الوحدة 23-6-2020
الارتفاع الكبير في أسعار المواد العلفية يصيب الأمن الغذائي للمواطن السوري في الصميم وعدم تأمينها يؤدي إلى ارتفاع جنوني غير مبرر في أسعار جميع المواد الغذائية ذات المنشأ الحيواني ويجعل المستوردين يحجمون عن الاستيراد وإمداد السوق، والمربين عن زيادة قطعانهم من المواشي والدواجن.
سورية بلد زراعي وتمتلك قطيعاً من الماشية المختلفة (أبقار- جواميس- أغنام- ماعز) يقدر بحوالي 17 مليون رأس إضافة إلى الدواجن والخيول العربية، وبفعل تداعيات الحرب الظالمة والحصار الاقتصادي الظالم لا تقوم المؤسسة العامة للأعلاف إلا بتغطية نسبة حوالي 15% من حاجة السوق المحلية، حيث يتم تأمين احتياجات الثروة الحيوانية عن طريق المراعي وبقية محاصيل المواد العلفية والباقي يتم استيراده من قبل القطاع العام وتجار وموردي القطاع الخاص.
من أهم المشكلات التي يواجهها القطاع الزراعي هو عدم توافر الكمية الكافية من الأعلاف وارتفاع أسعارها وعدم قدرة المربين على تحملها وتطوير ثروتهم الحيوانية وتحسين إنتاجها من اللحوم والحليب، والمحاصيل العلفية ( الشعير- النخالة- الشوفان- فول الصويا- الذرة الصفراء- كسبة الصويا والذرة) تجود بها أراضينا الزراعية الخيرة إضافة إلى إنتاج الكثير من المخلفات الزراعية وبقايا المحاصيل الاستراتيجية التي يمكن استثمارها في تصنيع الأعلاف والتشجيع على زراعة المكونات العلفية باستجرارها من الفلاحين وتشجيع زراعة فول الصويا الذي يمكن استثماره بإنتاج زيت الطعام إلى جانب استخدام مخلفاته في صناعة الكسبة كعلف للمواشي والدواجن.
ما زالت أغلب الثروة الحيوانية في بلادنا تعتمد على كمية الهاطل المطري خلال العام ومدى توفر المراعي… فلماذا لا يتم التفكير بطرق جديدة وبدائل محلية للأعلاف المستوردة لتوفير الوقت والجهد والمال من خلال دعم المربين وتشجيعهم على المضي قدماً بتربية مواشيهم ودواجنهم لاستمرار عملية الإنتاج لتأمين الحاجات الأساسية للمجتمع بما ينعكس إيجاباً على المواطن والمربين والاقتصاد الوطني، سيما وأن البدائل موجودة وبكثرة وتشكل حلولاً ناجعة للكثير من العقبات والصعوبات التي تعترض المربين بفعل الحرب والحصار، من خلال إعادة إنتاج وتوظيف الموارد المتوفرة محلياً وتطويرها لتتحول إلى حاجات أساسية وليست بديلة أو مجرد حلول إسعافية مؤقتة، كالاعتماد على المخلفات الزراعية والصناعية وفضلات المحاصيل والإنتاج كمواد علفية غير تقليدية في تغذية وتربية الحيوان نظراً لخواصها الطبيعية والكيميائية والغذائية واحتوائها على العناصر الحيوية اللازمة لتغذية المواشي والدواجن والاستفادة من مخلفات صناعة الزيوت وكذلك تفل العنب الناتج عن مصانع انتاج عصير وتقطير العنب ومخلفات البندورة والحمضيات والزيتون والتمور التي يتم تصنيعها وغيرها من المواسم التي تتوافر فيها العناصر الغذائية من سكريات ودهون وبروتينات وألياف وفيتامينات مختلفة وباقي العناصر الغذائية من مغنزيون وزنك وصوديوم وكالسيوم لتكون بديلاً فاعلاً وحقيقياً للأعلاف التقليدية المعتمدة حالياً والتي يصعب تأمينها نظراً لارتفاع أسعارها.
المطلوب: تطوير الثروة الحيوانية والدواجن على مستوى الجغرافيا السورية كلها وتشجيع زراعة البدائيل العلفية وتأمين بدائل الاستيراد واستثمار المخلفات الزراعية وإنتاج السيلاج العادي والبسيط، وهو مادة غذائية ذات قيمة عالية من بقايا المحاصيل الخضراء، وزراعة النباتات الرعوية من قبل مربي الماشية والاستفادة من مخلفات الزراعة والمزارع والتقليم وجني المحاصيل لتأمين مصادر بديلة وتشجيع زراعة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في سهل الغاب بالأعلاف الخضراء لتأمين الأعلاف على مدار العام والحد من دخول الأعلاف الملوثة الحاملة للأمراض والمواد الغريبة على البيئة السورية وتأمين الاحتياجات الضرورية للثروة الحيوانية والدواجن في جميع المحافظات السورية بأقل كلفة ممكنة.
علينا البحث عن حلول بديلة للكثير من المشكلات والصعوبات التي تواجه تنمية الثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني تجنباً لارتفاع أسعار المواد العلفية وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية من خلال حماية وتطوير المراعي الطبيعية وإدخال زراعة الأعلاف الخضراء ضمن خطة الزراعات المروية ودعم المحاصيل العلفية (الكرسنة- الجلبانة- البيقيا- الذرة الصفراء- الشوفان- الفصة الخريفية والربيعية) وتأمين المجففات لتجفيف الإنتاج المحلي من الذرة الصفراء وتقديم البذار المحسن من قبل المؤسسة العامة لإكثار البذار وتنفيذ خطة زراعة الشعير العلفي والرعوي والبعل في المناطق الشرقية وتفعيل صندوق دعم الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة.
إن تأمين حاجة مربي الثروة الحيوانية من المواد العلفية على مدار العام يقلل من الكميات العلفية المستوردة ويوفر الكثير من العملة الصعبة، ودورها الإيجابي في زيادة خصوبة التربة واستدامة الموارد الطبيعية الآمنة في بلادنا.
نعمان إبراهيم حميشة