من الكلاب الشاردة إلى الكلاب (المرفّهة)… أين راحة الآخرين؟

الوحدة 7-7-2020  

 

الكلاب الشاردة كانت تؤرق أهالي اللاذقية، لكن البلدية وجدت حلاً لهذه المشكلة، ولم يعد نباحها  يوقظ النائمين ورحلت مشاعر الخوف من هجمات الكلاب الشاردة إلى غير رجعة، ولم يكد يهنأ الأهالي بهذه الخطوة حتى ظهرت مشكلة الكلاب غير الشاردة وإنما كلاب التربية المؤصلة ذات الحسب والنسب والتي يصل سعر الواحد منها إلى مبالغ لا بأس بها وتصل تكلفة طعام  الكلب منها إلى ما يزيد عن دخل موظف لشهرين على الأقل، واللافت أن الشكوى من هذه الكلاب جاءت من تواجد الكلاب في الأحياء السكنية وضمن الأبنية.

وكغيرها من الظواهر تجد من يدافع عنها ويعتبرها حرية شخصية وهناك من يشتكي من هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا ويرى أنها تعدي صارخ على راحة الجوار وتحمل الكثير من الأذى النفسي للأطفال والمارة ممن لا يحبون الكلاب أو لديهم رهاب منه ناهيك عن قذارة الكلاب التي يتعمد معظم مقتني الكلاب على إفراغها في الشارع بشكل يومي حيث أكد عدد من أهالي حي الامريكان في اللاذقية وعدد من مرتادي الكورنيش الغربي والجنوبي أن مقتني ومربي الكلاب يأخذون كلابهم نزهة مسائية حيث يطلق برازه وفضلاته  في الشارع.

غموض النص القانوني

 وعند سؤال الدكتور منذر قصير رئيس  الدائرة الصحية في مجلس مدينة اللاذقية حول إجراءات البلدية تجاه هذه الظاهرة والشكوى شبه العامة منها بيّن أنه لا يوجد نص قانوني لدى بلدية اللاذقية  تمنع تربية الكلاب شريطة الالتزام بالشروط الصحية وتلقيح الكلاب بشكل دوري والاهتمام بالنظافة، ويمكن للدائرة الصحية متابعة أي شكوى بهذا الخصوص والتحقق من وجود بطاقة صحية أو أية أمراض، إلى هنا نجد أنه لا جدوى من اعتراضات الأهالي وتذمرهم من مشاركة الكلاب لهم في الأرصفة والحدائق والمنتزهات ويحق للكلب ما يحق لهم في الأملاك العامة وبما أنه لا يوجد قانون يمنع تربية الكلاب فإن وجودهم ضمن الأبنية السكنية وفي الأحياء لا يعني مخالفة، وإذا كان البعض ينزعج من صوت النباح فهذه مشكلته.

وإذا ما انتقلنا للحديث عن هذه الظاهرة من خلال وجهات النظر المتباينة نجد من يدافع عنها لدرجة التبني ولديه وجهة نظر تكاد تكون مقنعة وبالمقابل نجد من ينبري لاعتبارها خروج عن المألوف وتستوجب اتخاذ إجراءات حقيقة حيالها أو على الأقل تنظيمها وفق شروط بحيث لا تكون مفلوشة كما هي اليوم وفي اللاذقية تحديداً، حيث أنها في دمشق تخضع لشروط حددتها المحافظة لا تنطبق على كثير من الحالات المزعجة في اللاذقية، ففي دمشق على سبيل المثال تربية الكلاب ممنوعة في المناطق السكنية تحت أي سبب كان ولا يسمح اصطحابها في الشوارع، وحتى تربيتها في البيت إذا كانت هناك شكوى من الجوار، وتتم مصادرة هذه الحيوانات وإيداعها في حديقة الحيوانات في المدينة.

وبعيداً عن تطرف الآراء بين مؤيد ومعارض لظاهرة انتشار الكلاب ضمن الأبنية السكنية وفي المنتزهات والشوارع العامة لا بد من النظر بعين الحياد إلى هذه الظاهرة والتأكد من كونها مباحة من الناحية القانونية أم ممنوعة بعد أن علمنا أن لا  يوجد نص يمنع لدى دائرة الشؤون الصحية في بلدية اللاذقية، يقول المحامي سعيد أبو خالد إنه سنداً للبند ٢٤ من المادة ٦ من القانون رقم ٤٩ لعام ٢٠٠٤ (القانون المتعلق بشؤون النظافة العامة والمحافظة على المظهر الجمالي للمدينة) يحظر تربية الحيوانات والمواشي والطيور  ضمن الأبنية وبين الدور الآهلة بالسكان في مدن مراكز المحافظات والمواقع الأثرية والسياحية، كما يمنع مرور الحيوانات والمواشي في غير الشوارع والممرات المخصصة لها من الوحدات الإدارية (البند ٢٥ من نفس المادة).

ومن يخالف أحكام هذين البندين يعاقب بغرامة من ٣٠٠ إلى ١٠٠٠ليرة، وتضاعف الغرامة عند تكرار المخالفة، ويمكن رفع قيمة الغرامة من المجلس البلدي بعد تصديق مجلس المحافظة (والمادة  ٣٨ من نفس القانون) تقول: يجب منع ظاهرة انتشارها في الشوارع والأسواق أو حتى في الأماكن المريحة للنفس لما تسببه من انعكاسات نفسية بالأخص على الأطفال وبناء عليه يفترض بمجلس مدينة اللاذقية منع هذه الظاهرة تطبيقاً لقانون النظافة واستجابة لرغبة الشريحة الأكبر من الأهالي.

ميزانية خاصة لطعام الكلب

 وبالعودة الآراء التي تم استطلاعها نذكر منها بائع مأكولات سريعة في الكورنيش الغربي يقول من الملاحظ وجود إقبال كثيف على اقتناء الحيوانات الأليفة، رغم ثمنها وكلف الاعتناء بها، إذ تفوق كلفة الاعتناء بكلب أو قطة شهرياً ما يتطلبه أي طفل!

وبيّن أيضاً أن كلفة طعام الكلب الواحد يومياً تبدأ من 1500 ليرة سورية وتصل ال9000 ليرة سورية، وذلك بحسب النوعية، ناهيك عن اللقاحات والمراقبة الصحية، إلى هنا ولم نتحدث عن سعر الكلب حيث أخبرنا أحد مربي الكلاب بكل فخر إنه يملك ثروة كلاب حيث يتراوح سعر الكلب ما بين 50 ألف ليرة، لتصل إلى نحو 800 ألف ليرة، بعضها يصل إلى مليون ليرة سورية، وهنا لابد من الإشارة أن  الأنواع الفاخرة من هذه الحيوانات وخاصة الكلاب تقتنى من أجل الرفاهية بسبب مظهرها الجميل، والبعض الآخر يقتنيها من أجل جرائها والمتاجرة فيها، أي من أجل الإنتاج والبيع.

وقد أوضح أحد مربي الكلاب أن أغلب هذه الحيوانات تملك أوراقاً نظامية من البلد المستورد منه، مع دفتر لقاح وشهادة أصل (منشأها) وعند استقباله في البلد (المستورد) يتم الكشف عليها وفحصها من قبل طبيب بيطري مختص ليعطي تصريح بالدخول.

 مربي كلاب آخر أوضح، أنه لا يوجد طعام مستورد للكلاب بشكل نظامي في البلاد حالياً بل يأتي بالتهريب، مشيراً إلى أن سعر كيلو طعام الكلاب يصل إلى 5000 ليرة سورية.

وفي خطوة تهدف لتأمين طعام الكلاب بأسعار معقولة، قال: يتم أخذ العظام وخاصة قفص ورقاب الفروج واستخلاص بقايا اللحم منها وإطعامها للجراء الصغيرة وباقي العظام للكلاب الكبيرة.

تجارة الكلاب

وقد همس لنا أحدهم قائلاً إنه بات لدينا ما يسمى تجارة الكلاب، حيث كشف عن وجود مزارع لتربية كلاب من أصول أجنبية، حيث تم استيراد أمهات الكلاب وجرى تكاثرها في هذه المزارع، والآن يتم تصدير الإنتاج المحلي إلى لبنان والعراق، وأضاف أن الدول التي كانت تستورد من روسيا وأوكرانيا أصبحت تستورد من سورية منذ حوالي عشر سنوات وحتى الآن، ولفت إلى أن الكلاب التي يتم استيرادها سنوياً فهي بحدود ألف كلب، في حين يصل عدد  الكلاب المصدرة إلى 5 آلاف كلب.

هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار