دور النشـــــــــر. . تســـــويق هنا وإحـــباط هـــناك

العدد: 9303

الأحد: 3-3-2019

الأديبة مجد حبيب: يجب علينا ألا نغفل عن دور الأدباء والمفكرين في إحياء النهضة الثقافية وأهمية امتشاق القلم كما البندقية في أصعب المراحل التي تمر على أزمتنا حالياً، وفي التاريخ نجد أمثلة شتى لرواد النهضة والذين كانوا من أهم عوامل دحر الطامعين والمستعمرين والمراهنين على جهلنا وتخلفنا، وفي سورية أعداد لا حصر لها من المفكرين والمثقفين المبدعين، لكن أين هم ولماذا لا نجد إلا القلة القليلة؟ وما الذي يؤدي الى إخفاء معالمهم وطمر طموحاتهم وأهدافهم وتطلعاتهم؟
إن السبب الرئيسي من وجهة نظري يعود لكثرة دور النشر الهادفة للكسب المادي لا أكثر، فهي ترهق الكاتب مادياً وتعمل على إحباطه نفسياً عندما ترفع من قدر كاتب ما لقدرته على تغطية نفقات الطباعة والنشر وتحبط آخر لعجزه عن دفع المبالغ الباهظة لقاء طباعة كتابه، بغض النظر عن قيمة الكتاب ومستواه الفكري واللغوي، وإنني أتحدث من خلال تجربتي وما نما إلى مسامعي من زملاء لي خاضوا نفس التجربة.
لماذا هناك قلة اهتمام بالمثقف السوري وعدم رعاية العقول وتبني أفكارها وآرائها؟ وإنني لا أعمم فقد كانت سعادتي كبيرة عندما نشرت مؤخراً رواية الخطايا في إحدى دور النشر، ووجدت في تلك الدار قيماً وأخلاقيات قلما نجدها في الوقت الحالي، فقد أبت الدار نشر روايتي قبل دراستها و الاطلاع عليها للتأكد من سلامتها النحوية واللغوية وقيمتها الأدبية، وتم طبعها على حساب الدار مما شجعني ورفع من معنوياتي أكثر، وهذا ما يجب أن يُطبق في كل دور النشر لتلافي دفن الثقافات والأفكار ولزيادة الوعي الفكري الذي يُعَد أصلب قلاع تحمي أسوار الوطن.
الأديبة د. ريم هلال: عديدةٌ هي الكتب الورقيّة التي صدرت لي، خلال زمن إبداعيَ الأدبيّ، وهذا ما عنى تنقُّلي من دار نشرٍ إلى دار، لكن بكلِّ أسفٍ، ما تعاملتُ مع واحدةٍ منها، إلا مُنيتُ بخيبةٍ غير منتظَرة، خيبةٍ تختلف عن سابقتها ومن ثمَّ عن لاحقتها، أحياناً بفعل أخطاء فنيّة أو طباعيّة، تمتدُّ عبر صفحات الكتاب دون أن تُستثنى حتى صفحة الغلاف، وأحياناً بفعل سوء التوزيع، وإيداعهم ما تبقّى بحوزتهم من نُسَخ، في الأدراج أو المستودعات أو في أمكنةٍ لم يعودوا يتذكّرونها، وأحياناً بفعل سوء تعاملهم الماديّ؛ فهم ينبغي أن يحظوا بحقوقهم الماليّة كاملةً، أما المؤلّفون؛ فلا بأس في عدم حظوتهم بفلس .. ولِمَ لا ؟! إذ أليست هذه المؤلَّفات بضاعتهم هم أصحاب دور النشر؟ بينما المؤلِّفون أصحاب العشرة بالمئة أو الأكثر بقليل؟ هذا إذا ما استطاع هؤلاء المؤلِّفون المغبونون دائماً تحصيلها. ما تعاملتُ مع دار نشر إلا أُصِبتُ بإحباطٍ وأيّ إحباط .. لذا أراني اتجهتُ في السنوات الأخيرة إلى النشر الإلكترونيّ، الذي فيه أُعِدُّ مؤلَّفي بنفسي بمساعدة من تساعدني وفق الصورة المُثلى، فنيّاً وطباعيّاً، دون إتاحة المجال لتسلُّل أيّ هفوة إليه، وفيه أحقّق التوزيع والوصول إلى القرّاء، بعددٍ لا نهائيٍّ من النُّسَخ، ووسْعَ الأرض، وفي سرعة الضوء. أما من الناحية الماليّة؛ فإذا لم يُكسبني هذا النشر الإلكترونيّ شيئاً؛ ألا يكفي أنه لا يخسّرني تلك المبالغ الفلكيّة التي عليَّ تأديتها لدور النشر ؟ شكراً تكنولوجيا.

د. رفيف هلال

تصفح المزيد..
آخر الأخبار