الوحدة: 7-6-2020
تبدو مشكلة ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة من أهم القضايا التي أصبحت الشغل الشاغل للجميع دون استثناء، ولم يعد أحد منا بمنأى عن معرفة الأسباب التي آلت بنا إلى هذه المرحلة المعيشية العصيبة التي يعيشها الجميع وخاصة ذوي الدخل المحدود، هذه الأسباب التي كان أشدها نقمة الحرب الإرهابية المدمرة وما نجم عنها من خراب وتدمير قامت به المجموعات الإرهابية المسلحة ليتلوها الحصار الاقتصادي الخانق للبلاد والذي أحكم خناقة ليحاربنا حتى في لقمة عيشنا، إلا أن مشكلة انقطاع الدواء أو ربما قلة توفره و صعوبة تحصيله من قبل المرضى فهذا بدوره مؤشر خطير ومخيف لابد من الإسراع بتفاديه وإيجاد حلول له من قبل الجهات المعنية قبل الوقوع في كارثة قد تودي بحياة كثر أو تعرض حياتهم للخطر في حال عدم قدرتهم تحصيل علاجهم وأدويتهم والتي حياتهم وصحتهم متوقفة عليها،
وهنا لابد من الإشارة إلى المعاناة الراهنة التي يمر بها عدد كبير من المرضى نتيجة عدم قدرتهم تحصيل الدواء الخاص بهم ومن بين هذه الأدوية التي أعرب عدد من المرضى عن انزعاجهم لعدم توفرها أدوية الغدة الدرقية وبالتحديد الخاصة بعلاج قصور الغدة الدرقية والتي يتعثر تأمينها خلال هذه الفترة وبشكل لافت.
عدد من مرضى الغدة الدرقية سردوا لنا معاناتهم حول عدم قدرتهم الحصول على الدواء من الصيدليات وانقطاعه بشكل شبه كامل وهم يتخوفون من استمرار الحال على هذا الشكل متمنين إيصال صوتهم ونقل معاناتهم للجهات المعنية لإيجاد حلول في القريب العاجل.
ليلى سيدة في ٦٧من العمر تعاني من قصور في الغدة الدرقية منذ خمس عشرة سنة تقول: إن الدواء الذي كنت أتناوله سابقاً هو (التروكسين) وبعد انقطاعه منذ حوالي سنة أو أقل استعضت عنه بالبديل وهو (ليفو تيروكسين) واستمريت عليه حتى الفترة الراهنة ولكن بعد انتهاء الدواء لدي منذ حوالي شهر ذهبت لأشتريه من الصيدلية فلم أتمكن من تحصيله لعدم توفره وقد سألت أكثر من سبع صيدليات وكان الرد غير متوفر وما زلت مستمرة بشكل يومي في البحث والسؤال عن الدواء الذي اعتدته لكن دون جدوى وقد أصبح لدي ردة فعل من استخدام البدائل ورغم ذلك لم أتمكن حتى من الحصول على البديل.
علي في الخمسين من عمره يعاني من قصور في الغدة الدرقية وقد التقيناه عند خروجه من إحدى الصيدليات واليأس المسطر على جبينه يوضح خوفه وغضبه لعدم توفر الدواء الذي اعتاده مؤكداً لنا أن هذه الصيدلية الخامسة التي سأل فيها عن دواء قصور الغدة الخاص به أو حتى بديل له فلم ينجح بتحصيله.
وحول الظاهرة والمشكلة القائمة قمنا بالتوجه نحو الصيدليات للتأكد من معاناة المرضى ولتبيان الأسباب سألنا أكثر من سبع صيدليات حيث أكد لنا أصحابها انقطاع دواء الغدة بشكل شبه كامل والسبب أن المستودعات لم تعد تؤمنه لهم إلا بكميات ضئيلة جداً مشيرين إلى المعاناة القاسية في تأمين الأدوية المطلوبة ولدى سؤالنا لهم عن الدواء (التروكسين) أكدوا لنا انقطاعه منذ حوالي سنة أو أقل وقد تم التعامل مع البدائل التي أثبتت فعاليتها بشكل جيد منها (ليفو تيروكسين) إضافة لبديل آخر (ليتروكس) ولكن المشكلة أنه حتى هذه البدائل توافرها قليل جداً وبكميات ضئيلة تتراوح من (١-٣ )علبه كل شهر لكل صيدلية مقارنة بعدد المرضى الهائل والذين يتوافدون بشكل يومي لتحصيل الدواء من الصيدلية وبمعدل عشرة مرضى كل يوم،
وبناء على كلام أصحاب المستودعات الذين كشفوا لنا أن المستحضر متوفر ولكن بكميات وحصص قليلة جداً وهذا هو سبب قلة التوزيع على الصيدليات إذ أن أصحاب المستودعات على وعد من المعامل والشركات بتوريد المستحضر بكميات كافية لاحقاً وتغطية حاجة السوق ريثما يتم تمويل المعامل بالمواد الأولية من البنك المركزي ليصار إلى استيرادها وتوفيرها وتوزيعها.
معاون مدير الصحة في محافظة اللاذقية الدكتور عبد اللطيف دمياطي بين لنا وجود فريق مسؤول لدى المديرية يقوم بجولات كشفية دورية مستمرة على المستودعات والصيدليات موضحاً أن أدوية الغدة الدرقية متوفرة ولكن بكميات قليلة جداً والسبب مرتبط بمعاناة الشركات والمعامل وصعوبة استيراد المواد الأولية نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تتعرض له البلاد مؤكداً أن الوزارة لم تتوان ولو للحظة عن دورها في تقديم كافة الخدمات الطبية والصحية للمواطن رغم التحديات والظروف القاسية الناجمة عن الحرب الإرهابية التي تعرضت لها البلاد والتي تجاوزت تسع سنوات وأضاف الدكتور دمياطي: تقوم المديرية وبشكل دوري برفع تقارير شهرية لوزارة الصحة للعمل على توفير الأدوية المقطوعة وغير المتوفرة منوهاً إلى أن مجموعات الرقابة الدوائية تتواصل مع الوزارة وبشكل دائم كما سيتم الإيعاز لجميع المستودعات بتوزيع الكميات المتوفرة لديهم للصيدليات وفي حال التأكد من وجود أي مخالفات أو احتكار للأدوية من قبل أصحاب المستودعات ستقوم المديرية وبالسرعة القصوى باتخاذ الإجراءات اللازمة.
أي معاناة يتعرض لها الفرد ستحمل في طياتها عبئاً كبيراً وربما ستستهلك كل طاقاته الجسدية والمعنوية وحتماً يتوجب علينا جميعاً كأفراد الصبر والتحمل في حال تعرضنا لأي ظرف طارئ إلا أن المعاناة مع المرض محال أن تتوافق مع هذا المبدأ أو مع نظرية الصبر والتطنيش والتأني وهو تحمل انقطاع الدواء أو الاستغناء عنه لأن هذا الامر ليس بمقدور المريض أو خارج نطاق استطاعته، ففي حال طال صبره على انقطاع الدواء والذي حياته وصحته رهينة به هذا بدوره سيعرضه للخطر أو ربما سيؤدي به للموت وبعد أن يتعدى صبره الحد الطبيعي لمناعة جسمه غير الطبيعي والذي اعتاد على الدواء الخاص به لا يمكن القول أمام هكذا قضية إلا كلمتين مختصرتين هما (للصبر حدود).
جراح عدرة