الوحدة: 14 حزيران 2020
كم من أوجاع وآلام قد تنتهي، أو تسكن مع قدوم الطبيب المختص، الذي يتحرى عن مكان وجود الألم في جسد المريض وأسبابه، ليخصص له العلاج المناسب، والذي قد يخفف معاناته أو يمحقها في غضون ساعات، أو ربما أيام.
أما لو تحدثنا عن معاناة من نوع آخر، فمع عدم قدوم الطبيب المختص أو الجهة المعنية لإنهاء تلك المعاناة التي دامت أكثر من عشر سنوات، ستكون النتيجة حتماً أنيناً من وجع لا يحرك أي ساكن.
معاناة أهالي ضاحية الربيع، التي تبعد حوالى 6 كم عن مركز المدينة حسب تقدير السكان القاطنين فيها، إذ توجه أهالي المنطقة المذكورة بنداء طالبوا فيه إيصال صوتهم للجهات المعنية، لتخديم منطقتهم التي تئن وجعاً من الصعوبات الخدمية اليومية، التي تعيق كل سبل حياتهم وعملهم، وبنظرهم أهم مطلب هو تأمين مدرسة في ضاحيتهم، أو حتى ضاحية الباسل القريبة منهم بعض الشيء، والتي تحمل الوجع نفسه، وهو عدم وجود مدرسة لتعليم أبنائهم، مما يضطرهم لتسجيلهم وتدريسهم في مناطق بعيدة، علماً أن ضاحية الربيع تفتقر لوجود أي حافلة نقل (سرفيس) بل تنعدم بشكل نهائي، وهنا تتبلور المشكلة: لا مدارس، ولا خط سرفيس، مما يدفعهم للسير على الأقدام للوصول إلى أماكن عملهم ومدارسهم وجامعاتهم، ناهيك عن عدم توفر أي محل تجاري، لتبدأ العبارات بكشف الأعراض التي تجاوز عمرها عشر سنوات بانتظار قدوم الجهات المعنية التي قد تخصص ولو قليلاً من المسكنات لأوجاعهم.
– أبو جواد، أحد مواطني الضاحية، قام بشراء منزل في المنطقة منذ حوالى ست سنوات على أمل أن يقطن مع عائلته فيه، ولكن للأسف حتى اللحظة لم تستطع عائلة (أبو جواد) الاستقرار في المنزل، والذي على حدّ قوله كلفه دم قلبه.
ويضيف أبو جواد: انتظرت كثيراً، لعل وعسى يتم تخديم المنطقة، ولكن للأسف لا توجد مدرسة لتسجيل أولادي في ضاحية الربيع، وحتى في الضاحية القريبة منها والتي تسمى ضاحية الباسل، إذ لا توجد مدرسة أيضاً، وهذا يمنعني من الاستقرار في منزلي، إضافة لعدم توفر مواصلات، مما يدفعني للتفكير في بيع المنزل، إذ ما نفع العيش في منزل كبير دون توفر سبل ومقومات الحياة، يتساءل أبو جواد.
– تقول (أم الريم)، وهي سيدة تقطن في ضاحية الربيع: لقد تعبت من هذا الوضع، كم من أيام مرت، وتمر، أعيشها على أعصابي عند ذهاب ابنتي إلى المدرسة.
ابنتي مرام في الصف الثامن، وحالياً نجحت إلى الصف التاسع، وكونه لا توجد مدرسة في ضاحية الربيع ولا حتى في ضاحية الباسل القريبة قليلاً، والتي لو تم بناء مدرسة فيها ستكون حلاً لمعاناة سكانها وسكان ضاحية الربيع، إلا أنه لعدم توفر مدرسة في الضاحيتين قمت بتسجيل ابنتي في مدرسة آصف حبيب، والكائنة في بلدة سنجوان، ولكن للأسف المأساة أعيشها وتعيشها ابنتي كل يوم بسبب عدم توفر مواصلات، مما نضطر لإرسال أبنائنا سيراً على الأقدام مسافة نصف ساعة يومياً، أو أكثر، ولا أخفي عنكم الوضع المزري الذي يلحق بابتني وبأبناء الضاحية أيام الشتاء حيث الطرقات غير المعبدة وصعوبة السير بسبب الطين والأمطار مما يضطرنا لتغييب أبنائنا أيام عديدة لتفادي القلق الذي يسيطر علينا عند ذهابهم سيراً على الأقدام وحتى رجوعهم في تلك الظروف القاسية.
ولم تتوقف غصات أم الريم مع تغييب ابنتها مرام عن المدرسة بل كان الخوف والقلق يطاردها في كل الأوقات بسبب معاناة ابنتيها قمر وريم اللتين تدرسان في جامعة تشرين واكتفت بالقول: لعدم وجود خط سرفيس تضطر ابنتاي للتعاقد مع سيارة عمومية (تكسي) ذهاباً وإياباً وكم من محاضرات تفوتهما بسبب غيابهما عنها إذ أن وضعنا المادي لا يسمح أكثر من ذلك ولكن ماذا أفعل؟
– أبو الليث أحد سكان ضاحية الربيع يرى أن موقع الضاحية جيد وهي منطقة رائعة للسكن والاستقرار في حال توفرت الخدمات المعيشية التي تريح السكان، ولعدم توفرها أدى إلى إحداث مشكلة ومعاناة كبيرة بالنسبة للعائلات، وخاصة من لديهم تلاميذ مدارس أو طلاب جامعات، يضيف أبو الليث: عمر ضاحية الربيع تجاوز عشر سنوات، فالكثير من العائلات التي اشترت شققاً سكنية فيها بنية الاستقرار قامت بعرضها للبيع مجدداً لعدم توفر الخدمات من وسائط نقل أو محلات تجارية أو شوارع معبدة أو حتى مدرسة لتعليم الأبناء طوال هذه المدة، كما أشار أبو الليث إلى أنه تم رفع كتاب سابق من قبل الأهالي من أجل تعبيد الطرقات ولم تتم الاستجابة عليه حتى اللحظة.
– رئيس دائرة الأبنية المدرسية في مديرية التربية باللاذقية المهندس طالب سلمان أوضح أن بناء المدارس يتم وفقاً لخطة توضع ضمن سياق ما يسمى اجتماع الخريطة المدرسية برئاسة عضو المكتب التنفيذي لشؤون التربية وتضم اللجنة ممثلين عن مديرية التربية ومديرية الخدمات الفنية ومديرية التخطيط في اللاذقية،
هذه اللجنة تبحث كل الطلبات الخاصة بحاجة المحافظة لبناء المدارس بناء على معطيات وإحصائيات معينة تتعلق بالكثافة السكانية وعدد الطلاب وغيره.
وأضاف المهندس سلمان: فيما يخص ضاحية الربيع كونها قريبة من ضاحية الباسل فمن الأولى بناء مدرسة في ضاحية الباسل التي عدد سكانها و طلابها يفوق عدد سكان ضاحية الربيع بكثير، مشيراً إلى أنه في حال تم بناء مدرسة في ضاحية الباسل ستنتهي معاناة السكان في الضاحيتين، مؤكداً أنه وحسب محضر الخريطة المدرسية لعام ٢٠١٧ تمت الموافقة على كتاب لبناء مدرسة في ضاحية الباسل وسبب التأخير وعدم التنفيذ حتى الوقت الراهن هو عدم توفر الاعتمادات وفي حال توفرها سيتم التنفيذ مباشرة.
– عضو المكتب التنفيذي لشؤون قطاع النقل في مجلس محافظة اللاذقية مالك الخير أكد أن موضوع المدارس في ضاحية الربيع ستتم متابعته مع مديرية التربية وفي حال التأكد من وجود أرض مقدمة من قبل الأهالي في المنطقة المذكورة سيتم لحظ هذه الأرض والكشف عليها أو متابعة الكتاب الموافق عليه بخصوص بناء مدرسة في ضاحية الباسل واتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول إلى حل يخفف معاناة الأهالي والطلاب في الضاحيتين.
أما بالنسبة لمشكلة المواصلات وعدم توفر خط سرفيس في ضاحية الربيع كشف الخير أنه تم سابقاً منذ حوالى شهرين فرز باصات نقل داخلي عدد (٢) استمرا بالعمل لمدة شهرين كاملين تقريباً، ولكن لم يكن هناك أي إقبال من الأهالي للصعود بهما ما أدى لسحبهما من قبل الجهات المعنية وتحويلهما إلى مناطق أخرى وعلى الرغم من ذلك سيتم النظر مجدداً في المشكلة القائمة ووضع حلول لها.
هذا هو حال سكان ضاحية الربيع الذين اعتقدوا أن استقرارهم النفسي والمعيشي سيكون في ذاك الحيز السكني ضمن منازل وشقق سكنية خسروا من أجل تجهيزها شقاء عمرهم سنوات طويلة، لتبقى منطقتهم خالية من أي مسكنات خدمية فهل تحرك أوجاعهم ساكناً من الجهات المعنية بمشاكلهم؟! أم عدم الاكتراث سيؤدي بهم لبيع منازلهم واحداً تلو الآخر للبحث عن مكان أو منطقة أخرى مخدمة بشكل أفضل.
جراح عدرة