الوحدة : 24-4-2020
تتوسط قرية حلبكو أعالي الجبال الساحلية بريف جبلة المكسوة بحراج خضراء موشحة بضباب يعانق سحاب السماء.
قرية جبلية تأسر بجمالها كل من يمر بها ويتفيأ بظلال أشجار سنديانها ويروي ظمأه بمياهها العذبة ويتنفس عطر خوابي ترابها المندى بمسك معتق من السنديان والطيون والأزاهير البرية والأشجار الجبلية مثمرة وحراجية.
يشكلّ موقع الفندق السياحي بقرية حلبكو (أكليل الجبل) عامل جذب للمصطافين من عشاق الطبيعة البكر والمناخ الجبلي والهواء العليل، ويجاور الفندق نبع (عين السنديانة) حسب التسمية المحلية لأهل القرية، هذا النبع الجبلي الذي أذهلت مياهه المثلجة كل من نهل منه، ويمكن وصفه بثلاجة الطبيعة التي أنعم الله بها أهل القرية ليزيدها جمالاً وسحراً يفوق الوصف، وللعلم فإن القرية فيها أيضاً عدة ينابيع مياه عذبة موزعة في حارات القرية.
يقول شاعرها الراحل وابنها البار عماد جنيدي وقد اشتاقت روحه إلى ربوع قريته:
أعدني إلى قريتي
وأعد لي بيتي…. وأرضي وكرم الدوالي
هنالك يأتي المساء… ندياً.. جليلاً
وحين تجوع القرى… يجيء إله البراري
بزوادة الجوع للفقراء
أعدني…. أعد جدتي
تدهن الخبز بالزيت لي في الصباح
وحطابة الشير ترافقنا بالعتابا
وأما في حكايات الموروث الشعبي عن هذه القرية الجبلية والتي حدثنا عنها السيد نبيل عجمية بقوله:
حلبكو تعانق النجوم وتسهر مع القمر وتطل على البحر المتوسط وتجاور (أرض الغار) حلة عارا والمنيزلة والكروم ومتور وحرف متور وتطل على بلدتها الأم بيت ياشوط من جهات عدة.
ينابيعها ووديانها وغاباتها الحراجية مزنرة بأزاهير برية وطيورها تشدو على أنغام قصائد مفتونة تعشش في جنبات الذاكرة تنكسب شعراً دافئاً مؤثراً في الفكر والوجد الإنساني.
وتابع السيد عجمية: تغنى بها شاعرها المولود عام 1917 ياسين سليمان محمد عمار رحمه الله ، وقال:
وانظرِ الأفقَ فـما أحسَنَهُ
مـن هـنـا عـند شـروق القـمـر
وتـنـاسَ الـوصل وانشُق عبقًا
يـتـوالى مع نسـيـم السحر
هكذا نحن عـلى قـمتـنا
نفحـاتٌ مـن بقـايا الزهر
وتابع السيد عجمية: حلبكو موغلة في القدم يبلغ ارتفاعها /1139/ م ، و يتوضع ناووس على أعلى قمة جبل يُطلق عليه أهل القرية جبل الناغوص، حيث يعود هذا الناووس إلى العصر البيزنطي.
تبعد قرية حلبكو عن مدينة اللاذقية 55 كم وعن مدينة جبلة 30 كم وعن مركز الناحية في بيت ياشوط 5كم، وتشتهر حلبكو بعدد من الزراعات كالجوز والكرز والتفاح والرمان والتين والتبغ بعد أن كانت تعتمد قديماً على زراعة الحبوب بأنواعها (قمح شعير حمص عدس).
ويُعرف عن القرية بأن غالبية أبنائها حاصلين على شهادات علمية عالية.
كما يشتهر أهلها بالصفات الكريمة وبخاصة الكرم فهي مضرب أمثال بذلك…
أيضاً حلبكو قرية سياحية من الطراز الأول وفيها مطعم جميل وفندق راقٍ لا يتوقف صيفاً وشتاء…
وعن معنى اسم حلبكو يقول الباحث في الموروث الشعبي عجمية: كثرت الروايات عن معاني اسم حلبكو لكنني سأكتفي بذكر ما جاء في مدونة الباحث منير صبح سعيد: معنى حلبكو البعل الأمير مخصب الأرحام.
