النباشون خارج معادلة الوقاية من كورونا

الوحدة : 19-4-2020

ربما لأنهم اعتادوا اللعب بالقمامة وأدمنوا نبشها لم تعد تعنيهم عمليات التعقيم وحملات التوعية التي يتم إطلاقها للوقاية من فيروس كورونا، وربما أيضاً هم فضلوا الخروج من هذه المعادلة نظراً لارتفاع تكاليف النظافة والتعقيم لاسيما لمن يحتك بالقمامة طيلة يومه بحثا عن لقمة عيش ليست أنظف من أكوام القمامة التي  يحصلون من خلالها على دخلهم اليومي.

ورغم حملات النظافة التي تبنتها بلدية اللاذقية إلا أن هؤلاء النباشين لم يتم التطرق إلى عملهم من خلال منعهم أو ردعهم علماً أن عملية النبش ممنوعة وفق تعليمات قانون النظافة رقم ٤٩ والمعروف أن النباشين يختارون أوقاتاً معينة للبحث ضمن أكوام القمامة وهكذا نجد أنهم خارج معادلة حظر التجوال أيضاً، وقد يحار المرء بوصفهم هل هم مخالفون لقانون النظافة وخارجون عليه أم فئة فقيرة لا مهنة يعتاشون منها سوى البحث في القمامة، والسؤال الثاني هل هم عرضة للخطر أم يعرضون الشارع والأهالي للخطر من خلال نبش القمامة وتركها عرضة للقطط والكلاب الشاردة والقوارض، هل هم يلوثون البيئة أم يحمونها من حيث لا يدرون حيث أنهم يقومون بعملية فرز النفايات الضرورية والتي عجزت الجهات المعنية محلياً على تنفيذها رغم مساعدات جايكا وإقرار هذا البند في أكثر من خطة عمل.

الخلاصة أنهم أمر واقع ولا أحد يهتم لواقع عملهم وآثاره الصحية عليهم وعلى المجتمع واللافت أنه ثمة أطفال صغار يمارسون هذا العمل بحكم توارث المهن أو لحاجة العائلة  وهنا مكمن الخطر حيث أن هؤلاء الأطفال وحتى الكبار قد يكونون اكتسبوا مناعة ضد بعض الفيروسات بحيث يحملونها ولا تظهر عليهم أية أعراض  وفي الوقت ذاته عند مخالطتهم لبعض الباعة قد ينقلون إليهم فيروسات وامراض عديدة.

عند سؤال صافي  الذي يبلغ من العمر السادسة عشرة ويعمل في نبش حاويات القمامة عن حاجته لمثل هذا العمل أجاب: إنه يجمع ما يجده من حديد وبلاستيك ويبيعها من أجل تأمين ما يسد رمق أسرته التي يزيد عدد أفرادها على الستة، فقد اضطر لترك المدرسة من أجل العمل وتأمين لقمة العيش، ولم يجد عملاً سوى نبش القمامة وبيع ما يجده.

وعند سؤاله حول فيروس كورونا استغرب التسمية ولم يعرف ماذا تكون ولا علم له بأساليب التعقيم سوى حمامه الدوري بين الفينة والأخرى وفي حمام العيد أيضاً.

 نباش آخر قال: أتردد إلى الحاويات يومياً لأبحث عن علبة كرتون أو أي خردة يمكن بيعها لأجني منها مالاً، حيث أجوب الكثير من المناطق السكنية والحارات التي ترمي الكثير من الأكياس، وبعض الأغراض عديمة الفائدة والنفع أبيع منها ما يؤخذ وأترك ما ليس له فائدة، مشيراً إلى أنه على الرغم من كل الروائح والأمراض الجلدية التي يتعرض لها إلا أن نبش القمامة هو المهنة الوحيدة التي يعمل بها.

 أبو سامر يعمل في نبش القمامة منذ زمن قال: إنها لا تحتاج خبرة أو أي شهادة فهي أقل مرارة من طعم الفقر، وما يهم نباش القمامة هو جمع ما يصلح للبيع لإعادة تدوير.

في الوقت عينه يمكننا القول إن  معاناتنا جميعاً من نباشي القمامة معاناة كبيرة ويومية, فبسببهم تصبح  عمليات التنظيف وترحيل القمامة لا جدوى منه، حيث يعمد نباشو القمامة إلى بعثرة محتويات كيس القمامة في كل مكان.

وعل الرغم من الاتهامات التي تساق إلى من يُطلق عليهم اسم (نباشي القمامة) بانتهاكهم القوانين، إلا أن لهم أثر كبير في حماية البيئة، من خلال أخذهم المواد البلاستيكية من القمامة، لبيعها لاحقاً والاستفادة من ثمنها القليل في تأمين مستلزمات حياتهم وحياة عوائلهم.

حيث تعتبر النفايات البلاستيكية من أخطر أنواع النفايات، ويكون مستقرها النهائي مكب النفايات، ما لم يعثر عليها بعض المشتغلين في جمع البلاستيك (النباشين)، حيث يبيعونها للتجار الذين يعملون على إعادة تدويرها.

والنفايات البلاستيكية التي تشكل خطراً كبيراً على البيئة، تشمل أيضاً أكياس النايلون (البلاستيك) حيث لا تنحل في التربة وتبقى لسنين طويلة ما يترك أثراً خطيراً على التربة وعلى عناصرها الغذائية، وهناك خياران أمامنا إما حرقها في المكبات وهذا من شأنه أن يلوث التربة لأعماق بعيدة فيها ويلوث الجو، وإما أن يجمعها بعض الباحثين عنها ويبيعونها وهذا أخف وطأة على التربة وعلى البيئة.

وقال أحد الذين يأخذون المواد البلاستيكية من القمامة، إنه يجمع تلك المواد ويبيعها لوسيط مقابل مبلغ معين، مضيفاً أنه يجمع شهرياً ما وزنه حوالي الـ50 كغ من المواد البلاستيكية.

وهنا نقف لنتساءل عن حجم الخدمة الإيجابية التي يقدمها هذا النباش مضطراً متناسياً الأثر السلبي الذي ينعكس أو سينعكس عليه وعلى صحته.

هلال لالا

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار