لمن نتوجه بأوجاعنا؟

الوحدة 21-7-2020  

 

لا يستطيعون ضبط امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية فيلجؤون إلى قطع الاتصالات والأنترنت في اعتراف رسمي بأن الكادر التربوي المشرف على هذه الامتحانات قد يبيع ويشتري فيها، ومع هذا سيصرفون لهذا الكادر مكافآت لأنه قام بعمله على (أكمل) وجه !

لم يستطيعوا ضبط رحلة الدخان الوطني من مؤسسة التبغ إلى المواطن مع أن (الحلقات) قليلة ومعروفة فكان الاختراع العبقري بالوقوف على الدور في منافذ بيع مستحدثة من أجل الحصول على علبتين يومياً، ناسيّن أو متناسين أن من ينتظر دوره للحصول على علبتي دخان هو موظف ترك دوامه، ويكرر الأمر يومياً!

لم يستطيعوا أو ربما لم يحاولوا منع استخدام الخبز لغير البشر، فأعادونا إلى نقطة الصفر، واخترعوا الحلّ الذكي ببيعه عبر البطاقة الذكية، وقلة أمكنة عرض الخبز، ما يزيد الازدحام على كوّات الأفران أو أمام الأكشاك المخصصة لبيعه، في وقت يزداد فيه تهديد وباء كورونا، والخوف من موجة تفشٍّ لهذا الوباء!

تدور سيارات البلدية في أحياء اللاذقية وهي تنفث دخانها الأبيض لـ (مكافحة) الحشرات مع تنبيهات عبر مكبرات الصوت ترجو من المواطنين التقيد بمواعيد وأماكن رمي القمامة، والسؤال: أين المخالفات التي سُجلت على من لم يتقيد بهذا (الرجاء) ولماذا لا نحوّل القوانين إلى (عصا غليظة) عند الحاجة؟

مشكلتنا نحن العاملين في القطاع العام دون استثناء وبالأخص من يدير هذا القطاع، هي أننا نهتم بالتقارير الورقية ونقنع أنفسنا أنها الصواب بعينه، بينما لو التفتنا إلى الواقع كنّا سنراه عكس هذه التقارير ومع هذا نبني ونؤسس على هذه التقارير!

يقنع أنفسهم القائمون على (الخبز) أن هذا الإجراء مثلاً هو الحلّ الشافي وعندما يلغى هذا الإجراء سيمجدون من قرر إلغاءه، وإذا ما عادوا إليه سيتغنون بـ (حكمة) هذه العودة؟

كل قرار عليه خاتم رسمي هو (قرار حكيم) من وجهة نظر القسم الأكبر من المديرين الذين لا يهمهم إلا الاستمرار على كراسيهم!

قربة مثقوبة!

نضع أنفسنا تحت المحاسبة في المقام الأول ممن نرى أنهم يستحقون المحاسبة مع أننا وأثناء محاولاتنا الجادة القيام بدورنا كإعلام نتعرض لمواقف ما أنزل الله بها من سلطان وتغلق في وجوهنا الكثير من الأبواب، وقد مللنا الإشارة إلى هذه التفاصيل، ومع هذا فإننا لم ولن نقصّر لكن ما يجب توضيحه هو أننا نحن جهة رقابية ولسنا جهة تنفيذية وينتهي دورنا عند تعرية التقصير والأخطاء وتقديم اقتراحات الحلول، ولسنا مخوّلين بالحلول ولا نمتلك أدواتها وهذا ليس دورنا.

حتى لو كانت (قربتنا مثقوبة) وهي كذلك معظم الوقت فسنبقى ننضح فيها، فبالدرجة الأولى نقوم بواجبنا وبالدرجة الثانية لن نتخلى عن إيماننا بهذا الدور، وثالثاً لا يمكننا أن نكون إلا صوت المواطن الذي ما زال يعاني..

بصراحة…

منذ فترة ليست طويلة جداً، وعند مدخل حي الزقزقانية عند دوار الجامعة، كانت تقف سيارة (مفيّمة) مغلقة المدخل الـ (غير نظامي) لهذا الحي البائس، وعندما بدأت السيارات القادمة من الحي (تزمّر) رفع سائق السيارة (المفيّمة) زجاج سيارته، واضطررنا للمرور فوق الرصيف (ومشي الحال) توقف عند الشرطي الموجود على بعد عشرة أمتار، وسألته: ألا ترى هذه السيارة، فقال بأسى: ألا ترى (الفيمة) ومن بداخلها؟ هل تريد أن تقطع رزق أطفالي!

ذكرت هذه الحادثة في مقال في حينه، وأعود إليها فقط لأسأل: من فرعن هؤلاء الفراعنة، وهل علينا أن نصدّق أنه لا مجال للتخلص منهم، وأن (العاقبة) على المستضعفين فقط!؟

شكوى (من قلب محروق) تخص المحلات التي بُنيت على أساس سوق شعبي في القرداحة ليكتشف أصحاب القرار أنها مخالفة لشروط (السوق الشعبي) والذي يجب أن يكون بسطات وليست محلات، وبالتالي كان القرار بإزالتها والسؤال: أين كنتم عندما كانت هذه المحلات قيد الإنشاء، ومن أعطاها (أمر الصب) وماذا عن جولاتكم السابقة لها، وماذا عن الأموال التي دفعها أصحابها، وإلى أين ستمضي الأمور فيها، شأنها شأن المخالفات التي تتخذ فيها قرارات إزالة، والأهم هنا أن (تُفقأ) العين التي أغمضت عند إنشائها لا أن يدفع أصحابها في الاتجاهين (لمن أغمض عينيه والآن خسارة ما تكبدوه لإنشائها) مع قناعتنا التامة بأن القانون لا يحمي المغفلين.

لا تقتصر ذاكرتنا على (الصور السلبية) ولا نبحث عن الخلل لنسلط الضوء عليه (مع أن هذا جزء مهم في عملنا) فنتذكر على سبيل المثال أننا تكلمنا بإيجابية كبيرة عن قرار وزارة الداخلية القاضي بعدم (اختباء) رجال المرور المزودين بـ (كاميرا) بين الأشجار وخلف المنعطفات، وطلبت منهم أن يكونوا مرئيين، لأن الهدف من الكاميرات ضبط السرعات وليس تسجيل المخالفات، ترى لو نعمل بهذه الروح ألن تكون النتائج أكثر إيجابية؟

من الآخر…

كلنا شركاء فيما نعانيه من تفاصيل صعبة، حتى في موضوع الحصول على علبتي دخان وجد فيها البعض تجارة أسرج لها زوجته وأبناءه، وبسّط فيما يحصلون عليه بالسعر (الأسود)!

إن لم نتخلص من سوئنا الداخلي، فسنجد على الدوام من يعكر حياتنا ويتسلى بتفاصيلها، ويعبث بها ولن نطرّز الآمال، ونعوّل على (الوعي) للخروج من هذه الأزمة الأخلاقية، لكن سنكتفي بالسؤال: كيف تصافح يداً تحاول اجتثاثك من الحياة؟

                                                                             غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار