العين بصيرة واليد قصيرة… أسعار ألعاب الأطفال صادمة تسرق فرحتهم وتثقل كاهل جيوب الأهل

الوحدة: 22- 6- 2020

 

 

أطفالنا نبض قلوبنا، في خطواتهم الأولى تتحرك معهم قلوبنا وعقولنا فرحاً وخوفاً عليهم، ومن أبسط حقوقهم اللعب الذي يعد جزءاً من عالمهم.

لإدخال الفرحة والمتعة إلى قلوبهم الصغيرة نشتري الألعاب لهم فمن خلالها يعبرون عن حبهم، ويكتشفون الأشياء، ويمضون أوقاتهم بشغف وراحة ومرح، بالإضافة إلى أنها تزيدهم ثقة بالنفس ويؤكد علماء النفس على أن اللعب ثقافة وتطوير فهو مهم لتنمية ذكائهم وقدرتهم الحركية والجسمية، فالألعاب لها دور في تشكيل أفكارهم ورؤيتهم للعالم من حولهم، كما أنها تستهلك طاقتهم الزائدة وتجعلهم اجتماعيين.

رغم أهمية الألعاب حالياً تشهد الأسواق تراجعاً في مبيعاتها بنسبة كبيرة، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل خيالي بفوق التصور.

فالظروف الحالية الصعبة تقف عائقاً حيال أحلامهم الصغيرة، التي باتت صعبة المنال للكثيرين، وتتطلب ميزانية إضافية لكل أسرة.

ليس باليد حيلة

وللحديث عن ألعاب الأطفال لابد لنا من توضيح مفهوم اللعب وأهميته وإسهامه في توسيع مدارك الطفل وتنمية قدراته الذهنية والبدنية لمعرفة آراء الأهل..

السيدة حنان (أم جاد) وهي أم لثلاثة أطفال تؤكد أنها لا تسطيع شراء الألعاب لأطفالها وتقول العين بصيرة واليد قصيرة، إنما أشتري لهم دفاتر رسم وألواناً خشبية رغم أن أسعارها ارتفعت أيضاً، فالرسم يساهم في تفريغ طاقة الطفل، والشكر لله أن أولادي غير متطلبين فهم يقتنعون بما أشتريه لهم دون أي تذمر.

أم أحمد تقول: كنت أشتري الألعاب لأطفالي بين فترة وأخرى لإدخال البهجة إلى قلوبهم، إلا أنني الآن لا يمكنني شراء أي لعبة لأن حياتنا صعبة ولا تتحمل مصاريف أخرى فالوضع سيئ، لذلك فقد حرمنا أولادنا من أبسط حقوقهم، صحيح إن فرحة الطفل لا تقاس بثمن، لكن ليس باليد حيلة.

ريم صقر تشير إلى أن الأطفال لا يدركون الظروف الاقتصادية التي نمر بها، ونحاول قدر المستطاع تجنب مرورهم من المحلات التي تحتوي الألعاب وحرمانهم من متعة الطفولة فالأسعار صادمة وخيالية لا تروق لجيوبنا وأحياناً نتوجه إلى الأسواق الشعبية والبسطات التي أسعارها أقل من المحلات وذلك لإرضاء أطفالنا في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

أبو علي لديه ثلاثة توائم يقول: أولادي التوائم الذين لا يتجاوز أعمارهم (4) سنوات يطالبون بشكل مستمر شراء دراجة هوائية، علماً فقد حاولت الحصول على واحدة عن طريق الأنترنت، إلا أن أسعارها خيالية حتى المستعمل حيث تتراوح ما بين (65-200) ألف ليرة سورية، وحتى الآن لم تسنح لي الظروف المادية لشرائها لهم.

حالة ركود في الشراء

في جولتنا على المحلات التجارية التي تعرض ألعاب الأطفال فقد لفت انتباهنا وذهلنا بالأنواع والأشكال والألوان الزاهية التي تستقطب الصغار وتأثر قلوبهم الصغير، ولاحظنا هناك تفاوت في الأسعار ما بين محل وآخر على نفس اللعبة والنوعية.

يؤكد (أبو جعفر) صاحب محل أن حركة المبيعات ضعيفة جداً ويقول إن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها البلد هي السبب الأساسي لتدني المبيعات، بالإضافة إلى الأسعار التي تتزايد يوماَ بعد يوم، لذلك أصبح من الصعب أن تفرح قلب طفل أو ترضيه، أسعار الدمى تتراوح ما بين (3500- 13000) ليرة سورية، والألعاب التركيبية الملونة من (7000- 22500) ليرة سورية والمسدسات من (4000-11) ألف ليرة سورية.

