الوحدة 7-10-2020
لا يختلف اثنان على مدى الأهمية التي احتلتها هواية (المطالعة أو القراءة) على مر العصور في صقل آفاق المعرفة والاكتشاف والتقدم الذي نعمت به البشرية والمجتمعات، من خلال الاطلاع على الثقافات والحضارات الاستفادة منها في الحياة بمختلف جوانبها العملية والنظرية، لكن هل هناك فرق بين تعليم أطفالنا كيفية القراءة وبين تعليمهم حب القراءة وترسيخها كعادة أصيلة في سلوكهم وحياتهم اليومية؟ للإجابة على هذه الأسئلة نورد آراء مجموعة من الكتاب والأدباء حول هذا المفهوم. ففي حين يرى الكاتب ألبرتو مانغويل أن القراءة (مفتاح فهم العالم) ومن هنا تبرز أهمية المطالعة كأداة فعالة ورديفة للمنهاج الدراسي في تنمية مدارك الطفل المعرفية والوجدانية، فقد، أراد دانييل ويلينغهام الأستاذ الجامعي في تخصص علم النفس في كتابه (تربية الأطفال القارئين) أن يوضح الفارق الكبير بين تعليم الأطفال القراءة وتعليمهم أن يحبوا القراءة، وهو لا يتحدث عن أهمية القراءة من أجل الأسباب المعروفة (القراءة مثلاً تساعد الأطفال على الأداء بشكل أفضل في المدرسة أو الحياة)، بل يريد لأطفاله أن يحبوا القراءة، يقول: (بالنسبة لي، فإن القراءة تمثل قيمة عائلية، وأعتقد أنني أحصل على خبرات لن يتسنى لي الحصول عليها من أي مكان آخر إلا عن طريقها، وبالتالي فمن الطبيعي أن أريد لأطفالي أن يجربوا هذا الشعور) وهو يستخدم كتابه لرسم استراتيجيات للأهالي والمدرسين والقاعدة الأساسية عنده هي أن تكون الأسرة القدوة لأطفالها ويقول: أسهل طريقة للبدء هي وضع الكتب في الأماكن التي يمل فيها الطفل كثيراً، ويجب أيضاً الحرص على ألا توفر لهم الأسرة وسائل الترفيه الجاهزة في كل وقت، ومن واقع التجارب الحياتية نستطيع التأكيد على أن القراءة فعل مكتسب ومسؤولية الأهل تجاه أولادهم كبيرة جداً بتعويدهم عليها، أما الخطوة الأولى فتكون بإحاطة الطفل في السنوات الأولى من حياته بالكتب حتى يألفها.. وهنا يبرز دور الأهل بوضع كتاب في متناول يد الطفل، ومع نموه سيجعل الكتاب صديقاً غالياً، له مكانته ووقته خلال يوم وأعمال الطفل، وبالتالي سوف يعود له بشكل عفوي عند أوقات الفراغ، ولا نغفل في سياق حديثنا هنا دور المؤسسات والأندية الاجتماعية العامة والخاصة في تأصيل عادة القراءة عند أطفالنا وجعلها عادة متأصلة في سلوكهم وليس مجرد هواية أو نشاط يمارسونه في أوقات الفراغ، فجلسات القراءة الجماعية تجعل الأطفال يعيشون المتعة الموجودة في الكتب، وتساعدهم على تعلم وفهم لغة الكتب وتفتح أمامهم الخيال واسعاً لتمثل القيم والمفاهيم الموجودة فيها، ولأن القراءة تعدّ وسيلة تربط ما بين العقل والحياة فلا بدّ من العمل بشكل أكبر للتشجيع على القراءة وجعلها في مقدمة الاهتمامات التربوية والثقافية في مجتمعاتنا وبالتالي السعي إلى تنمية عادة القراءة والمطالعة لدى الأطفال وتحويلها إلى سلوك اعتيادي يرافق اللعب وممارسة الهوايات الأخرى ويواكب المنهاج الدراسي ويدعمه بالمعرفة والاطلاع على منارات ومناهل للعلوم بمختلف اختصاصاتها.
فدوى مقوص