الوحدة : 12-5-2020
ها أنا أسير في درب الحياة، حاملاً أوجاعي الّتي ما انّفكّت ترافقني في حلّي وترحالي، وها هي همومي تُثقل كاهلي، فأمشي صوب الغروب، علّني أُحمّله وأوْدعه بعض همومي وآلامي، وأنتظر منه الوعد أنْ يأتي الغد بحلّة جديدة، حاملاً أفراحاً وأخباراً ما زلتُ أنتظرها..
يا لهذا الغروب الّذي يُسابقني الدّمعات، فأراه يسكب دمعه قرمزيّ الّلون، اختلطت فيه الحمرة بالصّفرة، وكأنّي أراه ممزوجاً بالدّم، ومصبوغاً به، بعد أنْ شحب الّلون واصفرّ الوجه، فأرى الشّمس تعتّق الألم في جرار الحزن، وأنتظر الصّبح، علَّ شمسه تزفّ لي الّذي أنتظره محمولاً على جناح الفراشات الّتي تسابق الضّوء، لكنّها ريح المساء الّتي ترمي بريحها العابرة، فتشلح على أكتافي شالاً من الهموم، وتلبسني قلقاً ما يكفّ يتجدّد كلّ مساء، فلا أكاد أرى غير غبش يكاد يُخفي الضّحى الآتي بما أنتظر، وكأنّي أراه يركض قدّامي، فلا الضّحى بآتٍ، ولا الحلم والانتظار، لكنّها هي الدّروب الّتي حبُلَتْ بالأوجاع والآلام، وحان الموعد أنْ تحطّ حملها، فتولد الصّراخات التي تضيق السّماوات العلا والأرضين عنها، وأرى العصافير الّتي تفرّ من صدى الصّوت الّذي يرعد منبئاً بالقادم، حيث الكوابيس الّتي تحملها زوارق بحرٍ اسودّتْ مياهه، وتسمّرت في مكانها أمواجه، وتمزّقت أشرعة السّفن فيه، فكانت الأيّام التي غادرتني – ولم تلقِ السّلام – حاملة معها حتّى الذّكريات وبعض أمنيات.
يا له من زمنٍ تغيب فيه الأمنيات الّتي كنتُ أُبصر من خلالها بعض أيّامي، وأرى شمساً غير تلك الّتي كانت شمساً للآخرين, هي الشّمس الّتي أفسحت المجال للنّجمات كي يظهرن في ليلٍ داجٍ، لكنّه أبى إلا أنْ يفرش نعاسه عليهنّ، فلا بدراً يبدو في السّماء، ولا قمراً منيراً، ولا شيء سوى هدير موج يصرخ، ويعلم أنّي أعلم المواجع، وأعرف أنّ الأيّام لن تلد غير الأيّام.
نعيم علي ميّا