مربو الدواجن في القرداحة: كلنا (شغيلة) عند التاجر

الوحدة: 13 حزيران 2020

يوما بعد يوم يفتقد المواطن للعديد من الوجبات الغذائية الضرورية والهامة التي كانت تغني مائدته وتسد رمق عائلته وقد توالت الأشياء التي يستغني عنها ابتداء باللحوم كالأسماك واللحوم الحمراء وصولاً في وقتنا الحالي إلى الفروج والتي قفزت أسعاره خلال الشهر الأخير قفزة مرعبة حرمت المواطن ذي الدخل المحدود من استهلاكها أو إدخالها على مائدته لعدم قدرته على شرائها.
حاولنا ضمن منطقتنا تقصي الوضع والوقوف على أسباب هذا الارتفاع من خلال لقائنا بعض مربي الدواجن ومن ثم التوجه بالسؤال للسادة المعنيين بالشق الحيواني عن الخدمات المقدمة من قبلهم لهؤلاء المربين.
وكانت البداية مع السيد يوسف أحمد من حرف المسيترة والذي قال: أعمل في تربية الدواجن منذ أكثر من عشر سنوات وأملك مزرعة دواجن (فروج لحم) مرخصة بمساحة ٤٠٠ متر وتتسع مدجنتي لـ ٤٩٠٠ صوص.
وأضاف: منذ بداية عملي بهذه المهنة لم تمر علينا مثل هذه الظروف القاسية حتى بتنا نشعر أنفسنا نحن أصحاب المزارع بأننا (شغيلة) عند تجار الفروج وتجار العلف لأن كل ربحنا يرجع لهم، بحيث يكون ربحهم خيالياً وتكون خسارتنا فادحة.
– السيد جعفر حبيب أيضاً مربي دواجن من حرف المسيترة قال:
أعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب ١٥ عاماً وقد كانت مهنة جيدة ومربحة في السابق بحيث توسعت في العمل من مدجنة إلى مدجنتين طاقتهما الإنتاجية ١١ ألف صوص ولكن في هذا الوقت ارتفعت تكلفة تربية الدواجن إلى أضعاف مضاعفة فمن أسعار العلف التي ترتفع كل يوم عن سابقه بمبالغ كبيرة إلى الأدوية وأجرة اليد العاملة إلى كل التكاليف الأخرى الباهظة التي تفرض علينا أن نبيع بأقل من التكلفة ليرجع الربح كله لتجار العلف والفروج.
– السيد ثابت حميدوش مربي دواجن من قرية المتن قال: أعمل في هذه المهنة منذ ١٥ عاماً وقد كان العمل فيها ممتعاً رغم صعوبته إلا أنها كانت تعود بالربح الوفير وتساهم في تأمين فرص العمل لعدة أشخاص وأضاف: الطاقة الإنتاجية للمدجنة حوالى ٦٠٠٠ صوص وشرح بان أهم منغصات العمل هي ارتفاع أسعار العلف مضيفاً بأن الصوص يكلف من بداية تربيته إلى وقت بيعه ٤ كيلو ومئتي غرام من العلف ويختلف علف كل مرحلة عن سابقتها بالإضافة إلى سعر الصوص الذي نشتريه ما بين ٣٠٠ و٣٥٠ ليرة سورية إلى الأدوية واللقاحات الخاصة بها حيث يأخذ كل طير أربعة لقاحات بالإضافة غلى خدمات العمال وتأمين النشارة والتدفئة وخاصة في فصل الشتاء كوننا منطقة جبلية باردة وبذلك وخلال هذه الفترة تباع الدواجن بأقل من سعر التكلفة وتعود كل هذه الخسائر على المربي، نتمنى أن تدعمنا الدولة وتساعدنا وتساهم في خفض سعر العلف وهذا ما ينعكس إيجاباً على المواطنين من خلال خفض سعر كيلو الفروج وقال: يكلفني الفوج الواحد ١١ ألف و٢٠٠ طن علف وإذا تأخرنا بالبيع قد تكلف ١٣ الف طن علف وإذا وجدت بعض الأمراض نضطر لشراء الادوية وقد اشتريت دواء لمرض كوكسيليا سعر اللتر الواحد منه مئة ألف ليرة وأضاف: كانت الظروف في البداية مقبولة ولكن اختلفت الأمور الآن لتصبح جميع المعطيات لصالح تاجر العلف وتاجر الفروج.
وكوننا لاحظنا عدداً جيداً من المداجن في قرى حرف المسيترة توجهنا إلى وحدة إرشادية حرف المسيترة وسألنا المهندسة رانيا عباس رئيسة الوحدة أن تعطينا بعض التفاصيل عن المداجن وآلية الإشراف عليها من قبل الوحدة والتي أجابتنا مشكورة:
تتبع لإرشادية حرف المسيترة ٢٩ مدجنة، خمس منها مرخصة وعدد منها قيد الترخيص والباقي غير مرخص وجميعها مداجن لتربية الفروج اللحم وليست للبيض .وبالنسبة للمداجن غير المرخصة فأصحابها دائماً يجيبون بأن عدم الترخيص إما بسبب مشاكل تخص العقار كأن يكون غير مفروز مثلاً أو شراكة بين الإخوة والبعض الآخر يقول بسبب ارتفاع كلفة الترخيص وصعوبة الإجراءات لافتة أنه لكي ترخص أي مدجنة يجب أن يحدد عليها مشرف صحي إما مهندس زراعي اختصاص إنتاج حيواني أو طبيب بيطري، علماً أن المداجن المرخصة تحصل على المازوت الزراعي بالسعر المدعوم حيث توضع مخصصاتها لكل شهر في إحدى كازيات منطقة القرداحة، حيث تقوم الوحدة الإرشادية بالكشف الحسي على واقع المدجنة للاطلاع على عدد الطيور وعمرها ولمعرفة إن كانت المدجنة تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية أم لا بحيث يحدد على هذا الكشف احتياج المدجنة من المازوت الزراعي بحيث أن المدجنة تحتاج للمازوت من أجل تدفئة الطيور لذلك تختلف حاجتها حسب حالة الطقس في كل شهر ففي الشتاء تحتاج للتدفئة بشكل دائم لذلك تكون حاجتها أكبر، كذلك المازوت ضروري لتشغيل الإضاءة في فترة انقطاع الكهرباء لأن الإضاءة ضرورية لنمو الفراخ وتساعدها على تناول الغذاء والماء مضيفة أنه من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر في المدجنة هي النظافة والتعقيم الدائمان.
– المهندس نزيه سلطان رئيس دائرة زراعة القرداحة والذي رافقناه خلال جولة على بعض المداجن قال: تحرص مديرية الزراعة ومن ضمنها دائرة زراعة القرداحة على الاهتمام بشكل دائم ومستمر بالثروة الحيوانية وتقديم كافة المستلزمات الضرورية حسب الإمكانيات المتوفرة، وأضاف: تتبع لدائرة زراعة القرداحة ٩٠ مدجنة تتوزع على ٣٨ مدجنة مرخصة، و ٥٢ مدجنة غير مرخصة، وأضاف: يتم تقديم المازوت الزراعي للمداجن المرخصة فقط وبالسعر المدعوم ١٨٠ ليرة للتر وذلك حسب المساحة المرخصة وحاجة المولدة الموجودة في المدجنة بالإضافة إلى المقنن العلفي خلال الدورة العلفية المكون من نخالة وشعير وكسبة خضراء.
وأضاف أن مدة تربية فوج الفروج ٤٥ يوماً تعطى في الأيام الأولى أعلاف ناعمة مؤلفة من ذرة وصويا وتوضع الأدوية مع الخلطة العلفية مثل مضادات الفطور و وتعطى من عمر ٢٥ إلى ٣٠ يوماً أعلاف مرحلة أولى تكون فيها نسبة الصويا أكثر ومن عمر ٣٠ إلى ٤٥ يوماً يقدم لها اعلاف مرحلة ثانية تزيد نسبة الذرة فيها أكثر.
ومن أهم الشروط المثالية الواجب توافرها للمدجنة بالإضافة للنظافة والتعقيم أن تكون معرضة للتهوية بشكل جيد وبعيدة عن التجمع السكني، مضيفاً أن غالبية المداجن التابعة لزراعة القرداحة تتجمع في حرف المسيترة ومرج معيربان.
وختم حديثه بأن الزراعة تعمل ضمن كل الإمكانيات المتاحة لتشجيع مربي الدواجن وتقديم كل ما هو متاح من دعم للاستمرار في عملهم وعودة قطاع الدواجن إلى سابق عهده وعطائه.
وبدورنا نضم صوتنا إلى صوت هؤلاء المزارعين متمنين أن تترجم اجتماعات المعيين بهذا الشأن إلى واقع وعمل حقيقي يعود بالنفع على المواطن الذي بات يائساً عاجزاً أمام هذا الغلاء من أبسط الأمور إلى أعقدها وصولاً إلى المربي الذي صار يفكر جدياً بترك مهنته التي اعتاش عليها وأسرته منذ سنين طويلة متأملين ألا يتأخر أكثر من ذلك.

سناء ديب

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار