المظاهر ليست كافية للحكم على خطورة بعض الحيوانات

الوحدة: 16- 6- 2020

 

لاتزال بنادق الصيادين تدوي هنا وهناك دون رادع أو حسيب، واضعين أمام أعينهم مصالحهم الشخصية فقط، لنجد في الجهة المقابلة أشخاصاً يبذلون قصارى جهدهم لحماية البيئة والحيوانات موضحين فوائد بعض الحيوانات مع تصحيح بعض المعلومات الخاطئة التي ورثناها، فمثلاً الكثير منا يقوم بقتل الأفعى السوداء أو أفعى عقد الجوز ظناً منه أنها سامة ومؤذية لكن الحقيقة تختلف عن هذا، وفي لقائنا سيوضح ذلك، الوحدة التقت أحد هؤلاء الأشخاص، حيث قام بإنشاء صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي وعرض فيها معلومات كثيرة عن عدة حيوانات تقتل بسبب معلومات خاطئة ولأننا وجدنا تجاوباً كبيراً من قبل الناس كان لابد لنا من الخوض في هذه التجربة:

السيد يمان عمران أحد أبناء ريف بانياس قرية الكريم يقول: كانت لدي هوايتان أساسيتان في طفولتي: النحت والرسم، وشاركت بعدة مناسبات وكنت رائداً على مستوى طرطوس بالرسم في الصف السادس أما هوايتي الأساسية فكانت التعمق في معرفة تفاصيل الحياة البرية وكان فضولي يدفعني لمراقبة أي كائن سواء الرخويات والقشريات و الحيوانات والحشرات و…، ولكن هذه الهواية لاقت الرفض من الأهل من باب الخوف وللأسف ضعفي ببعض المواد العلمية جعلني أعتمد على هوايتي الثانية لذا دخلت كلية الفنون الجميلة وأنهيت دراستي في مجال النحت وتابعت بعدها دراستي بتسجيل دبلوم تأهيل تربوي وعندها انتقلت للعيش في القرية لتكون بداية جديدة لاهتمامي بالحياة البرية فبدأت بالتصوير ليكون لدي أرشيف لا بأس به وشاءت الصدفة أن التقيت بـ عرفان حيدر وهو شخص لديه الهواية ذاتها ولديه تجارب مع الحيوانات البرية من هنا بدأ إحساسنا بالمسؤولية خاصة وأن الحرائق التي كانت تفتعل لإنتاج الفحم بالإضافة لنقص المحروقات كان لها أثر سلبي على الغطاء الأخضر، وبعد انضمامي لمجموعات لها الاهتمامات ذاتها قررت إنشاء مجموعة سورية وكان صديقي عرفان معي خطوة بخطوة، حيث بدأنا بعرض معلومات عن مجموعة من الثعابين المظلومة والتي تقتل بسبب معلومات خاطئة كالحنش الأسود وعقد الجوز طبعاً البداية كانت ضعيفة ولكن قررنا المضي خاصة وأن هدف المجموعة هو نشر التوعية البيئية و التعريف عن الحيوانات التي تشاركنا الطبيعة والأرض بسبب غياب المعرفة الحقيقة نتيجة الاستناد على أساطير الأجداد وقصصهم، والهدف الثاني جس النبض للواقع البيئي والتعرف على المشاكل الموجودة مع الناس وإيجاد طريقة للتعامل معها كنظرة الناس للأفاعي السامة وكيف يمكننا إعطاء إرشادات سليمة للتعامل معها وكيف ندخل الطريقة صحيحة، أيضاً الحذر من وجود آثار جانبية خطيرة لكلامنا متل تشجيع الناس لالتقاط الأفاعي أو لتربيتا أو الإتجار فيها، أما الهدف الثالث فهو هام جداً وهو توثيق الأنواع المحلية سواء زواحف أو ثديات أو طيور أو مفصليات أو رخويات ووضع خريطة افتراضية لتواجدها في سورية وذلك بالاعتماد على تفاعل الناس وما يرسلونه من صور فقد كنا نتواصل مع الأشخاص ونحصل على المعلومات لكل حيوان يتم إرسال صوره الموقع والأعداد الموجودة ومن أهم ما حققناه هو توثيق نوع من الثعابين تابعة لعائلة الأحناش في جبال القلمون وأعطيناه اسم الحنش القلموني، أيضاً توثيق ثعبان الكوبرا الكاذبة وتوثيق الصل الأسود السام جداً وتوثيق الوزغ الإيراني الكبير وأيضاً وحديثاً توثيق الحنش الملطخ الأوروبي في جبال القلمون غربي دمشق وأيضاً إثبات تواجد عنكبوت الناسك (ناسك البحر المتوسط الخطير) وذلك بالتعاون مع جهات من العراق ولبنان والأردن وحتى فلسطين، وعن مصدر المعلومات قال  الاسم العلمي للحيوان هو الطريق الذي نسلكه للحصول على المعلومات ويتم نشره لنتيح الفرصة للآخرين بالبحث.

حيوانات تقتل ظلماً وهي مفيدة وغير سامة

تابع السيد يمان هناك بعض الحيوانات التي تقتل ظلماً منها ملك الثعابين في الشرق الأوسط الحنش الأسود (الحية السودا) هذا الحنش هو أفضل عدو للفئران بسبب سرعته بالزحف وانسلاله في جحورها ولكن الخاصية الأهم التي أعطته لقب الملك هي حبه ونهمة بافتراس الزواحف وخصوصاً الثعابين ومنهم الأفعى السامة التي يملك مناعة طبيعية لجرعات معينة من سمها وبفضل بطء حركتها تكون أهدافاً سهلة  ولكن تكمن المشكلة بنشاطه النهاري ولونه الأسود وحجمه الكبير الفاضح  ليكون الضحية الأولى في قتل الثعابين عند الناس متأثرين بقصص وخرافات غير صحيحة فالحنش الأسود صديق للفلاحين في مكافحة الفئران وغير سام ولا يملك غدداً سامة حتى ولكن يجب عدم محاصرته، أيضاً هناك أفعى عقد الجوز والتي أخذت اسمها من البقع الشبيهة بحبات الجوز المصطفة والتي تأخذ شكل عقد أو طوق من الجوز وهي أفعى غير سامة لأنها لا تملك أنياباً أو غدداً سامة ولكن المشكلة تكمن بعدم قدرة الناس على التمييز بينها وبين الأفاعي الرقطاء الأخرى والتي تكون سامة كالأفعى البيضاء السورية والأفعى الرقطاء الفلسطينية ومن خلال مجموعتنا قمنا بنشر منشورات عديدة تعلم كيفية التمييز بينها، وإذا خرجنا من مجال الأفاعي ودخلنا عالم العناكب وتحدثنا مثلاً عن الفرق بين الناسك  وبين الرتيلاء الشائعة، نجد الناسك شكله بسيط وصغير وسمه عظيم و الرتيلاء مخيفة جداً وكبيرة  لكن سمها ضعيف، وهناك عناكب لا تعد سامة على البشر متل عناكب الذئب وعناكب الهانتسمان، كذلك بالنسبة  السلامندر الناري أو سلامندر الشرق الأدنى (أبو ذهب) هناك مرجع قديم يقول أنه مهدد أو نادر وفي الحقيقة أعداده جيدة ولكن الخطر قائم بسبب زوال بيئته وتلوث الماء لأنه يحتاج لمياه نظيفة للتكاثر فعندك مياه الصرف الصحي المتسربة للمياه الجوفية مع مخلفات معصر الزيتون وأيضاً السماد الطبيعي القادم من المداجن المشبع بالهرمونات والأدوية التالفة وأيضاً المبيدات الزراعية لها  دور في تقليل أعداده، وبالنسبة لسميته طبعاً جلده سام مثل جلد العجلوم ولكنه لطيف وأنيس ولن يفرز سمه دون محاولة خدشه أو لطمه أو الضغط عليه، وسمه مهمته التنفير فهو يعطيه مذاقاً سيئاً مراً وأيضاً سام على الجهاز الهضمي، أما الحيوان المهدد بالانقراض بشكل جدي ومخيف فهو غزال اليحمور الجبلي، والذي كان يعد منقرضاً من سورية ولكنه ظهر من جديد  بأعداد قليلة ولكن بعض الصيادين عديمي الضمير أو ما أسميهم حملة البنادق يقومون بصيده وبيعه حياً أو ميتاً، لذا نتمنى فرض قانون أكثر صرامة من قبل الدولة، أيضاً هناك الضبع المخطط السوري المظلوم جداً فهو  هام في التخلص من مخلفات الجثث ونسبت إليه الكثير من الأساطير الشعبية السحرية وغيرها وهو حيوان جبان وخجول ولا  يقترب من البشر إلا في حال وجود قمامة.

استجابة الناس

يقول يمان لقد دهشت من الاستجابة الشديدة والفعالة من الناس وهناك أشخاص كانوا معنا من الصيف الماضي بمعلومات شبه معدومة وهم اليوم خبراء، خاصة أننا نقوم بإجراء اختبارات للمشتركين كنشر عدة صور لعدة ثعابين وطرح سؤال أي من هذه الثعابين هو سام و الجميل هو عدد الإجابات الصحيحة.

كلمة أخيرة

في الختام تمنى السيد يمان أن تصحو بلدنا من الغيبوبة التي تعيشها في مجال قانون الصيد لتفرض عقوبات أكثر صرامة لكل من يخرق القانون و يقوم باصطياد حيوانات يمنع صيدها، وأضاف: نلاحظ أن قوانين الصيد صارمة في بلاد الجوار كفلسطين والأردن، و في الختام أود  التأكيد على أن هدفنا هو التوعية ونقل هذا الوعي من الآباء إلى الأبناء لنتخلص من أساطير ورثناها كما الأسطورة التي تقول بأن (أبو حمار) حيوان خطير وهو نوع من السحالي ويتغذى على الحلزون الذي يزعج الفلاحين، كما أن هذه المجموعة أكسبتني خبرة كبيرة ففي بعض الأحيان كان يرسل لنا بعض المشتركين صوراً لحيوانات لا أعرفها فكنت أبحث عنها بمساعدة الأصدقاء لنكتسب معلومات جديدة، لنكون يداً واحدة ونحمي بيئتنا ولنستبدل بندقيتنا بكاميرا تصور وتراقب هذه الحيوانات.

لقاءات مع بعض المشاركين في المجموعة

تقول هيفاء علي: لا أنكر فضل هذه المجموعة فبعد اشتراكي بها والتعرف على الحيوانات رأيت أفعى سوداء وأنا أسير في أحد طرق القرية ولكنني لم أخف وتركتها وشأنها.

كذلك يقول علي: كنا نتسابق لقتل الأفعى عند رؤيتها خوفاً منها على أطفالنا ونشعر بالفخر عند قيامنا بقتلها ولكن بعد اشتراكي بهذه المجموعة أصبحت لدي القدرة على التمييز بين الأفاعي السامة من غيرها.

رنا ياسين غانم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار