حمام السلطان إبراهيم… نموذج عمراني جميل يحافظ على خصائصه

الوحدة: 6- 7- 2020

 

انتشرت الحمامات خلال العقود الماضية في كل مدينة تقريباً وفي كل تجمع سكاني, وقد تلازم وجودها بجوار الجوامع غالباً, واعتبرت الحمامات مكاناً للاستجمام والاسترخاء والترفيه وكان يقضي المستحم عدّة ساعات من وقته فيها ليحصل على كامل خدماتها, وفي جبلة القديمة قال مدير الآثار الدكتور إبراهيم خيربك: إن الحمام نموذج جميل وفريد من نوعه في الساحل السوري وما زال محافظاً على نمطه العمراني والمعماري حتى يومنا هذا.

وعلى مقربة من جامع السلطان إبراهيم في جبلة بني حمام السلطان, ويعتبر هذا الحمام عمارة مميزة من حيث التقسيم والتوزيع بشكل تختلف الحرارة في الأقسام والحجرات بحسب دورها الوظيفي ويعد أصل تقسيم الحمام إلى ثلاثة أقسام, وفصل بعضها عن بعض, وجعل جسد الإنسان ينتقل من البارد إلى الساخن وبالعكس بشكل متدرج, مقاربة نوعاً ما لنظام الفصول الأربعة التي يمر بها جسد الإنسان عبر فصول السنة وما يلاقيه من برد وحرارة واعتدال خلالها ويتابع الدكتور خير بيك واصفاً عمارة الحمام قائلاً: يتميز فن العمارة فيه بأنه مبني من الحجارة الرملية التي بنيت منها كامل مدينة جبلة القديمة, حيث إن قبابه مبنية من تناوب قمريات الفخار المشوي المفتوحة من الجانبين على شكل أنبوب وأخرى مفتوحة من جهة واحدة فقط, مع حشوات رقيقة من الحجر الرملي, وتعلو القمريات الفخارية قمريات زجاجية تسمح للضوء بالدخول إلى الحمام.

رصفت أرضيات الحمام بالرخام, ويتألف من ثلاثة أقسام, القسم الأوّل منه رباعي الشكل يحوي مصاطب عريضة وتتوسطه بركة ماء من الرخام تأتيها المياه من شرقي المدينة ومن نبع الفوار على الأغلب, وهو حمام ذو طابع عثماني, مازال محافظاً على خصائصه حتى اليوم, كما وتحتل شجرة السرو التي قدّر عمرها بعدّة قرون مكانة بارزة في نفوس الذين يرتادون جامع السلطان إبراهيم, فهي بناء آخر يتسامق طولاً وعظمة وتمتد متسعة في المكان وعميقاً في الزمان فتضفي على الجامع ظلاً حانياً أخضر, يضفي عليها مهابة وجلالاً.

كل قسم من أقسام الحمام يختلف بتوضعه عن بقية الأقسام  وله وظيفة بني على أساسها وهي بمجملها وكما سميت ضمن ترتيبها من الخارج إلى الداخل.

البّراني ثم الوسطاني وبعده الجواني وأخيراً القسم الرابع والخارجي بيت النار أو ما يسمى بالقميم قسم البراني قسم البراني أو البارد وهو القسم الأول من الحمام فيه يقوم الزبائن بخلع ملابسهم عند الدخول وارتدائها عند الخروج ويتكون هذا القسم من باحة مبلطة بالرخام تتوسطها بركة مياه ويحيط بها مصاطب مفروشة بالأرائك والمساند, يجلس عليها المستحمون بعد انتهائهم من الاستحمام وهذا القسم مسقوف بطريقة العقد الحجري المتصالب تعلوه فيهقية, وهو عال محاط بالنوافذ الزجاجية.

وكان هذا القسم مطيّناً بالكلسة التقليدية (الكلس المطفأ والقنب والرمل) مع العلم أن الدخول إلى الحمام يكون إلى البراني عن طريق مدخل جانبي يؤمن الدخول بشكل غير مباشر إلى بهو البراني حفاظاً على خصوصية الجالسين في هذا القسم وعدم كشفهم إلى الخارج.

أما القسم الوسطاني أو الفاتر فيعتبر مرحلة انتقالية وهو ذو حرارة معتدلة حتى لا يصطدم جسم المستحم مباشرة بالساخن, وهو مسقوف بقباب تحتوي فتحات زجاجية (قمريات) ينفذ من خلالها ضوء الشمس إلى الداخل, حيث يوجد مصطبة يستريح عليها المستحمون فترات الاستحمام.

أما عن القسم الثالث من الحمام (الجوّاني) أو الحار، فتتم فيه عملية الاستحمام والتعرق وعمليات التدليك أيضاً, ويتميز بدرجة حرارته المرتفعة مقارنة بالأقسام الأخرى من الحمام, ويتكون من إيوانين متقابلين يتوضعان على طرفي بيت النار وضمن كل إيوان توجد جرتان تحتويان على ماء ساخن ينساب من بيت النار عبر شبكة من الأنابيب الفخارية تجري ضمن الجدران, كما يتفرع من الإيوانين 4 مقصورات (حجرات) تحتوي كل منها على جرن خاص بها حيث من الممكن أن تكون هذه الغرق مخصصة لبعض العائلات المعروفة في أيام معينة من الأسبوع  وهذا القسم أيضاً مسقوف بقباب ذات قمريات زجاجية أما عن بيت النار أو ما يسمى بالقميم فهو الجزء الخارجي الملحق بالحمام وكان يتم فيه تسخين الماء من قبل عامل يسمى القميمي عن طريق حرق القمامة المجففة وروث الحيوانات ونشارة الخشب تحت جرن ضخم بحيث تنساب الحرارة الناجمة عن الحرق تحت أرضية القسم الجواني عبر أقنية مبنية من القرميد تعمل على تسخين أرضية الحمام وتنتهي إلى أقنية فخارية ضمن الجدران تساعد على تسخينها أيضاً, أما الفائض من دخان الحرق فيخرج عن طريق مدخنة موجودة بالوسطاني.

 خديجة معلا

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار