الوحدة 1-7-2020
عائلات كثيرة تتأبط شرّاً وكساداً لإنتاجهم الزراعي من البطاطا الحلوة هذا العام، ورغم كل هذا القلق والقهر الذي يعيشونه هم لها زارعون وليس غيرها فيه العيش ومصاريف المدارس وجامعات الأولاد، فهي تنشر الربيع في عز الشتاء وطوال أيام أخر، بعد جني وتعب في ضيق عيش وقحط وحول أيام فيها سقر .
السيد أسامة يزرع البطاطا الحلوة منذ عامين فقط بعد أن وجد ابن خاله يزرعها وتأتي عليه بالرزق الوفير، فقلده بعد استشارته ورفعه بالنصائح والإرشادات، ولم يلجأ للوحدة الإرشادية للسؤال (اسأل مجرب ولا تسأل حكيم ) كما يقول، حلوة هي في طعمها ومردودها رغم كل الصعوبات والمشقات في زراعتها وقلعها، والأحلى أن جنيها يأتي في وقته عند فتح أبواب المدارس وازدياد حاجات الأولاد ومصاريفهم حتى لو وصلوا الجامعات بوسائط نقل وسيارات أجرة (الزراعة أعمال شاقة وهم في هذه الأيام) فحاجاتها ومستلزماتها لا تنتهي من سماد وفلاحة ورش مبيدات وهذه كلها تصل مئات الآلاف هذه الأيام، ونأخذها بالدين وعلى الحساب من التجار لنردها بأضعاف ثمنها في موسم الحصاد، وكلها مقدور عليه لكن ما يقلقنا هو تسويقها وتصريفها والحالة (تعبانة) عند كل الناس، وكيف إذا لم نقدر أن نصرف نتاجنا من البطاطا الحلوة مع هذه الأيام المتغيرات، كنا قد زرعنا الدرنات في الشتاء وقبل هذه الأيام الصعبة ورفع أثقال العيش لآخررمق فينا، فمن يشتري البطاطا الحلوة التي هي من الكماليات وميزات بالانفراج ويترك البطاطا المالحة التي فيها العيش والاستمرار ولو تعثرت الحال ؟
السيد محمد إبراهيم (في مخاطرة بزراعة البطاطا اليوم، ولم يكن يحسب لأمرها هذا الحساب وقد سكبها في الربيع ولم يكن حال الناس بهذا السوء ) يزرع أرضه بالبطاطا الحلوة منذ سنوات خلت، والتي فيها مردود يكفي عائلته وأفراد أسرته من الأم والأخوات طوال العام من مصاريف دراسة ومعيشة ولباس، خاصة أنه يأتي قطافها وجني المحصول على فتح أبواب المدارس والجامعات كما قال : كل أهل قريتي في السرسكية ووداي قنديل وجوارها أي الشريط الشمالي من المدينة ومن الشباب توجهوا للزراعة وهم يعتمدون زراعة البطاطا الحلوة وأيضاً الدخان لوفرة المياه والآبار كما أننا ليس جميعنا موظفين أو عاملين، وليس في وجهنا عمل غير الزراعة في أرض ورثناها أو استأجرناها، وأيضاً لازدياد تكاليف الحياة ووطأتها علينا يدفعنا لأن نزيد في زراعتنا ونرهق أنفسنا بأعمال الأرض و(قد ما بتعطيها بتعطيك) ليكون خيراً على عائلاتنا وسكوناً وسلاماً في أنفسنا بأننا أمّنا لهم عيشهم ولم نغلب لأمرهم . وأزرع البطاطا الحلوة وهي أفضل من التبغ لكن كلاهما يرفعني عن الحاجة بأثقال، لكنه بوقت وحين أسكب الدرنات في الربيع بل في شهر شباط بالتحديد لأقطف فروعها وغصونها في بداية حزيران وأزرعها على امتداد الأرض التي فلحتها ومهدتها بخطوط متوازية فيها وزعت السماد، ويكلف الدونم الواحد 30 ألف ليرة ( أجور الفلاحة + ثمن أسمدة بوتاس ومركب وآزوت ) ويكون إنتاج هذا الدونم وسطياً (1200_1800) كغ لكن ثمنه يتأرجح حسب السوق في العرض والطلب، كما يتبع نوعها وجودتها، لتتراوح أسعارها ما بين (100_300) ليرة للكيلو الواحد، والأميركية مرغوبة أكثر من الماليزية وهي أفضل في سكرياتها وأليافها ولونها الأبيض، ويمكن تخزينها لحين تحسن وضع السوق وارتفاع سعرها فيه، أفضل أن أزرع بنفسي وبعض أفراد عائلتي يساعدونني عند فراغهم وعدم انشغالهم بأمورهم وأعمالهم لكني أكثر الأحيان أجلب بعض العمال نساء أو رجالاً وشباب لمساعدتي وتدارك الوقت، لكن اليد العاملة مكلفة في اليوم الواحد 10آلاف ليرة من الساعة الخامسة صباحاً وحتى الثامنة مساء. هذا في الزراعة أما لقلعها وهو الأصعب .فأجرة العامل تتضاعف وتزيد، ويمكن قلعها بالجرار ولا تتشقف إذا كان الفلاح خبيراً بأمرها وهو أفضل من القلع وأريح وهناك أجور نقلها للسوق فالنقلة الواحدة في العام الماضي كلفتني 20ألف ليرة، الصرفيات عليها كثيرة لكن فيها بعض الرزق والعيش و(الأرزاق بيد الله )أزرع كل عام 15 دونماً وجاري 50 وهو يأتي بالكثير من العمال كل يوم ويخاطر، نعلم أن التجارة ربح وخسارة لكن الزراعة فيها الخسارة أكبر من التجارة (رزقنا في السماء) نزرعها اليوم وقلقون إلى وقت حصادها لكن أملنا كبير في تحسن وضع الناس، لقد حصدت العام الفائت ما يقارب 50 طناً فماذا أفعل بها إن لم يكن لها سوق ؟
هدى سلوم