الوحدة: 19-7-2020
مع صباح هذا اليوم ستفتح صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس جديد لنواب الشعب في أجواء باهتة لا تتناسب مع الحدث، ولا تعبر عن قيمته الافتراضية في تغيير واقع معيشي أنهك الجميع، وجعل الاستحقاق أقل أهمية بالنسبة لمن يشغلهم قوت يومهم عن أي شيء آخر.
ربما يفكر كثيرون بالتزام منازلهم وعدم استخدام حقهم في الاقتراع، وربما يقول كثيرون أن مجالس الشعب المتتالية لم تعبر عن همومنا، ولم تغير سطراً في حكاية حياتنا، فلماذا نتكبد عناء الانتقال إلى مراكز الاقتراع؟ وما الفائدة من انتخاب أشخاص لا نراهم إلا عندما تعلق صورهم على جدران الدعاية الانتخابية؟ هذه الشرائح تظن أن المقاطعة هي أفضل تعبير عن السخط، والاعتراض على مسيرة نواب الشعب، ولكن بالمقابل، هناك منطق آخر يعتد به، ويقارب وجداننا المقاوم، وإرادتنا الصلبة في الصمود وعدم الانكسار أمام من أرادوا قتلنا وسحق قرارنا ،وتحويلنا إلى رعاع ضمن مشروعهم اللعين.
هذا المنطق ليس منفصلاً عن الواقع، ولا يصنف ضمن إطار الكلام الإنشائي، لأن من ينوي تجاهل الانتخابات هو نفسه من باع مصاغ زوجته مع بداية الحرب لدعم اقتصاد بلاده، وهو ذاته من دفع بأبنائه لخوض معركة البقاء ضد الفئة الباغية وعملاء الشيطان، فالفعل كان واحداً لنفس الهدف، والهدف مازال يحتاج إلى المزيد من الإرادة والعزيمة، وما الانتخابات إلا فرع من أصل تعبيرنا المستمر عن رفض الخنوع والخضوع لإرادة من قتلوا أبناءنا، وأنهكوا اقتصادنا، ومازالوا يرسمون الخرائط، ويدبرون المكائد للسطو على مقدراتنا، وتحويلنا إلى مرتزقة على أبوابهم السوداء.
أمر واحد يجب أن يدفعنا للمشاركة بغض النظر عن قدرتنا على تغيير واقع العمل في المؤسسة التشريعية الأولى، فإن افترضنا أن الأمل مفقود في تصنيع مجلس على مقاس مطالبنا واحتياجاتنا، فعلينا أن نشارك لأجل أمر وحيد لا يقبل المساومة عند عموم الشعب السوري الصامد.
سنشارك لأن أمريكا تريد أن ترى صناديق الاقتراع خاوية… سنشارك لأن المحتل العثماني وزعيمه الإخواني، يريدانا أن نرفض الاستحقاق ونعكس أمانيه أمام مراكز الانتخابات، وسنشارك لأن الرجعية العربية و المحور الصهيوني، و(ثوار) قطع الرؤوس، يريدون أن يتهكموا على المشهد النهائي، ويجيرون العزوف عن المشاركة لصالح خيارهم الدموي، وسنشارك كرمى لمن ضحوا بحياتهم، وقدموا دماءهم ليعمر وطنهم بالخير والحب والكرامة، ولأننا لم نفقد الأمل بقيامة هذا الوطن من جديد، سنشارك ونسجل موقفاً ضد من أرادونا بلا موقف.
وقبل كل شيء وبعده، عندما يوقع قائد البلاد على مرسوم الانتخابات، فهذا يعني بالمطلق أنه يريد لهذه العملية أن تتم وتنجح، ويريد أن نشارك فيها لأنها مصلحة وطنية، ونحن وضعنا ثقتنا كلها بين يدي هذا القائد، فهو المؤتمن على حياتنا، والعارف بما يخدم مستقبلنا، وثقتنا العمياء بإدارته للبلاد سيدفعنا بكل تأكيد لأن نريد ما يريده، ونعمل بما يوحي إلينا به.
غيث حسن