الوحدة : 28-4-2020
ارتفع معدل القبول بكلية الهندسة الطبية في الجامعة ليتصدّر قائمة الهندسات.. خريجو الهندسة الطبية أقلية بعالم الهندسة عالمياً، يتم استثمار علمهم وخبرتهم إلى أقصى حد في ظل المنافسة العالمية بين الشركات في إطار سعي الدول للنهوض بالقطاع الصحي.
لنتساءل: لدينا، هل يتم تخريجهم من الكلية ليسافروا للعمل خارج البلد، والأبواب مفتوحة لبراعة ونجاح الشباب السوري، أو التوجه للقطاع الخاص، مع معاناة العاملين منهم في القطاع الصحي العام بالمشافي والمراكز الصحية من هضم حقوقهم، وتأخر تنظيم مزاولة المهنة للمهندسين الطبيين واستمرار لعمل مهنة المخاطر بطبيعة عمل لم ترتفع عن 5%؟
إضافة إلى أن هناك من ينظر لعمل المهندس الطبي بتشبيهه بعمل من يقوم بإصلاح (تلفزيون أو ستلايت وغيره..) .
مع الاحترام لكافة المهن دخول غير المختصين للعمل في هذا المجال، هو اختراق لاختصاص ينذر بعواقب وخيمة تنعكس على حياة المرضى في غرف العمليات، حول جاهزية الأجهزة الطبية ومعايرتها، وكذلك في العيادات والمشافي الخاصة، ليس كل من حمل (مفك وآفومتر) يجوز أن يُسمح له بإصلاح أجهزة طبية بلا حسيب أو رقيب، مع أن عمل المهندس الطبي يشمل محاور عدة على أكثر من صعيد.
لماذا الهندسة الطبية؟ صدفة جمعتني بمهندسين طبيين واستفزهم سؤالي أين أنتم من صيانة الأجهزة الطبية ليبدأ حوار انتهى بهذه المادة.
ماذا نعرف عن الهندسة الطبية؟
الهندسة الطبية: مصطلح يشير إلى إشراك الهندسة والطب لخدمة الإنسان في مجال الصحة وذلك من خلال تطوير التقانات الطبية وأساليب المعالجة للوصول إلى تحليل دقيق وتفسير لكافة الأمراض والآفات وما يتعرض له جسم الإنسان، فهو العلم المتعدد الاختصاصات الذي يعتمد إلى حد كبير على الهندسة والطب.
إذ يجمع بين العلوم الهندسية بأنواعها، وبين العلوم الطبية الحيوية والفيزيولوجية، من حيث تطبيق النظريات والتقنيات الهندسية المتقدمة للتعامل وتحليل وحل المشكلات الطبية الحيوية، وذلك من خلال تصميم أدوات وأجهزة مناسبة لقياس المنظومات الفيزيولوجية والحيوية وفهمها، وتطوير أجهزة قادرة على معالجة الأمراض والتعامل معها، مما يتطلب دراسة مبادئ وطريقة هذه الأجهزة وصيانتها ونمذجتها بالإضافة إلى دراسة فيزيولوجية جسم الإنسان والطاقات التي تصدر منه، والإشراف على بناء وتجهيز المنشآت الصحية والطبية لتقديم أفضل التصاميم الوظيفية وإدارتها للعمل بكفاءة ليتبين أن الهندسة الطبية: هو العلم الذي يهتم بدراسة وتجديد وتطوير وتصميم، وصناعة وبرمجة وصيانة التجهيزات الصحية والطبية وإدارتها.
المهندس الطبي الحقيقي المتمكن من عمله.. موسوعة شاملة
إن المهندس الطبي هو موسوعة شاملة بحد ذاته إذا كان مهندساً حقيقياً متمكناً من عمله لأنه درس كيمياء حيوية لمعرفة المواد الكيميائية والتفاعلات بجسم الإنسان ومقرر تشريح وفيزيولوجيا في كلية الطب لفهم جسم الإنسان، إضافة إلى هندسة الميكانيك والكهرباء بعمل الأجهزة الطبية، ولمن يعمل بهندسة المشافي هناك مقررات الهندسة العمارة والتخطيط مع متابعة الجانب العملي بالمشافي للاطلاع على كل أنواع الأجهزة الطبية وعملها ولأن الإلمام الكامل بها مستحيل إلا أنهم كمهندسين طبيين كاختصاصيين لديهم المعلومات الكافية عن الأساسيات الهندسية والكهربائية والطبية ومبدأ عمل كل جهاز وهناك معايير جودة تختلف بكل جهاز بين الشركات فيما المبدأ الطبي والهندسي واحد مع اختلاف التصميم.
انطلق قسم الهندسة الطبية منذ عام 1987، ليتحول إلى كلية ويتخرج المئات من المهندسين الطبيين من الجامعات هناك من اختار السفر لتحقيق دخل مادي أفضل والعمل بظروف تحقق القيمة المادية والمعنوية ومنهم من توجه للعمل بالقطاع الخاص.
ونتوقف عن الخريجين الذين دخلوا العمل بالقطاع العام الصحي لنتساءل: هل استثمرنا علم وخبرات هؤلاء المهندسين الطبيين، وهل حصلوا على حقوقهم أسوة بالعاملين معهم في مهنة المخاطر؟
يعمل المهندس الطبي في عدة محاور وعلى أكثر من صعيد منها: هو عضو دائم باللجان الفنية ولجان الدراسة والمستلمة للأجهزة الطبية المورّدة للقطر، والتأكد من أن الأجهزة أو المواد الداخلة مطابقة للمواصفات المطلوبة بما فيها الأجهزة الكبيرة والصغيرة وما يتعلق بالمواد الطبية من معدات حماية وألبسة أطباء وكمامات ومعقمات وغيرها.
بالإضافة إلى ضبط الجودة سواء بالصيانة للأجهزة الطبية أو الإشراف على برامج الصيانة وكذلك الإشراف على مشاريع بناء المشافي أو ترميمها لخصوصية تصميمها وفق ستاندرات عالمية لتوزيع غرف العمليات والمخابر وتمديد شبكة الغازات واستطاعتها وغرف الأشعة والطبقي وعزلها ومكانها لأن هناك أجهزة لا يجوز أن تكون قريبة من أجهزة أخرى تتأثر بالحقول المغناطيسية.
لماذا لا يتم فصل بند صيانة الأجهزة الطبية عن غيرها؟
صعوبة استيراد الأجهزة الطبية بسبب الحصار على سورية وانتشار وباء كورونا عالمياً وما يثار حول ضرورة تجهيز المشافي ومراكز الحجر بالأجهزة الطبية، يدفعنا للتساؤل حول تفعيل عمل المهندسين الطبيين ودعم وتمويل بند صيانة الأجهزة الطبية لنكتشف أن المهندسين الطبيين هم أقلية في الأقسام الهندسية في مديريات الصحة فيما الأولوية للمهندس المدني والمعماري وما يتم رصده لبند صيانة الأجهزة الطبية مشمول مع صيانة الأبنية والمرآب!
لماذا تأخر تنظيم عمل المهندسين الطبيين في مهنة المخاطر؟
أحد المرضى تعرض لتعب شديد بعد العملية واستمر فترة لا بأس بها لاستعادة عافيته ليكشف له أحدهم أن السبب هو جهاز التخدير لخطأ ما هنا من الممكن أن يكون السبب جهاز التخدير، إذا كان من قام بإصلاحه غير مخصص عند الإصلاح ليس المهم أن يشتغل الجهاز فقط لأنه ليس جهاز (تلفزيون أو شاحن) هناك معايرات طبية معروفة من قبل المهندس الطبي حسب كاتلوك الشركة الصانعة لذلك يجب تنظيم عمل المهندس الطبي أسوة بالطبيب أو الصيدلي لمنع العمل بصيانة الأجهزة الطبية لغير المختصين أو بإشرافهم لتلافي الأخطاء التي قد تحدث مع التشديد على أهمية تنظيم عمل الصيانة والمكاتب والشركات لتكون شهادة الهندسة الطبية لازمة لترخيص العمل في هذا المجال مقارنة بشروط ترخيص العمل بافتتاح صيدلية للصيدلي، أو لإحداث بناء وترخيصه بإشراف ومخططات وتوقيع المهندس المدني وعن طريق النقابة.
رغم أن المهندسين الطبيين يدفعون اشتراكات لنقابة المهندسين لكن تأخر تنظيم مزاولة مهنتهم أسوة بالهندسة المدنية أو المعمارية مع الإشارة إلى أن إصلاح وصيانة الأجهزة الطبية قد يكون الخطأ فيها قائلاً في المشافي الخاصة أو العيادات إن لم يكن من يقوم بذلك مختصاً.
ولا ينفي أن من يعمل من المهندسين الطبيين بالقطاع الصحي العام أثبتوا جدارة بعد اكتساب خبرات مع التقدم بسنوات العمل، وحجم العمل الكبير .. ومن حقهم تنظيم المهنة من أجلهم ولضبط العمل بقطاع معني مباشرة بحياة الإنسان.
ونسأل.. لماذا يسافر الشباب المتعلم؟!
إضافة إلى مهام المهندس الطبي، لابد من التوضيح أنه يدخل غرفة العمليات لتشغيل جهاز القلب والرئة، ويرافق جراح القلب أثناء عملية القلب المفتوح، وأيضاً في عمليات العظمية عند تركيب الصفائح أو المفاصل الصناعية والأطراف الصناعية بعمله هذا هو على تماس مباشر مع الأجهزة والدم والسوائل في بيئة مخاطر مع حجم عمل كبير بالمشافي لكنه يحصل على 5% طبيعة عمل فقط؟!
هل يسافر خريجو هذا الاختصاص الذي ارتفع وسيرتفع الطلب عليه عالمياً أكثر مع التوجه العالمي للاهتمام بقطاع الصحة مع براعة ونجاح المهندسين والأطباء السوريين بعملهم عبر العالم، وذلك للعمل بظروف تحقق لهم القيمة المعنوية والمادية خصوصاً خريجو الهندسة الطبية أقلية في عالم الهندسة عالمياً.
هل يسافر الشباب نتيجة الأعباء الكبيرة وضعف الراتب وانخفاض طبيعة العمل والنظرة القاصرة لعملهم وتشبيهه وتأطيره بعمل من يصلح (التلفزيون أو الستلايت) – مع الاحترام لكافة المهن – حتى من قبل الأطباء وغيرهم ولماذا لا تُحسب سنوات الخدمة كل سنة بسنة ونصف كبعض الاختصاصات الطبية مما يشكل حافزاً للخريجين للعمل في القطاع الصحي الذي يحتاجهم مع التوسع الأفقي لإحداث المشافي العامة والخاصة؟
سنختم بجملة عالمية متداولة حول العمل بقطاع الصحة وهي:
في كل العالم يعمل الكادر الصحي كله، من الوزير إلى المدير للممرضين فأمين المستودع والفنيين والمهندسين وحتى حارس الباب كلهم بخدمة الطبيب ليدخل المشفى ويقوم بعمليته إن كان بغرفة العمليات أو المعالجة وهو بأفضل حال والنتائج جيدة للمريض.
وداد إبراهيم