أبو إياد صاحب محل للألعاب يشير إلى أن حالة الركود لازالت تسيطر على السوق بشكل عام رغم وجود أنواع تلبي رغبات الأطفال وميولهم ومعظمها تشبه الرسوم المتحركة ومصدرها محلي ومنها مستورد من الصين، والأسعار مختلفة حسب كل لعبة ويستطيع كل شخص شراء اللعبة التي تناسب ميزانيته.

وأفادنا طبيب اختصاص عيون أن هناك بعض الألعاب تشكل خطورة بالنسبة للطفل وتهدد صحته وسلامته وقد راجعنا عدة حالات وإحداها طفل لا يتجاوز عمره الخامسة فقد تعرض لأذى في إحدى عينيه جراء دخول طلقة من مسدس خرز، بالإضافة إلى أذيات الألعاب الليزرية وغيرها التي تسبب فقدان البصر.

لذلك نجد أن تلك الألعاب تباع وسط غياب رقابي مستمر وقلة وعي بعض الأهالي لخطورتها.

دور الرقابة التموينية

وللرقابة دور كيف تتم دورياتها الرقابية على تلك المحلات وما عدد الضبوط أو المخالفات وماهي الإجراءات المتخذة بحق المخالفين، وهل هناك ألعاب مخالفة للمواصفات منتشرة في الأسواق، وما هي الألعاب الممنوعة من استيرادها؟

أجابنا على تلك التساؤلات المهندس وسام حسان رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك قائلاً: نتابع جولاتنا الميدانية من خلال الدوريات وقد تم سحب ثماني عينات وتبين هناك سبع مخالفات للألعاب وتتضمن الحواف الحادة والمؤذية للأطفال منها مسدسات.

ونتابع التدقيق على الأسعار حسب الفواتير وهامش الربح المحدد ومدى الالتزام به.

ويتم تحديد الأسعار بناءً على تقديم كلفة البيان إلى دائرة الأسعار وبعدها يقرر على بيان الكلفة سواء كانت البضاعة منتجة محلياً أو مستوردة.

وحول الإجراءات المتخذة بحق المخالفين تتم عملية الفحص على الأصناف وفي حال ورود أي شكوى نتعامل معها بحزم ونقوم بزيارة المحل والتأكد من صحتها لأخذ التدابير اللازمة والمخالف يحال إلى القضاء المختص ويحاكم وفق القانون رقم /14/ لقانون العقوبات التموينية حسب المادة المخالف عليها.

ألعاب هادفة ومنظمة

أما ما يتعلق برأي علم النفس أوضحت السيدة أميرة ميا دراسات عليا أن اللعب له دوراً أساسي ومهم في تكوين وصقل شخصية الطفل المستقبلية بشرط أن يكون  هادفاً ومنظماً ولكل مرحلة عمرية لها مهارات خاصة بها فمثلاُ الطفل في المراحل العمرية المبكرة يتعلم كيفية مسك أي شيء ومن ثم تتشكل لديه عادات تنظيم نومه وجوعه في أوقات معينة، وهكذا حتى الوصول إلى المرحلة العمرية التالية.

وإن لكل أم أو أب وجهة نظر حول كيفية تربية أبنائهم لذلك عليهم أن يضعوا بنوداً لكل مرحلة ما هو مسموح وما هو ممنوع وأي أسلوب تربوي لا ينجح إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق بين الوالدين وتفهم وبقدر ما التفهم موجود بينهما بقدر ما تكون التربية ناجحة ومثمرة تكون التربية ناجحة ومثمرة.

ويتجاوز الطفل مراحله العمرية بارتياح، بالإضافة إلى المعرفة الحقيقية للبيئة الموجود فيها، والأسلوب التربوي في توصيل المهارات.

وبالنسبة للألعاب في كل مرحلة عمرية بفضل الألعاب التي تعتمد على التحليل والفك والتركيب، كما يفضل أيضاً الاطلاع من قبل الأهل على المناهج، لأن لكل منهج ألعابه الفكرية الخاصة به وفوق كل ذلك على الأهل أن يكونوا قدوة لكل ما ينادون به من أفكار لنقلها إليهم.

والألعاب التركيبية يجب أن تكون حاضرة في كل بيت، كون مهمتها تطوير عقل الطفل وتساهم في نضجه وتحصيله المعرفي واكتساب الخبرات من خلال النشاط.

وفي نهاية المطاف تشكل الألعاب منهجاً تعليمياً تكسب الطفل القدرة على التفكير الصحيح وتعزز ثقته بنفسه لمواجهة الصعاب التي تعترض حياته في المستقبل.

مريم صالحة

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار