الوحدة 10-6-2020
تنجذب بكل جوانحك وجوارحك لهديرها العذب الذي يصدح بتراتيل عجينها وجمر خبزها المتناغم مع قصائد بيادر الضيعة بأشد الألحان طرباً مع الأستاذ سمير الطرب الذي يرافقهم كل سوق ضيعة، والذي أشار أنه اليوم قد أتى بألحان جديدة ونماذج حديثة ليبدأ السوق من جديد بحلة جديدة و(ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) كما يقول، أما أم محمد التي تدفع برقائق عجينها وفطيرها في التنور فقد أشارت بأن السعر زاد نظراً لارتفاع تكلفة سعر كيلو الطحين وزراعة القمح وحصاده وصوله وجفافه لتطحنه بكلتا يديها والعمل شاق وطويل بالإضافة إلى أن سعر علف الأبقار يتجاوز فيه سعر الكيس 20ألف ليرة فكيف لها أن ترخص من فطائرها والحالة شقاء وتقول: أحزن عندما تأتيني امرأة لتشتري الفطائر وتمسك بأولادها الثلاث والفطيرة ب250 ليرة ولا أجد منفذاً لمساعدتها غير إن كان البيع جيداً وثميناً.
هم أول الواصلين للسوق عندما قصدناه في مكانه الجديد في حديقة السلطان حيث كانت لقاءات عديدة بعد عودتهم من عطلة طويلة وانقطاعهم عن الناس بسب قواعد السلامة ومنع انتشار عدوى الوباء، أم مازن تقول: أنا أتبضع من السوق على طول أشتري ملحاً بحرياً، وكريماً للبشرة، وأم ماهر أكدت أنها تشتري الخبز على الدوام من سوق الضيعة وتأخذ منه كميات كبيرة لكامل أيام الأسبوع وقد كانت معهم وفي سوقهم منذ البدايات واستمرت إلى اليوم دون انقطاع.
المهندس بسام يوسف من البائعين وأهل السوق يقول: الأسعار مرتفعة، صحيح كل شيء ارتفع سعره من المواد الأولية التي تجري في مسالك بضاعتنا، فكيلو السمسم مثلاً للزعتر ارتفع 60% والقطرميز الذي كان بسعر 100ليرة صار ب400 ليرة والزجاجة كانت ب50 ليرة صارت ب150 ليرة فكيف لنا أن نخفض من الأسعار نحاول أن نبيع بسعر التكلفة لنحافظ على الميثاق الذي يربطنا بزوار السوق وقد تعودنا عليهم وكانوا خير الأصدقاء في دعمنا ومشاريعنا ولهذا نحافظ على جودة منتجاتنا وثقتهم فينا.
أم محمد يندفع لجانبها الصغير والكبير وليس السبب فقط طيبتها وطيبة صنيعها، وإنما طريقة تشكيلها وتنسيقها لبضاعتها وحلواها ومنها (المصاصات) التي تجذب أطراف عيون الناس اندفعت عليها ثلاث شابات ليشترين منها، وأنا كذلك لأني أحب التمر المصنوع فيها مع المكسرات والزبيب، أما السمسمية والفستقية فهي معجونة بدبس العنب (وما أدراك إلا أن تتذوقها) تقول: طوال العطلة أحاول أن أجدد بالمنتجات وقد نكشت الأرض وزرعت الخضروات بعض أن استفاض علينا الوقت كنت أحتاجها يومياً للبيت لكن بعضها مثل ورق العنب كنت أبادله مع الجيران بمنتجات ليست عندي أو في حديقتي مثل أهالينا أيام زمان واشتغلت كروشيه وكانت فرصة لأرجع للقراءة التي أحب، اليوم ارتفعت الأسعار بجنون وصار فيه شرخ كبير بين السعر الأول والثاني ونحاول الترميم بربح قليل لأجل ألا يشعر الزبون فيه فرق كبير وأرضى بربح 100 ولا 200 وليكن البيع كثيراً والربح قليلاً، المكان الجديد مميز ولنا فيه خصوصية رائعة.
الطالبات الجامعيات (جوى عطيرة وميس وسارة) شاركن اليوم مع سوق الضيعة لأول مرة بمعروضات يدوية من صنع أيديهن في الاكسسوار الذي نسجته ميس من (الحجر والخيوط والبلاستيك والخشب وحتى الصدف) والأسعار بسيطة وحسب التكلفة تبدأ ب500 ليرة وحتى 3000 ليرة فكل قطعة تأخذ وقتها في صنعها لكن ليس على حساب دراستها كما تقول فيكون لها (خرجية من شغلها بالسوق).
أما جوى ترسم (الماندالا) التي شغفت بالطاقة التي تنعكس دفئاً وسلاماً في نفسها، لكنها تتطلب منها التركيز والدقة واختيار الألوان للتناغم مع الطبيعة التي تشكلها فيها من النباتات التي تحب أوراقها وثمارها وأزهارها، ويمكن أن تبقى لأسبوع في نسجها وتأملها لأربع ساعات في اليوم، صحيح أن خلفية كل لوحة عندها هي أبيض أو أسود لكن يمكنها على أي لون وعلى القمصان والبلوزات شرط عدم التخبط أو الاختلاط مع باقي الألوان لتعطي الطاقة التي تحتويها وحالة تأمل وصفاء، لا أبغي الربح فيها وأبيعها بتكلفتها فقط لأجل أن أهب ثمنها لأي محتاج، أحب الناس وأهلي والله وهبني هذه الهواية لأهب مردودها إلى الناس وأنا متفائلة خيراً بما وجدته اليوم فقد بعت لوحتين واليوم بأوله، وهذه أول تجربة لي في الحياة العملية وعندي الكثير وأشكر أهل سوق الضيعة على فرصتي معهم.
السيدة مدينة رجب تجد عندها كل العطور والزهور والزيوت والكريمات التي أجادت صناعتها منذ عشرات السنوات بخبرة ورثتها من والدها رحمه الله لتأخذ مكانه وزادتها بدورات في المرأة الريفية ليكون فيها التحديث فتقول: لي في هذا المجال أكثر من 15 سنة والتحاليل جارية لمنتجاتي وطلعت سليمة 100% ومطابقة للمواصفات القياسية إذ خالية هي من أية مواد كيماوية أو شوائب كما أن المواد الأولية أزرعها وأجني منها الاحتياجات، كما أني ألجأ أحياناً لبعض الصديقات بغية تصريف منتجاتهم الزراعية ومن جهة أخرى أستفيد منها في صناعاتي مثل الزيوت استخرجها بنفسي (الخزامى والغار والفل) وأطبق الكريمات الطبية والتجميلية وكل منها يتطلب الزيوت، الناس كانوا مشتاقين لنا ومتعطشين للسوق وقد أقبلوا اليوم.
السيد رؤوف بيطار عنده موديلات جديدة وأشكال للطاقة بمعالجة النهايات العصبية وله عمر طويل بدراسة النهايات العصبية والمعالجة حيث يقول: أخذتها من الكتب العلمية التي تابعت فيها لأكثر من 14 سنة، وصرت أصمم الأدوات الطبية والتدليك بالإضافة إلى صناعة لوحات الفسيفساء التي اشتغلت فيها على تاريخ سورية واليوم لوحات مولدة للطاقة ولي 12 سنة في دراسة البندول الكاشف للطاقة السالبة والموجبة وأصله جميع صناعاتي هي من الخشب المبارك وهو الزيتون.
أما ماء الورد وماء الزهر فتجده عند السيدة ريم محمد التي لها زبائنها المخصوصين بعملها وعطرها.
الدكتورة زينة بعد صبر طال منا 8 سنوات نلنا مرادنا في حديقة السلطان بسوق مميز يحتاجه أهل المدينة والريف حيث اللقاء بالطيبة والأطياب، فلطالما كان هدفنا تشجيع المزارعين بزراعاتهم العضوية البعيدة عن السماد والكيماويات ونشجع أصحاب الحرف والمهن الصديقة للبيئة والإنسان لقد واجهتنا صعوبات كثيرة في حديقة البطرني التي سكنها لسنوات لتعصف بنا ريح الشتاء وتهلكنا شمس الصيف وكان السيد المحافظ أن وهبنا مشكوراً شادراً لأربع سنوات سحبته الريح عنا وبللنا ماء الأمطار، ليأتينا بشادر من الحديد لكن الأشجار قلمت وأصابتنا الشمس بالدوار تحملناها كلها تقلبات الطقس إلى اليوم وكان المستودع بعيد الذي نضع فيه أغراض المنتجين وعدة السوق من طاولات وموازين وكراسٍ ومنتجاتهم فليس من المعقول أن يذهبوا بمنتجاتهم وينقلوها معهم في الذهاب والإياب لضيعهم، وكل ذلك عالجناه في الموقع الجديد المحمي من الشمس والمطر والهواء، وصار لنا مستودع بنفس المكان قريب، كما أصبح لنا بهو لنشاطات أخرى غير السوق ونحن مستمرين حتى بنشاطاتنا الخارجية تنظيف وتشجير وإعادة تدوير وحملة نعم للحياة مع مرضى السرطان بدعم نفسي.
وقف السوق لخمسة أسابيع بسبب كورونا حيث أقفلت الحدائق وصار على المنتجين ضغط كبير بسبب الظروف الاقتصادية ففي السوق رزقهم وعيشهم، وسوق الضيعة ما يميزه أنه أول سوق منتجين بسورية من المنتج للمستهلك مباشرة ودون وسيط وهذا ما يؤمن فرص عرض وتسويق وفرص عمل للمنتجين الصغار وفرص عمل للنساء الريفيات يؤمن لهم جميعاً تمكين اقتصادي ودعم ليساعدن أسرهن ونحن في صميم الحرب لم نغلق السوق يوماً لكن هذا الظرف دفعنا للانعكاف في البيت والحمد لله رجع السوق أقوى وصار عنا أصدقاء وناس جدد ومنتجات زراعية وحرفية صديقة للبيئة وليس فيها (لا سكر ولا ملح ولا طحين أبيض) وفي القريب سيكون لنا مطبخ صحي على مدار أيام الأسبوع لمن يجيد الطبخ، ويقدم وجبات صحية بنكهات وعصائر صحية بالإضافة لجوارنا للبحر يعطي حالة صفاء وسلام، هدفنا ونسعى لأن يكون الإنسان متوازناً جسمياً وفكرياً وروحياً ليعيش بتناغم مع الأرض ونحن ضيوف على الأرض.
السيد سهيل ديوب المشرف على العمل مهندس بالبلدية يقول: تم العمل على تجهيز هذا المبنى والحديقة ليتم نقل سوق الضيعة بشكل أصولي من حديقة البطرني إلى هذه الحديقة، حيث تم تجهيز المبنى من الداخل وتزويده بالطاولات والكراسي وتم تنفيز طريق شحف صخري بطول 50 متراً وعرض 3 أمتار وتنفيذ حيز قوسي لألعاب الأطفال وحيز آخر قوسي لزراعة أزهار الياسمين وصيانة السور المعدني والقرميد والخيمة التي تظلل رواد وأهل السوق وتم تنفيذ الحمامات الخارجية كلها ووضع شبكة صرف مياه مالحة وحلوة وربطها مع الخارج ليتم تغذية المبنى بالمياه وتغذية المزروعات بالماء، يتضمن المبنى مستودعاً لوضع حاجيات العاملين وصالة كبيرة فيها ألواح سبورة كبيرة لأجل المحاضرات والندوات ومطبخ يخدم الناس في الخارج يشبه الكافيتريا بالإضافة إلى وجود مكاتب للإدارة وتم توجيه الأمر منذ 2012 بوضع هذه الحديقة تحت تصرف سوق الضيعة لعشر سنوات وأعتقد أنه مجاني وهذا الموضوع يتعلق بالدائرة المالية وسوق الضيعة وكنا اليوم قد قدمنا مقاعد بنموذج جديد علها تقى الاستحسان، أجد الأسعار رمزية في السوق ولا تجدين بجودتها في غيرها من الأسواق، وهي دعم النساء الريفيات، وتبقى الحديقة تحت إشرافنا العمل هذا هو شبيه بعمل جول جمال الذي قامت به البلدية في السنة الماضية وهو استثمار ذاتي من قبل مجلس المدينة وأدى إلى حركة نوعية وراحة للمواطن في ارتياد الشاطئ بالأسعار رمزية، ونقوم بتعميم الأمر مثلما جرى على البسطات لبيع المنتجات من المنتج إلى المستهلك مباشرة وتعميم الأمر للتخفيف على المواطن.
هدى سلوم