الوحدة : 27-6-2020
نتاج الحياة متجسد في نظرة التأمل، وبريق القلب يلمع على ضفاف العيون، نواقيس الحياة تدق عندما تتحد الروح مع الجسد في رقصة الوجوه الكونية، هذه العبارات وعبارات أخرى من ذات الفنانة تصادفك في لوحات فنية تشكيلية على الزجاج، أو في أعمال من اليقطين، أو في مجسمات من مادة الفلين صغيرة كانت أم كبيرة لتشمل ديكور منزلها بالكامل، سواء في التصميم أو في التنفيذ ضمن صورة جميلة مبهرة، فهي معروفة بعملها في صنع الأسقف المستعارة والماكينات الضخمة حتى في تلبيس الحجر، وتزيين الجدران بالرسوم المائية.
الفنانة خريجة المعهد الفني أقامت الكثير من المعارض الفنية، وبالإضافة الى موهبتها الفنية تمارس رياضة اليوغا وتعمل مدربة، أيضا تكتب الشعر الوجداني، ولها منشورات عديدة في صحف متنوعة، باختصار هي متعددة المواهب، إنها الفنانة صفاء سعد، الوحدة التقتها ، ومعها كان حوارنا الآتي….
* ترددين دائماً: لا شيء مستحيل رغم ظروفنا القاسية (منقدر) كيف تترجمين هذا القول؟
** أنا إنسانة بسيطة صنعت من اللاشيء كل شيء يمكن الحياة بكل ما تحتويه من قساوة تعلم الإنسان أن يعتمد على نفسه، ويسعى لتحقيق ذاته، ويؤكد للعالم أن الأنثى قادرة على الصمود وتأكيد وجودها، بدأت مرحلتي بالحفر والرسم على الزجاج وكان معرضي الأول الذي سميته همسات الزجاج، واستخدمت مادة البهرجان مادة لونية أساسية في تشكيل الأعمال لأنها مادة براقة تنشر الدفء والتفاؤل فهي مريحة للنظر وتشد المتلقي للغوص أكثر في تكوينها، ثم استخدمت مواداً مختلفة منها اليقطين لأنني اكتشفت أنّ الإبداع العفوي النابع من هبة الله لا يقف عند مكان أو زمان أو المادة الحرفية التي يستخدمها الشخص لأنها في النهاية سوف تسخر له لتتحول بين يديه إلى أشكال وتحف وهياكل فنية. لذا انتقلت إلى تلبيس الحجر، وهي من العمال الشاقة التي تعتمد على زند الرجال من مبدأ (منقدر) أم لا؟ واكتشفت أننا نحن النساء (منقدر) إذا راهنا على الأمر، وحولت منزلي إلى واحة من الأعمال الفنية سواء في الرسم أو الديكورات المجسمة أو الأسقف المستعارة حتى تلبيس الحجر نفذته بنفسي وكنت سعيدة بعملي هذا، وهذا يعكس صدى نغمات كتاباتي التي ترنمت بها في جريدة الوحدة وصحف أخرى، فأنا أقول دائماً: لا شيء مستحيل رغم ظروفنا القاسية حتى أنني حققت حلمي أخيراً وهو ناد رياضي مصغر بإمكانيات متواضعة تحت شعار (منقدر).
* استخدمت نبات اليقطين ومادة الفلين في صنع مجسمات وديكورات متنوعة بأبعاد مختلفة لماذا اخترت هاتين المادتين بالتحديد؟
** اخترت مادة اليقطين في صنع مجسمات لأدخل التنوع على معرضي التي كانت تضم بالأساس لوحات فنية، وبحكم عملي واستخدامي للمشرط فقد طبقت هذه الأداة في الصنع رغم قساوته، أما بالنسبة لتحديد شكل وماهية العمل فهذا يعود إلى حركة المشرط بالدرجة الأولى، وقد استخدمت في التزيين البذور والتلوين المائي ومادة اللكر لحمايته من جهة، ولإضفاء البريق الذي يزيد من رونق العمل، مع حرصي على أن تكون معارضي تضم الشيء الجديد والمبتكر فانا بطبعي أكره الروتين، وأعشق التجدد دائماً، أما الفلين فهو شيء تكمن طاقتي الداخلية من خلاله، وينتابني شعور لا يوصف عندما أعمل به، وعندما أقرر البدء بعمل شيء من مادة الفلين فلا تكون هناك أية فكرة عن ماهية العمل، ولكن بمجرد اختراق المشرط لحبيبات مادة الفلين البيضاء يظهر العمل الفني أمامي، وقد نفدت الكثير من الأعمال المصنوعة من هذه المادة حتى منزلي كل ركن فيه (السقف، الحائط، المجسمات…) يعكس الحس الفني والجمالي فقد حولته إلى معرض فني وتطبيقي، وأنا سعيدة جداً بما حققته من أعمال نالت الإعجاب والتقدير من المتلقين والحمد لله.
* بداية مشوارك الفني كانت بالرسم والحفر على الزجاج تحديداً حتى معارضك تحملينها عشقك للزجاج مثلاً: همسات الزجاج – أحاسيس الروح في أروقة الزجاج وغيرها… ماذا تعني لك هذه المادة؟
** صحيح فأنا عندما حملت معرضي عنوان (همسات الزجاج) لسببين أساسيين: الأول أنّ الزجاج يحكي ويعكس فأنا أعتبره كائناً قادراً على التواصل مع الآخرين بمعنى آخر إذا نظر المرء في المرآة فهي تعكس حالته سواء أكانت فرحة أم حزينة، والسبب الثاني أن الزجاج مادة قاسية لكنها مطواعة لذا يستطيع الإنسان أن يعطيها لمسات تعبيرية حانية.
* تعملين كمدرية ومعروف عنك شغفك لرياضة اليوغا، ماذا تخبرينا بهذا الخصوص؟
بدأت رياضة اليوغا منذ سنوات طويلة على يد رئيس لجنة اليوغا العليا في سورية حينها المدرب مازن عيسى، واخترت هذه الرياضة تحديداً لأنها تعطيني قوة وهائلتين من الصبر والتحمّل والتأمّل، وأركز هنا على موضوع التأمّل لأنه يدخلني إلى عالم منعزل عن صخب الحياة وقساوتها فهما واحد بالنسبة لي, ويكملان بعضهما البعض، وأنا أحب هذه الرياضة ولوحاتي تعكس ذلك طبعاً كنت متدربة وأصبحت بعدها مدربة وأعتز بممارستي لهذه الرياضة الروحانية التي تجمعنا فكرياً بالخالق كما أعمل كمدربة في اللياقة البدنية.
* الشمس عنوان مخطوطك الشعري قيد الطبع ماذا عنه؟
** أحب الشعر كثيراً خاصة الشعر الوجداني الذي يلامس المشاعر, أحب سماعه وأحب كتابته فهو يخرج من المشاعر ليعود إليها عبر المتلقي وإحساسه والشعر باعتقادي هو المجسم لكينونة الإنسان, وما تنطوي نفسه وتخبئ بداخلها حيث تخرج بكلمات صافية إلى وجه الحياة ليلامس أحاسيس الناس وقد جمعت ما كتبته ونشرته في مخطوط شعري أتمنى أن يرى النور قريباً بإذن الله تعالى.
* كلمة أخيرة نختم بها حوارنا هذا…
**أتمنى أن تحمل لوحاتي وأعمالي التطبيقية فضاءات مبشرة, وأن تكون قريبة من وجدان المتلقي وتلقى الاهتمام, وتترك أثراً أتمناه طيباً في نفوس الآخرين وأتمنى الخير والسلام لوطني الغالي سورية بلد الحضارة والصمود, وبإذن الله تعالى ستعود سورية بلد الأمن والأمان كما كانت دائماً بقيادة وحكمة قائدنا الرئيس بشار الأسد الذي يقودنا دائماً للنصر وبهمة حماة الديار الأشاوس، أخيراً كل الشكر والتقدير والمحبة لصحيفة الوحدة على ما تقدمه من تفعيل للحركة الفنية والأدبية والثقافية في محافظتي طرطوس واللاذقية وريفهما.
رفيدة يونس أحمد