الوحدة : 3-5-2020
هل سألنا أنفسنا لماذا عندما ندخل منزلاً ما نشعر بانقباض في الصدر ورغبة شديدة بالخروج منه، بالمقابل ندخل بيتاً آخر فنشعر بالارتياح والسعادة والتواصل مع قاطنيه براحة نفسية وجسدية بلا توتر أو شعور بالضيق غير مفهوم لنا السبب؟ حتى في بيوتنا هناك منظومة طاقة المكان، حيث مسارات الطاقة التي لا ترى بالعين المجردة، فالمكان والبيئة المحيطة تؤثر على الإنسان وسلوكياته وإقباله على الحياة أو بالعكس..
علم طاقة المكان هو علم قديم كان منتشراً في الحضارات القديمة لكن مؤخراً تم تسليط الضوء عليه وعاد للانتشار وهناك شركات عملاقة عالمياً تعتمده عند تشييد المباني واختيار الديكور والألوان.
للإضاءة على علم طاقة المكان التقينا المهندس المعماري أسامة شريبا متخصص في علوم طاقة المكان…
× ما هو أصل علم طاقة المكان أو الفنغ شوي وماذا يدرس هذا العلم؟
×× هو علم هندي قديم تمتد أصوله إلى أكثر من 3000 عام وهناك دراسات تذكر إنه يعود إلى 5000 عام، وانتقل لاحقاً من جبال التيبت إلى الصين التي أولته الأهمية الكبيرة وصدّرته إلى كافة أنحاء العالم.
ويهتم علم الفنغ شوي بعلاقة الأشياء ببعضها وعناصر الطبيعة وكيف يؤثر ذلك على الإنسان وهذه العناصر تتمثل في النار والتراب والمعدن والماء والخشب.
× ماذا تعني كلمتي الفنغ شوي وهل هو علم مثبت فعلاً أم مجرد فلسفة قديمة؟
×× الفنغ شوي تعني الهواء والماء، وهما أساس الحياة حيث أن الطاقة تتسلل وتؤثر وتنسجم معنا كما ينسجم الهواء والماء مع الفراغ والوسط الذي يتواجدان فيه.
وبالرغم من أن الكثير من الناس لا يعترف بعلم طاقة المكان إلا إنه يتم تدريسه في الكثير من الدول مثل (الصين، الهند، سنغافورة، بريطانيا، فرنسا) بشكل أكاديمي وبشهادات معتمدة ويتم تطبيقه في جميع مجالات الحياة وله تأثير واضح على الإنسان والمكان.
× ماهي المبادئ الأساسية التي يعتمد عليها هذا العلم؟
×× يعتمد هذا العلم على دراسة البيت أو المكان عموماً، واتجاهاته من خلال استعمال آلات معينة كـالبوصلة المغناطيسية الخاصة بالفنغ شوي والتي تحدد الاتجاهات وتحدد نوع الطاقة الموجودة في المكان (منزل أو مكان عمل أو …أو …) و بناء عليها يتم تحديد الحلول البسيطة التي تهدف الى تحسين الحياة والنتائج المرجوة من هذا المكان.
× نلاحظ أننا أحياناً قد ندخل أماكن نشعر فيها بالراحة أو الضيق، هل الأمر مرتبط بالمكان أم الإنسان الموجود في هذا المكان؟ وأيهما أكثر تأثيراً على الآخر: المكان أم الإنسان؟
×× العلاقة تبادلية، وبما أن حياتنا عموماً قائمة على الطاقة لأن أجسامنا وكل ما يحيط بنا هو طاقة تختلف في كثافتها وتأثيرها، فإن هناك علاقة تبادلية بين الإنسان والمكان، والغلبة للأقوى دائماً، فإذا كانت طاقة الإنسان عالية فإنها ستسيطر على طاقة المكان وإذا كانت منخفضة فإن طاقة المكان ستغلب.
وتأتي طاقة المكان من ذاكرة المكان وتاريخه وما حملته هذه الذاكرة على مر التاريخ من أحداث إيجابية أو سلبية تبقى مخزنة في هذا المكان (مع إمكانية تنظيفه من هذه الذاكرة) كما أن التصميم المعماري والداخلي لهذا المكان والاتجاهات المدروسة ومواد البناء والأثاث والألوان وكل التفاصيل المستخدمة في التصميم تؤثر بشكل أساسي على هذا المكان، وأما طاقة الإنسان فهو من يتحكم بها عن طريق مراقبة أفكاره ومشاعره وكيفيه التعامل مع الأحداث المحيطة، وبالتالي فإن ارتياحنا أو عدمه في مكان ما مرتبط بالأشخاص والمكان.
× هل هناك نصائح يمكن للجميع اتباعها لتحسين طاقة المكان دون اللجوء إلى تغييره أو تغيير التصميم المعماري المعتمد؟
×× طبعاً:
– مدخل المنزل هو الأساس: حيث ننصح دائماً بالتركيز على المدخل بحيث يكون واضحاً ونظيفاً مع وجود نباتات حية على طرفي المدخل إن أمكن.
– المحافظة على المكان خالياً من (الكراكيب) والتخلص من كل ما ليس له ضرورة، لأنه يمثل طاقة راكدة يمكن استبدالها بطاقة متجددة عند إزالته.
– اعتماد الألوان الفاتحة والتقليل من الألوان الداكنة قدر الإمكان والتركيز على الإنارة والتهوية الطبيعية.
– تربية الأسماك والنباتات الحية في المنزل لأنها تخلق طاقة متجددة.
– تنظيف المكان باستمرار لأن الغبار يمثل طاقة ميتة.
– التخلص من كل النباتات الميتة ومن كل الصور التي تحمل ذكريات سلبية والتخلص من كل ما هو مكسور لأنه يحمل طاقات سلبية.
– الابتعاد عن الأشكال المدببة واعتماد الأشكال الانسيابية في الأثاث.
– توزيع لوحات على الجدران تحمل معاني إيجابية مفرحة.
– تشغيل الموسيقى أو التراتيل والترانيم والروائح العطرة في المكان مع فتح النوافذ.
– الابتعاد عن وضع المرآة في غرفة النوم أو تغطيتها أو على الأقل عدم وضعها مقابل السرير.
– الابتعاد عن وضع الصبار داخل غرفة المعيشة لأن الإبر فيه تقطع طاقة التواصل بين الأهل.
هذه مجموعة من النصائح التي يمكن للجميع اتباعها دون الدخول في التفاصيل العلمية البحتة ودون الحديث عن تغيير التصميم أو المكان بشكل كامل، ولكن يبقى الإنسان هو الأهم في اختيار الطاقة التي يريد أن يحيا بها بأفكاره ومشاعره وذلك عن طريق الحب ونشر المحبة، وطبعاً طاقة المكان تساعده وتنسجم معه.
ورداً على سؤال كيف نستشعر طاقاتنا، قال: باعتبارنا طاقات، فالتبادل يتم بشكل مباشر وغير محسوس، لكن نتائجه تظهر مع الوقت، حيث نؤثر في طاقة المكان وهي تؤثر بنا، عندما يكون المكان جديداً تماماً ونحن أول من استثمره فإننا نشحنه بطاقتنا فالمكان يحمل مع الوقت طاقة إيجابية، بالمقابل إذا كان للمكان طاقة قوية فإنه سيؤثر بطاقة الشخص الذي يستثمره أو يعيش فيه، يمكن للشخص أن يلاحظ هذا الشيء من خلال حياته وأحداثها ومشاعره وأفكاره هل هي إيجابية أم سلبية.
عبارات انتشرت وتزامنت مع الحجر منها: خليك بالبيت، بيتك أمانك، فتحت باب التساؤل ومواجهة الذات بغض النظر عن بساطة البيت أو فخامته، هل هذا البيت يوفر الطاقة الايجابية لقاطنيه ويعزز الحالة النفسية والتواصل وهل يحتاج لتنظيف طاقته؟ سألت م. شريبا: ماذا عن الطاقات المتضاربة ضمن المكان الواحد؟ بداية صحح لي العبارة بأن تعبير طاقات مختلفة تعبير أدق طاقياً وأكد أن الطاقة غلابة، والطاقة الأقوى هي التي تترك تأثيراً على الأضعف، عندما نعيش في مكان يعيش فيه أشخاص سلبيون وطاقاتهم السلبية عالية، فمن الأفضل أن ننفصل عنهم طاقياً، أي أن نفصل مشاعرنا وانفعالاتنا عنهم، ونتعامل معهم بمنطقية بدون تواصل مشاعري وفكري شديد، رغم أن هذا الأمر لا علاقة له بطاقة المكان لكن طاقة المكان تدفعنا لتنظيفه ونجعل كل ما فيه إيجابياً، بينما الأشخاص إذا كانت طاقاتهم السلبية عالية هذا أمر آخر، وهنا تكون طاقتهم غلابة وتغلب طاقة المكان لأن الإنسان أقوى، واستشعار أو قياس طاقتنا عموماً يمكن ملاحظته بالنتائج المحققة في حياتنا وانسجامنا مع المحيط.
توقفت عند التعامل مع أمر واقع لمنازل نسكنها دون تخطيط مدن وبناء يحقق شروط علم طاقة المكان من دخول شمس وتهوية ووجائب وانتشار حدائق خضراء، ليؤكد م. شريبا وهو المهندس المعماري أن التصميم منذ البداية على أسس علوم طاقة المكان من التصحيح والمتابعة، والتي تبدأ من اختيار الموقع الخاص بالبناء، حيث يفضل أن يكون مكاناً بعيداً عن منطقة سلبية (مقبرة، مشفى، مكب نفايات، قمة جبلية صخرية، نقط توتر عالٍ….) الأفضل أن يكون على تقاطع، ويفضل أن يكون قريباً من المناطق الخضراء والمكشوفة مع وصول الشمس والتهوية الجيدة، عند بدء التصميم يجب اعتماد مخطط (الباغوا) الخاص بالفنغ شوي ومعرفة توزيع الغرف وفق الاتجاهات المناسبة مع التركيز على مدخل المنزل لأنه نقطة الأساس لدخول طاقة المكان، وفي مرحلة الإكساء والديكور يجب اختيار المواد التي تحقق التوازن بين عناصر طاقة المكان الخمسة (نار، تراب، معدن، ماء، خشب).
وداد إبراهيم