الوحدة : 21-4-2020
من حقّ الجميع أن يستفيد من خيرات هذا البلد، وأن يكون توزيع الثروات فيه عادلاً، وأن تفكر كل جهة بطريقة ما لتحقيق الفائدة للقطاع الذي تديره أو تعمل فيه..
البطاطا.. قصة الموسم، هذه السلعة الغذائية التي لازمت الفقراء والبسطاء عقوداً من الزمن ترفض اليوم (عشقهم)، وتعرض (مفاتنها) على موائد الأغنياء!!
أن تكون ابن الساحل السوري، وتشتري كيلو البطاطا بحدود (500) ليرة في ذروة موسم العروة الربيعية فهذا أمرٌ محيرٌ..
وأن تكون محاصراً بـ(النقّ) من الطرفين: المنتج والمستهلك، فهذا أيضاً يدعو للحيرة..
عمدت فروع اتحاد الفلاحين وجهات رسمية ونقابية أخرى في بعض المحافظات إلى استجرار كميات كبيرة من محصول البطاطا في محافظة طرطوس لبيعها في محافظاتهم بسعر التكلفة، وهذه خطوة إيجابية يُشكر عليها من قام بها، ولكنها ليست محسوبة جيداً، فهذا الأمر أفقد مستهلكي البطاطا في محافظتي طرطوس واللاذقية من ميزة تواجدهم في منطقة الإنتاج، وبقيت أسعارها محلقة رغم الوفرة الكبيرة في كميات إنتاجها!
لسنا ضد هذه الخطوة، ومن حقّ الجميع أن ينعم بخيرات البلد كما أسلفنا، ولكن من حقّ من تضرر من هذا الإجراء أن يجد تعويضاً ما يشعره بـ (تعميم الفائدة) كأن تأتي السيارات التي ستحمل البطاطا إلى السويداء بالتفاح مثلاً فينخفض سعره قليلاً في الساحل السوري أو تأتي بـ (المتة) الخارجة على القوانين وعلى الأسعار!
لو يحصل هذا الأمر، فإن ما حُرمنا منه في (البطاطا) نعوّضه في سلعة أخرى ولو كانت (محارم تواليت)، أما أن نشتري البطاطا وهي على مرمى (اشتهاء) منّا كما لو أنها مستوردة ففي هذا ظلم واضح.
راهناً كثيراً ومازلنا نراهن على أن الإنتاج المحلي هو وحده القادر على إيجاد توازن ما في السوق، وهو وحده القادر على إعادة تمكين المواطن السوري، شرط أن يُدار بطريقة صحيحة وألا تقتصر محاولات (اللجم) على المنتج الزراعي فنصيب من تمسّك بأرضه بمقتله..
تحدثنا سابقاً في هذا الصدد عن (البيض والفروج) واليوم نسأل عن المتة والمنظفات والمعلبات وغير ذلك، ولماذا بقيت خارج إجراءات الضبط؟
لا نقبل أن يكون (المزارع فقط) هو كيس التدريب لاستعراض عضلات الآخرين، وإن كنا نطالب وبشدة باستمرار هذه الإجراءات ولكن ضمن سلة متكاملة تشمل جميع الإنتاج المحلي وبما يحقق مصلحة المنتج والمستهلك..
عندما تُستعصى (علبة المتة) ويستمر سعرها محلقاً وهي (استراحة المزارع) فمن الطبيعي أن يشكو هذا الأخير من منع تصدير منتجه وفتح الأسواق الخارجية أمامه، ولكن عندما يرى أن الأمر يشمل الجميع فلن تكون لديه أي مشكلة..
قيادة هذه المرحلة تتطلب الكثير من الحنكة والحكمة، وتتطلب أيضاً وجود أناس قريبين من المنتج والمستهلك، أما الذين لا يعلمون ماذا يحدث خارج مكاتبهم فلن تأتي قراراتهم بالمفيد..
غانم محمد