ماذا عن خدمات حلبكو ؟
مجموعة من أهالي حلبكو نقلوا إلينا مطالبهم فيما يتعلق بتخديم القرية وتركزت مطالبهم على ضرورة توزيع الخدمات بشكل عادل بين الأحياء، ومنها ترحيل القمامة والإنارة و الطرقات والصرف الصحي إضافة إلى ضرورة بناء مستوصف صحي.
بدورنا نقلنا مطالب أهل القرية إلى رئيس بلدة حلة عارة – تجمع قرى حلبكو والمنيزلة والكروم و بشيلي السيد حاتم يوسف أوضح لنا:
أن مجال عمل البلدية يضم خمس قرى هي حلة عارة وحلبكو والكروم والمنيزلة وبشيلي.
وتابع: تمتلك بلدة حلة عارة جراراً وحيداً يخدم التجمع المذكور مع العلم أن هناك تباعداً بالمسافات بين القرى المذكورة.
فيما يتعلق بحلبكو (والحديث للسيد حاتم يوسف) فإن عدد سكانها يبلغ 11500 نسمة، والبلدية تقوم بترحيل القمامة مرة أو مرتين أسبوعياً حيث توجد خمس مكبات في القرية، ونادراً ما يتوقف ترحيل القمامة إلا بسبب عطل طارئ يحدث للجرّار، مشيراً إلى أن هناك بالعموم حاجة ملحة لتزويد البلدية بـ 50 حاوية إذ تم رفع هذا المطلب على أمل تزويد البلدية بهذه الحاويات.
وبيّن السيد يوسف أن البلدية أجرت عدة دراسات بالاعتماد على الإعانة التي تم منحها للبلدية السنة الماضية بقيمة 50 مليون ليرة، موضحاً أن الدراسات التي أجرتها بقيمة 180 مليون هي: دراسة مشروع صرف صحي في حارة بيت الجنيدي بحيث يتم ربط الشبكة بشبكة حلة عارة، حيث تم اختيار حارة بيت الجنيدي نظراً لتعذر ربط الشبكات مع مناطق بعيدة في حارات أخرى.
دراسات لإقامة عدة جدران استنادية و صيانة الطرق التي تخدم قرية حلبكو .
كما أجرت البلدية دراسة لإنشاء مستوصف صحي وهو مُدرَج ضمن المخطط التنظيمي حيث حصل على موافقة مبدئية من مديرية الصحة على أمل المباشرة بتنفيذ هذا المشروع الحيوي والمهم جداً لأبناء القرية لاسيما أن حلبكو تفتقد إلى الخدمات الصحية نظراً لبعدها الجغرافي.
وفيما يخص الإنارة بيّن السيد يوسف أن كلفة مشروع إنارة تقدر بحوالي 3 ملايين نتمنى التمكن من القيام به حين توفر الموارد المالية اللازمة.
وفيما يتعلق بانقطاع المياه في القرية وعدم تغذيتها إلا كل 15 يوماً، بيّن السيد يوسف أن فعلاً هذه مشكلة حقيقة كانت في السابق، إنما مؤخراً جرى تحسن ملموس على هذا الصعيد حيث يتم تغذية القرية بالمياه كل أسبوع على أمل الاستمرار بهذا البرنامج على مدار العام لاسيما في فصل الصيف نظراً لزيادة عدد السكان من أبناء القرية المصطافين والزوار.
يُذكر أخيراً أن القرية لا يخدمها سوى سرفيس وحيد حيث يأمل الأهالي النظر بهذه المشكلة التي يعانون منها عند الحاجة للتنقل آملين إيجاد حل مناسب من الجهات المعينة لتزويد القرية بوسيلة نقل أخرى للتخلص من هذه المعاناة.
ازدهار علي