كثرة الملوثات البحرية ورمي النفايات والصيد الجائر أدى إلى ظهور القناديل البحرية على الشواطئ السورية..

الوحدة: 10- 8- 2020

 

تعد القناديل البحرية من الظواهر الطبيعية المرتبطة ارتباطاً تاماً بالتغيرات المناخية والتلوث البحري والصيد وغيرهما، وهي من أقدم الحيوانات الموجودة على الأرض وتتحرك في البحر المتوسط بشكل مستمر حيث تساعده تيارات الماء على انتقالها من مكان لآخر، وأمام الانتشار الواسع لقناديل البحر على السواحل السورية فقد أصبح هذا الأمر يشكل  هاجساً لكثير من مرتادي المسابح وصيادي السمك خوفاً من لسعتها المؤذية، وهو ما يستدعي وجود نقاط طبية في كافة المسابح الشعبية، كون المسابح الخاصة والفنادق تملك  نقاطاً طبية ومستلزمات معالجة للسعات القناديل.

في مادتنا التالية سنتحدث عن أثار القناديل البحرية على الشواطئ ومرتاديها وكيف يتم التعامل معها.

أحمد إبراهيم قال: يعد هذا الموسم من أسوأ المواسم الصيفية لأننا نظراً لكثرة القناديل البحرية التي ظهرت بكثافة على الشواطئ والتي جعلتنا لا نستطيع السباحة بشكل مريح، والجميع يعرف أن لسعة القنديل وخاصة للأطفال قد تكون قاتلة، وذلك في ظل غياب أية إجراءات من قبل الجهات المعنية لمنع قدوم القناديل إلى الشواطئ، فمثلاً لم نلحظ وضع أي نوع من الشباك حول الشط فخلال السنوات الماضية التي ظهرت فيها القناديل كانت إدارة المسابح بالتعاون مع الجهات المعنية توضع كل ما من شأنه الحفاظ على سلامة المواطنين أثناء السباحة، حيث كنا نلاحظ الشباك التي كانت توضع على بعد مئات الأمتار لتجنب دخول هذه القناديل إلى الشط أما في هذه المواسم فلا حياة لمن تنادي والجميع يهرع عند ظهور القناديل فوق سطح الماء فغياب المعالجة أدى الى تكاثر هذه الكائنات المؤذية بكثرة على الشواطئ.

وبدوره سليمان عثمان قال غابت المعالجة البيئية والبحثية وكل الجهات التي من شأنها حماية الشواطئ السورية، فلماذا لا نشهد وضع أسس وضوابط للسياحة لحماية رواد المسابح على أرض الواقع ولماذا غابت الإرشادات والتوجيهات التي من شأنها الحفاظ على السلامة العامة، ولماذا لا نلاحظ وجود شباك تحمي شواطئنا من دخول هذه القناديل إلى مسافات قريبة جداً.

ونوه إياد نجار خبير الغطس البحري بالقول: إن هذه الظاهرة تعد من المؤشرات الدالة على أثر التغيرات المناخية في دورة تكاثر الكائنات البحرية، حيث أن دورة الحياة عند القناديل عبارة عن طورين طور ثابت يبدأ من تشرين الأول وطور ثانٍ يتحول البوليب الصغير ليصبح على شكل القنديل العادي وأضاف بأنه من المتعارف عليه أن قنديل البحر تتكاثر خلال شهري تموز وأب لتعطي دورة حياة جديدة. وتظهر هذه القناديل خلال فترات زمنية متباعدة على شواطئنا حيث تقوم بحقن السم عن طريق الإبر اللاسعة المنتشرة بشكل كبير على زوائدها وتختلف شدة اللسع حسب نوع القنديل وحجمه فأحياناً تكون طفيفة ومتمثلة باحمرار وتهيج جلدي في المنطقة المصابة مع حك وانتفاخ وأحياناً تكون اللدغة متوسطة تتمثل بإصابة مرضية شاملة بكثافة أجزاء الجسم كصعوبة التنفس والغثيان والصداع وبشكل عام فأن هذه اللسعات يمكن مداواتها عن طريق التدخل الطبي.

قلة السلاحف البحرية

ولمعرفة الأسباب التي أدت إلى ظهور القناديل البحرية على الشواطئ السورية وماهي الإجراءات المتخذة حيال ذلك..؟! توجهنا إلى الجهات ذات الصلة للإجابة عن ما تم لحظه من آراء المواطنين عن مستوى الخدمات المقدمة.

بداية حدثنا أصف زيود مدير مكتب الصيد البحري في مديرية الموانئ بالقول: لا يمكن بأي طريقة معالجة انتشار القناديل البحرية أو صيدها، فإذا قمنا بصيدها ستظهر أعداد أكثر منها، فهذه القناديل لها مدة زمنية محددة تتمثل في عملية التكاثر وبعدها تهاجر، ومن المسببات التي أدت إلى ظهور القناديل البحرية على الشواطئ هي كثرة التلوثات البحرية وانعدام السلاحف البحرية فالسلاحف تقلل من أعدادها بشكل كبير نتيجة اصطيادها أو الهروب منها، وحول الصيد الجائر للسلاحف من قبل الصيادين والمراكب لفت بأنه يجب ترك هذه السلاحف فقد قلت أعدادها بشكل كبير كونها تتكاثر على الشواطئ الرملية الممتدة من جبلة مروراً بالشقيفات حتى شواطئ اللاذقية، وهناك سبب آخر يتمثل في انعدام التغذية البحرية لهذه السلاحف الهامة التي تحمي شواطئنا من أسراب القناديل القادمة فلا شيء يخفف القناديل كالسلاحف البحرية، وأيضاً الكثير من المواطنين وأصحاب المراكب والبواخر الذين يقومون برمي نفاياتهم وسط البحر دور في حدوث التلوث البحري ناهيك عن موضوع ملوثات الصرف الصحي التي تصب نهاياتها في البحر فهذه مشكلات بيئية من شأنها أن تؤدي إلى كثرة القناديل البحرية على الشواطئ.

الصيد الجائر وزيادة نسبة تلوث المياه  

الدكتور عبد اللطيف علي مدير عام الهيئة العامة للثروة السمكية في حديثه عن أسباب ظهور قنديل البحر في هذا الوقت من العام قال: نتيجة تعرض الشواطئ السورية للانتشار الكبير لقناديل البحر وجهنا لجنة فنية من الهيئة العامة للثروة السمكية بجولة فنية بحثية لدراسة ظاهرة انتشار هذه القناديل حيث لوحظ من خلال الجولة أن أغلب القناديل المنتشرة هي من قناديل البحر الرحال والقمري والهلامي، ويعد قنديل البحر الرحال rhopilema nomadica نوعاً مهاجراً من موطنه الأصلي في المحيط الهندي، وجديداً بالنسبة للبحر المتوسط حيث ظهر هذا النوع لأول مرة في المياه الساحلية السورية عام ١٩٩٥ ويعد من أكبر قناديل البحر المتوسط وأكثرها خطورة من خلال ما يسببه من أضرار جسدية للمصطافين على طول الساحل السوري إضافة لتأثيره على الصيد البحري من خلال تمزيق شباك صيد الأسماك بالإضافة لكونه يتغذى على بيوض الأسماك ويرقاتها مما يؤثر تأثيراً كبيراً في المخزون السمكي، وتنتمي قناديل البحر إلى شعبة اللاسعات وهي لا فقاريات وتشكل جزءاً من العوالق الهلامية الضخمة ويتكون الجسم في معظمه من الماء ولا تملك قناديل البحر أجهزة دوران أو تنفس أو إطراح، وتنتشر شبكة عصبية بدائية تشمل الجسم بأكمله وتساهم في تأمين تقلصات الحيوان المنتظمة وردود فعل متناسقة.

وعن أسباب ظهور القناديل  هذا العام في  أوضح د عبد اللطيف: يكثر هذا القنديل السام في شهور الصيف بشدة على السواحل في مواطنه الدافئة ولكن هذا العام ازداد بشدة نتيجة للعديد من الأسباب نذكر منها الصيد الجائر لأحد أعدائه الطبيعيين وهي السلحفاة البحرية والتي تتغذى عليه ويعود سبب موت السلحفاة كونها تأكل الأكياس البلاستيكية ظناً منها أنها قناديل البحر.

زيادة نسبة التلوث من المياه والذي زاد من حرارة البحار وجعلها دافئة ومناسبة لمعيشة هذا النوع من القناديل.

زيادة الملوحة في البحار، وعلمياً تزداد أعداد قناديل البحر خلال شهري تموز وأب من كل عام ثم يختفي ظهوره كلياً مع نهاية الصيف.

أما عن كيفية التعامل مع لسعة قنديل البحر فقد بين د. عبد اللطيف: في حال التعرض للسعات ينصح بالخروج سريعاً من المياه بمجرد أن يشعر باللسعة وغسل الأجزاء المصابة بمياه البحر وهي مهمة جداً، واستعمال الخل بحيث يتم وضعه على الأماكن المصابة واستخدام ملقط لإخراج كل ما هو لاصق على الجلد لأنه سيحفز المكان الموجود عليه إذا لم يتم إزالته، وضع ماء فاتر على الجسم كله أو على الأجزاء غير المصابة بعد أن تهدأ الأماكن المصابة ووضع كريم مهدئ على مكان الألم.

بثينة منى

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار