الوحدة: 2- 6- 2020
شكل تدخل الاتحاد العام للفلاحين في الجانب المتعلق بتسويق المحاصيل الزراعية خطوة مهمة باتجاه تفعيل دوره في متابعة كافة القضايا الإنتاجية الزراعية حيث ساهمت هذه الخطوة في إيصال المواد الزراعية من المنتج إلى المستهلك مباشرة بعيداً عن حلقات الوساطة التجارية التي طالما كانت مجالاً لشكوى الفلاح والمستهلك على حد سواء حيث تمكن المستهلك من الحصول على منتجات زراعية بأسعار أقل من أسعار السوق كما وتخلص الفلاح عبر هذه العملية من الاستغلال الذي يمارس عليه من قبل التجار وسماسرة السوق.
واجب تنظيمي ووطني
وفي اتصالنا مع السيد خطار عماد رئيس مكتب التسويق بالاتحاد العام للفلاحين بأن هذه الخطوة أتت انطلاقاً من الواجب التنظيمي والوطني المنظمة الفلاحية لمواجهة الظروف الراهنة التي تركت أثارها السلبية على المنتج والمستهلك على حد سواء إن كان لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة للمنتج أو ارتفاع أسعار المنتجات بالنسبة للمستهلك حيث بدأت هذه الخطوة من تسويق محصول البطاطا التي وصلت أسعارها في السوق إلى حوالي 1000 ليرة سورية وهو ما جعلنا نتحرك باتجاه إيصال المادة من المنتج في محافظة طرطوس إلى المستهلك في العديد من المحافظات السورية من خلال اتحاد فلاحي طرطوس وبالتعاون مع اتحادات المحافظات الأخرى حيث كنا نقوم بشراء المادة بأسعار تحقق هامش ربح مقبول للفلاح وتقوم بنقلها إلى المحافظات الأخرى دون إضافة سوى تكاليف النقل وهو ما أسهم في تحقيق جملة من الأهداف على حد سواء أولها منع استغلال الفلاح الذي يتحمل تكاليف عالية للإنتاج أسمدة – حراثة – أدوية زراعية .. من قبل التجار وتحقيق هامش ربح معقول له دون خسارة وثانيها هو حماية المنتج من خلال ايصال مادة ذات جودة عالية بأسعار مقبولة له وهو ما لاقى ارتياحاً لدى طرفي العملية التسويقية المنتج والمستهلك على حد سواء حيث ساهمت خطوتنا تلك في تخفيض سعر البطاطا على سبيل المثال من 1000 ليرة سورية تقريباً إلى 350 ليرة وقس على ذلك للعديد من المواد الأخرى وهو الأمر الذي يمكن أن يمتد إلى محاصيل أخرى مثل العنب والتفاح والزيتون وغيرها من المحاصيل في مرحلة لاحقة وكل ذلك ضمن إطار سعي الاتحاد للانتقال بالنجاح الذي حققه فلاحنا في الجانب الإنتاجي إلى الجانب التسويقي الذي طالما شكل موضع معاناة للفلاح وخصوصاً في محاصيل معينة مثل الحمضيات في الساحل أو غيرها من المحاصيل.
صمود رغم الحصار
وأشار عماد إلى الظروف الصعبة التي تحيط بالعملية الإنتاجية والتسويقية ولاسيما في ظل ظروف الحصار الجائر المفروض على وطننا والتي لم تمنع الفلاح من الاستمرار في العمل والإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين متطلبات أمننا الغذائي من مختلف المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني مؤكداً أن نقل النجاح الإنتاجي إلى الجانب التسويقي لا يقف على المنظمة بل يحتاج لتضافر جهود كافة الجهات ذات العلاقة وإلى تغيير ثقافة الاستهلاك لدينا لتستوعب الإنتاج وفائضه عند حصوله خاصة وأن توفير مثل هكذا ثقافة يمكن أن يساهم في حل كثير من معضلاتنا التسويقية والتي طالما عانينا منها في السنوات السابقة مؤكداً أن غلاء الأسعار إفشال للإنتاج المحلي باعتبار أن الغلاء يؤدي بالضرورة إلى قلة البيع وبالتالي إلى خلق مشكلة التسويق التي يجب أن تسهم في حلها الوزارات أيضاً من خلال استجرار المنتجات من الفلاح مباشرة / صحة – دفاع ../
تفعيل الجمعيات التسويقية
ولفت عماد إلى أن استراتيجيات الاتحاد العام للفلاحين تتضمن أيضاً تفعيل الجمعيات التسويقية التابعة له وخلق تجارة بينية فيما بينها بحيث يتم تسويق منتجات المحافظة المنتجة إلى المحافظات المستهلكة من خلال تلك الجمعيات وذلك بعيداً عن عقلية التاجر والعمل بعقلية المحتاج مشيراً إلى وجود أفق واسع للتحرك الفلاحي في هذا الجانب لاسيما مع تعدد مجالات عمل الجمعيات الفلاحية / خضار – فواكه – لحوم – نحل – أسماك/ وسعة انتشارها على امتداد خارطة الوطن داعياً لذلك إلى تعزيز مساهمة المنظمة الفلاحية ومشاركتها في مختلف الجهات المعنية بالعملية التسويقية كأسواق الهال والسورية للتجارة وإلى تعزيز مساهمة السورية للتجارة في هذه العملية من خلال استجرار المادة مباشرة من الفلاح وبيعها للمستهلك بأسعار معقولة.
تجربة اتحاد طرطوس مثالاً
وباعتبار أن اتحاد فلاحي طرطوس كان الرائد في عملية إيصال المواد والمنتجات الزراعية من حقول الفلاح إلى المستهلك في العديد من المحافظات كان لنا الحديث مع مضر الأسعد رئيس الاتحاد الذي قال بأن هذه العملية بدأت بتاريخ 28/3/2020 من خلال ايصال المنتجات من الفلاح إلى المستهلك في داخل المحافظة ثم توسعت باتجاه المحافظات الأخرى حيث شملت العملية البطاطا والباذنجان والبندورة والكوسا وباقي المنتجات الأخرى المنتجة في طرطوس والتي تم ايصالها إلى المحافظات لافتاً إلى أن الاتحاد سيقوم وبناء على توجيه قيادته سيقوم بجلب بعض المواد من المحافظات الأخرى إلى طرطوس، من أجل بيعها بأسعار معقولة /البطاطا من حماة وحمص بعد انتهاء الموسم في طرطوس – العنب من السويداء والبندورة من درعا والثوم من زاكي بريف دمشق والبازلاء وغير ذلك من المواد وذلك بهدف المساهمة في زيادة عرض هذه المواد في سوق المحافظة والمساهمة في تخفيض أسعارها وتوفيرها للمواطنين بجودة عالية وسعر مناسب مقارنة بأسعار سوق مؤكداً أن هذه الخطوة لاقت ارتياحاً من الأهالي والفلاحين على حد سواء كان لها من دور في كسر احتكار التجار واستغلالهم للفلاح وتأمين المواد بسعر مقبول للمستهلك.
وأما بلغة الأرقام فأشار أسعد إلى تسويق نحو 1200 طناً من الخضراوات /بطاطا – باذنجان – كوسا – بندورة – خيار – فليفلة مؤخرا ضمن الأسواق الشعبية في المحافظة وإلى محافظات اللاذقية والسويداء والقنيطرة وريف دمشق وحمص ورابطة البوكمال في دير الزور ومن المنتج إلى المستهلك مباشرة وبالتنسيق مع الاتحادات الفلاحية المعنية مشيراً إلى المباشرة كذلك بتسويق مادة الزيت في الأسواق الشعبية بالإضافة إلى مادة البيض بعد التنويه إلى متابعة الاتحاد لتسويق كافة الخضراوات ولاسيما البندورة في هذه الفترة بعد قرب انتهاء موسم البطاطا وفي الختام فإن هذه التجربة وعلى الرغم من صغر حجمها مقارنة بحجم الإنتاج والاستهلاك هي جديرة بالاحترام والتشجيع وذلك لكون التوسع بها ويمكن أن يجعلها أكثر قدرة على المساهمة في حل مشكلة التسويق التي طالما كنت العقدة التي تحتاج إلى حل وخصوصاً لبعض المحاصيل ومنها محصول الحمضيات في الساحل السوري الذي ينتظر موسمه القادم تضافر جهود الجميع لجعله أكثر ريعية للفلاح ومناسبة بالسعر والجودة للمستهلك علماً بأن الأمر يحتاج لجهود باقي الجهات المعنية بالتسويق وصولاً بالنجاح الإنتاجي الذي حققه الفلاح بعرقه وجهده إلى المستوى التسويقي الذي لازال يعاني من بعض المرات التي ننتظر حلها دعماً للإنتاج والمنتجين على السواء.
نعمان أصلان