الوحدة : 3-5-2020
أعصب رأسي وألفه بملاحف الغثيان من كثرة التفكير بما كان وما سيكون، ولماذا دائماً نمشي (تذاكياً) إلى الوراء؟، هل (عِشقنا!) للحكومة يلهينا عن التبصّر بقراراتها الدفيئة، نحن شعب مشغول بالمظهر بينما القرارات دفينة كالوقود الأحفوري، لا تستخرج إلا بعد التنقيب والتفتيش في أغوار النفوس، والتقريب والتبعيد بالعقل والمعقول.
نلتف على الحدث بعدّة ثنيات من إيماءات ولاءات، تشبه تجاعيد وجه الأيام على بساط الحقيقة، وكأنها عمداً تشوّش على راداراتنا كي تصل إشاراتها ملغومة إلينا، هذا فيما لو أنّ الترددات كانت على موجة المواطن أصلاً، أو بصريح العبارة نفكر بمن لا يفكّر فينا!.
قل للمهرّب أعور بعينك وليس بعين المواطن المتحوّل (اقتصادياً)، والمطلوب منه أن يدخل عشّ الدبابير من باب (العواينية) ليباع ويشترى به، مرّة ممن اشتكاهم ومرّات ممن اشتكى لهم، والتسوية على حسابه، في محاصصة الكبار، قد تتحوّل السكّرة التي (يُحلون) بها إلى علقم في فمه إن علم بأمره المحاط بالسرّية المغلّفة بورقة الشفافية، ولماذا هذه الحشرية، إن كان للمالية عيونها على البوابات الحدودية؟، حرّاسها يحابون المهرّبين، نظارتهم السميكة لا تريهم إلّا سراباً، ومن يقنعهم أن من يمر أمامهم جمل وليس نملة!، أن كانت وزارة المالية تريد اقتفاء أثر المهربين من (فسديات) المواطنين، فلتسلك طريقها في الاتجاهين، (فسديات) على المهربين والجمارك كحد سواء، الشريكان في الغنيمة ثالثهما المواطن إن أتقن اللعبة، يسن الموس على الحدين، ويأكل (عالطالعة والنازلة) حتى وإن كان في الأمر نزاقة!
جرعات عالية من الدهشة قصفت آخر معاقل الثقة بالجمارك باتهامات لا ينفضها سوري عن (ذيقه) وإن ربّعته على عرش خطاياها، تهريب إلى لبنان دك عنق الحدث عن حكايا مرور من دون قيد أو شرط، وشماتة الأسعار من كل رب أسرة كسر الراتب عجزه، وشماتة التجار من كل مزارع قصم المعول ظهره، وكل مربي قرق على البيض عوضاً عن دجاجه.
(فكشت) القصّة الجمارك اللبنانية كشفت المستور وحلت لغز الأسعار، قبلناها على مضض تصديراً على الأقل مسنوداً بالدولار، لكن تهريباً!، فاجأ الأمر القطّة مغمضة العينين (المالية) تنيب المواطن بدورها وتستمتع بالمشاهدة حتى إذا فشل حمّلته جزءاً من المسؤولية، حتى إذ تنصّل أفهمته أن الفعل ليس كالكلام، وأن العلقة مع المهربين ليست كاللعب مع التجّار!
خديجة معلا