(لاتكن أحمق مرتين)على خشبة المسرح القومي باللاذقية

الوحدة 21-6-2020

 

 

بدعوة إلى الحبّ, منقذ البشرية وحلّها الوحيد للخلاص من عذاباتها التي لا تنتهي, والتي خلقت لنا تواريخ مليئة بألوان من الألم والأحزان …لماذا لمْ نعرف السلام على مدار سنواتنا التي نعيش؟ ذلك هو السؤال الذي عاش بفكر الإنسانية على مرّ العصور.

“الحبّ ” بكل أشكاله الذي خلق حكاية وراء الحكاية للأشخاص والأوطان هو المحور الأساسي الذي دارت حولها مسرحية (لا تكن أحمق مرتين), هي دعوة للبشرية للتعلم من أخطائها كي لاتقع في النتائج نفسها, هي صرخة وجدانية في زمن طغى فيه مبدأ الحق مع القوة والقوة فقط , هي تنبيه ورجاء وأمنية وحلّ لآلام الإنسان عندما يغسل روحه من كلّ شائبة غدر أو طمع أو خيانة .

(لا تكن أحمق مرتين) مسرحية من مسرحيات الحياة , نتبادل الأدوار مع خشبتها التي تتالى بتوالي الزمن ،فتكون الحكاية التي تلي الحكاية, وتدور مرآتها بين وجوهنا, تكشف المعالم وخباياها, وليكون لضوئها الحقيقي نور على فعل ارتكبناه يوماً ما وما نزال..

هذه المسرحية, تستحضر شخصيات شكسبير (من هاملت إلى روميو وجولييت- الملك لير- ماكبث – عطيل- ……) وتعاصرها مع الزمن الذي لم يتغير, الزمن الذي كانت لغته هي الحروب ومازالت, و شخصياتها التي تمثل أفراد المجتمعات وأشكالها, لتستصرخ هذه الشخصيات مؤلفها شكسبير في محاولات لمحاكمته وقتله, كنوع من ردة الفعل على أنفسنا وطمعنا وخيانتنا وغدرنا, فتقول على لسان أحدهم (معدّ ومخرج العمل ):” أنتم فعلتم ما كنتم ترغبون, لأنكم لا تعرفون معنى الحياة”, ولتعلن في نهاية المسرحية دعوتها للحب الذي يكلل السلام الذي ننشده دائماً.

*على خشبة المسرح القومي باللاذقية وبرعاية وزير الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا, يتم عرض مسرحية (لا تكن أحمق مرتين), النص من تأليف (مجد أحمد يونس) حيث يشارك بالأداء التمثيلي أيضاً ومن إعداد وإخراج (كمال قرحيلي) الذي يشارك على خشبة المسرح بزاوية يجلس فيها على طاولة يحاور شخصيات المسرحية بين فينة وأخرى يواجهها ويصوبها , حتى أن هذه الشخصيات في هذا العمل تحاكم صانع الحدث المتغير مع رحلتنا البشرية وضميره, ساعد بالإخراج كل من هاشم غزال وإشراق صقر وقام بالأداء التمثيلي المسرحي لدور شكسبير الفنان (نضال عديرة) وبدور الملك لير (هاشم غزال) مع شخصية الحارس التي تقوم بتنفيذ الأوامر عبر الزمن وقام بهذا الدور الفنان (قيس زريقة) يضاف إليهم عدد من الممثلين الذين مثلوا أدوار شخصيات شكسبير وهم ( راما قرحالي- وفاء غزال- غربا مريشة- وسام مهنا- خالد حمادة- جعفر درويش- مروى سليمان- محمد قرحالي- مجد أحمد يونس- أحمد مشاعل)

أما الفنيون الذين ساهموا في نجاح هذا العمل وإبرازه بهوية متميزة هم ( في تصميم الديكور فراس علاء الدين- تصميم وتنفيذ الإضاءة غزوان إبراهيم- تصميم الإعلان مازن علاء الدين- تصميم وتنفيذ إكسسوار ومكياج نور شيخ خميس- اختيار الملابس أميمة حسن- صوت يوسف علي – إدارة منصة سماهر عدرة – تصميم الرقصات راما قرحالي – مختارات موسيقية ومؤثرات صوتية زينة عساف – تنفيذ الديكور مالك يوسف وغيث أبو بالا.

* حول هذا العمل وماهيته في هذا الظرف الأليم الذي يمر على سورية وعلينا كان لنا على جانب من المسرح بعض المداخلات مع مخرج العمل ومساعده في الإخراج:

*- كمال قرحالي: ” المسرح هو مرآة وانعكاس الواقع يعالج قضاياه, وهذه المقاربة التاريخية موجودة في كل العصور والأزمنة وهو مملوء الدم والخداع والكذب والنفاق والخيانة والتاريخ يعيد نفسه دائماً مع هذه الخصائص.

*- ولدى سؤالنا عن مفهوم الحب الذي ختم مقولة المسرحية واستحضار شخصيات شكسبير ومواجهتها مع وجودنا الإنساني في كلّ عصر وخاصة الآن ماذا يضيف؟

*- المسرح الذي لم يحمل دائماً هموم الواقع ومشاكله وآلياته, لا يسمى مسرحاً, وقطعاً الحبّ هو المحرك الأساسي وهو المنتصر الأخير وخاصة حالياً وما مرّ على سوريا في العشر سنوات الماضية وما رافقها من ألم وحزن, فالحبّ هو الذي انتصر وسينتصر في كل حروبنا الحالية وخاصة الاقتصادية التي يحيكونها اليوم وأيضاً حروبنا القادمة, فلولا محبة الناس لبعضها ولوطنها لما صمدت سورية كل هذا الوقت, وكلما اشتدت الأزمات فالحب هو الذي يسيطر في النهاية هو المنتصر لأنه الحل الوحيد, وأنا هذا ما ختمت به المسرحية في كلمتي للشخصيات عندما قلت لهم” لأنكم لم تعرفوا الحب والموسيقى والغناء أصبحتم على ما أنتم عليه”

ونحن سعيدون بعودة المسرح إلى حياته بهذا العمل ضمن خطة مديرية المسارح لأعمالها الاعتيادية, وفي ظل الظروف الطقسية والبيئية والصحية والاقتصادية الصعبة التي تطبع حياتنا بشكل عام وعمل المسرح بشكل خاص , ونحن نحترم هذا الجمهور الذواق مع مراعاة التباعد الاجتماعي للوقاية من الكورونا ضمن تعاليم الوزارة بتحديد نسبة 30 % كنسبة للحاضرين.

*- هاشم غزال: ” دوري في هذا العمل المسرحي, الملك لير ونحن كفنانين نحن كل فترة لنعمل عملاً شكسبيرياً في حالة من الحالات الكلاسيكية للمسرح, وحاولنا أن نلعب في هذا العرض ليكون قريباً للجمهور لأن الجمهور معتاد على العروض الخفيفة التي تعتمد على الضحك والكوميديا, فحاولنا أن نعمل مقاربة مابين هذا الجو الكلاسيكي ممزوجة بالحالات الخفيفة الضاحكة التي تمر مرور الكرام, ومحاكمة لشكسبير لأنه عذّب شخصياته كلها, لكن النتيجة أننا نحن من عذبنا أنفسنا. وبالنسبة لسؤالنا عن انتقال الزمن ما بين زمن شكسبير والزمن الحالي ؟ أجاب :” نحن لو لم نر تشابه وتشابك وارتباط وثيق ما بين الزمنين وحركة الأحداث التاريخية وما يحصل حالياً في قراءة للواقع الحالي لم نكن لنحتاج أن نعيد إنتاجه بطريقة ما لكن هذا التشابه المستمر في الحالات التاريخية يحثنا لإعادة الإنتاج لهكذا أعمال والإضاءة عليها لأن التاريخ يعيد نفسه, لتكون لنا مقولة في هذا العمل من خلال ما نطرحه من أفكار تحث الجمهور على فهم الرسالة وإيصال الفكرة والهدف , ونأمل أن نكون قد وفقنا في إيصال الرسالة بهدفها الأساسي والحكم في هذا للجمهور, لأنه الجمهور هو الغاية التي نود أن نصل إليها, وخاصة جمهور اللاذقية الذي هو فاكهة عروضنا ومهرجاناتنا, وبالنسبة لعودة الحياة للمسرح عملت عندنا حالة ارتياح أن نعود للحياة, أن نعود للمسرح لأنه الأهم عندنا.

وعند سؤالنا عند دور الحارس عبر الزمن للفنان قيس زريقة أجاب:

*-” دور الحارس يتناول شخصية الحارس على مدى التاريخ وأهميته بتنفيذ الأوامر دون التفكير بأي شي إذ كانت صحيحة أو غير صحيحة لذلك كانت الشخصية باللهجة العامية لنقول: إنها مرتبطة من الأزل ولم تزل فكان اللباس (شكسبيري) للحارس واللغة والمنطق هو بالعامية .. حتى أنه في جملة يقولها لشكسبير (أنا شو ماعملت طلعت أو نزلت رح يكون دوري الحارس وفقط الحارس فلا توعدني بأي دور بأي مسرحية لأنه أنا ما بقدر أتجاوز نفسي بالمهنة اللي اخترتها) ,حتى استدعائه للشخصيات المطلوبة يكون بوضع كيس أسود في رأسه إشارة للمعتقلين كما في غوانتنامو, فكان من الضروري إضفاء بعض الإشارات والدلالات لإيضاح شخصية الحارس, فهذا الحارس لو استفاق لما يقوم به لتغيرت أحداث تاريخية كبيرة.

*- هذا وسيستمر عرض مسرحية (لا تكن أحمق مرتين) حتى الخامس والعشرين من شهر حزيران الحالي .

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار