش واصطفاء الأجنة الطبيعية لزرعها موجهاً رسالة لجميع الأزواج الذين يعانون من تأخر الإنجاب أن يبادروا لإجراء الزرع بأعمار صغيرة وعدم ترك هذا الحل للأعمار المتقدمة لكي لا تؤثر على نسب النجاح متمنياً الصحة والعافية للجميع.

الأخصائية الاجتماعية نهلة خضيرة  ترى أن الوعي هو المنقذ للطرفين في حال  وجود حالة عقم لدى أحدهما مشيرة إلى العادات والتقاليد التي تميز مجتمعاتنا الشرقية والتي من شأنها أن تجعل المرأة هي الحلقة الأضعف كتفضيلها الاستمرارية بدون أولاد في حال وجود مشكلة عقم على الطلاق مبينة أن حالات العقم تأخذ أشكالاً مختلفة ونتائجها  مرتبطة بمستوى تفكير واستيعاب الزوجين وتأثير البيئة المحيطة من الأهل والمجتمع والأصدقاء والأقارب وغيره، ففي حالات معينة قد تكون المشكلة من الزوجة غير القادرة على الإنجاب وهنا يمكن أن يتقبل الرجل الموضوع ويرضى بما قسمه الله لهما إلا أن تأثير الأهل والمجتمع قد يجعل المرأة تعيش حالة من التوتر والخوف والقلق من تأثر زوجها بكلام الآخرين وبالتالي زواجه بأخرى وهذا القلق قد يتولد منه حالات نفسية صعبة ومتطورة قد تظهر بأشكال مختلفة كالنكد والمشاكل مع الزوج أو محاولتها تفليس زوجها بأي طريقة لمنعه من الزواج وغيره من تصرفات غير سوية نتائجها وخيمه على الزوجين والمجتمع، وهناك حالات أخرى قد يكون فيها  الزوج هو العقيم فيصبح متجبراً يمارس القسوة غير المبررة على زوجته بسبب شعوره بالنقص والحرمان من قدرته على الإنجاب أسوة ببقية الآباء فينتابه إحساس بتفوقها عليه أو يكون مستكيناً يسعى لإرضاء زوجته فيتقبل منها كل شيء كونه هو المسبب بحرمانها من الأمومة.

وتضيف الأستاذة خضيرة: قد يكون السبب من الطرفين معاً وهنا المشكلة توحدهما وتكون نسبة التعايش فيما بينهما كبيرة لأن المعاناة واحدة لتبدأ مرحلة البحث عن الحلول كزراعة طفل أنبوب منوهة إلى أن زراعة طفل الأنبوب هو حل منطقي ويعالج المشكلة من جذورها.

الشيخ إبراهيم يوسف خطيب جامع في مديرية أوقاف اللاذقية يقول: يوجد بعض الطرق المحرمة شرعاً لزراعة طفل الأنبوب والتي لا يجوز اللجوء إليها كأن تتم عملية  التلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبيضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته أو أن يتم التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبيضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة أو يكون التلقيح خارجي بين بذرتي زوجين وتتم الزراعة في رحم امرأة متطوعة، فهذه من الطرق المحرمة والمرفوضة شرعاً لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية، منوهاً إلى الطرق الصحيحة شرعاً في زراعة طفل الأنبوب والتي تقوم على أخذ نطفة من الزوج وبيضة من زوجته ويتم التلقيح خارجاً ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته وهذه الطريقة لا حرج من اللجوء إليها عند الحاجة مع أخذ كل الاحتياطات اللازمة  وهي مسموحة شرعاً.

من الطبيعي أن ينتج عن العقم وعدم الإنجاب لدى الزوجين مشكلة قد يتولد عنها توترات نفسية وردود أفعال للطرفين ولكن المكوث أمام المشكلة مشكلة بحد ذاتها

لذا يتطلب من الزوجين الحكمة والوعي واستيعاب كل منهما الآخر مع استشارة الأطباء المختصين  للوصول إلى الحلول.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار