الغذاء الصحي المتكامل ضروري لمواجهة كورونا د. وردة: في سورية.. ربّ ضارة نافعة والالتزام بالإجراءات مفيد
الوحدة : 8-4-2020
عند هاجس عالمي ومحلي لم يتوقف إلى الآن, بدت الصحة وهي أغلى ما نملكه في مواجهة شرسة مع طارئ مقلق جداً هو فيروس مستجد, كما يسمى (الكورونا), حتى أنه وصف بعدو البشرية الجديد الذي أشعل الحرب العالمية الثالثة ضده رغم أنه لا يرى بالعين المجردة, هذا المهاجم الجديد الذي شلّ حركة الحياة على سطح كوكبنا, وأوقف عجلتها العادية, لتتوقف معها كل الأعمال إلا ما يخص درء شراسته, باستنفار طبي عالمي في أوسع نطاقاته وحالاته لمعرفة كيفية نشوئه والمحاولات الحثيثة لإيجاد الدواء بأسرع وقت ممكن و هذا بالمجال الطبي, أما نحن خارج الملاك الطبي حيث نعيش هاجسه بقلق أكبر ليكون رسم ساعات اليوم على شاشات نتلقى فيها أي معلومة عنه, تريح ولو قليلاً.
في ظل التساؤلات التي ما زالت جاثمة على صدر البشرية, يصير لأي لقاء لنا أو حوار مع الجانب الطبي أو مع أحد كوادره أنما غنيمة لإشباع شغفنا الذي لا يهدأ, ولأن السؤال ما زال يطرق السؤال حول هذا المرض المخيف حالياً, تواصلنا مع الدكتور إبراهيم فاضل وردة من أمهر أطباء العينية, وهو أحد الأطباء السوريين المميزين الذين يعيشون ويعملون في ألمانيا, ولكن قلبه ما زال ينبض بسوريته الأبية, وكما السوريين دائماً يسارع دوماً في تقديم أي فائدة لبلدنا الحبيب سورية وللعالم, وخاصة أنه يشارك في الأبحاث العلمي وأيضاً الإحصائية الخاصة في هانوفر لدراسة تغيرات انتشار وباء كورونا, وعلى اتصال دائم ومراسلات حثيثة مع التعاطي الطبي العالمي وإصدارته في ألمانيا وخارجها, ولأننا هنا في سورية وكما العالم نعيش هذا الهاجس المقلق, كان لنا بعض الأسئلة مع د. إبراهيم فاضل وردة الذي رحب سريعاً بالحوار معنا بإعطائنا المعلومات المفصلة حول كورونا الجديد أو CONVID-19،وكيفية تجنبه أو المساهمة في تخفيف انتشاره فقال لنا مشكوراً…
× في ظل الأسئلة حول وباء الكورونا الذي يضرب العالم نود أن نوضح فيها بعض النقاط والتساؤلات التي تشغل بال الجميع هنا كبداية ماذا نقول من موقعك كطبيب؟
×× أريد أن أتوجه مباشرة لكل مواطنة ومواطن في سورية أن يعد المشاركة الذاتية الإيجابية والمساهمة في إبطاء وتخفيف انتشار وباء كورونا الخطير واجباً وطنياً وإنسانياً، والاستهتار أو الجهل وعدم تحمل المسؤولية الجماعية يشبه إلى حد كبير جنود يخلون موقعهم الدفاعي في سور مدينتهم أو وطنهم ليتدفق منها المهاجمون أو الفيروسات، ويتسببون في تفشي الوباء وقتل أبرياء من أحبتنا، كل هذا الضخ الكبير والإجراءات الهائلة هي لحماية هذه الفئة من السكان من إمكانية حدوث موت محتم يمكن تجنبه.
× في ظل التجاذبات والمعلومات المختلفة التي تتصارعها الشاشات والمواقع ,ما هو رأيك ومن موقعك كطبيب في نشوء هذا الفيروس؟
×× (الكورونا) أو التاجيات عائلة فيروسات معروفة، وليست أي شيء آخر كما نقرأ من مصادر مجهولة مضللة، الفيروس الجديد من الكورونا الذي يتسبب بالجائحة الحالية هو فيروس جديد التصنيف ومصنف تحت اسم SARS-COV-2، لم يتحدد مصدر نقله للإنسان حتى نهاية آذار٢٠٢٠، والاتهامات المتبادلة عن تصنيعه أو أن تغييراً تم إحداثه في شفرته الجينية قد تكون باطلة ومجرد نقاش غير ضروري، العلماء تنبئوا منذ عدة سنوات بحدوث طفرة جينية في فيروس كورونا قليل الفوعة المعروف سابقاً, لازال الوسيط الناقل للفيروس من الخفاش إلى الإنسان مجهولاً، كل الاحتمالات ممكنه، دعي الناس تتكلم ما تريد، كثير من المتحدثين والناشرين ليس لهم خلفية علمية طبية، هذا النقاش غير مفيد ولا يهم الإنسان العادي ولا حتى الطبيب حالياً، المهم أن نعرف أنه فيروس قاتل وخطير جداً، وما ينشر على وسائل الاتصال الاجتماعي لا يمكن اعتبارها مصدراً صحيحاً للمعلومات، وهو يشوش حتى المتعلمين فما بالك بالعامة، لقد بدأت أولى الإصابات في مدينة Wuhan الصينية الصناعية نهاية عام ٢٠١٩ واعتبر وباء عالمياً في 30/1/2020 بسبب سرعة انتشاره بين السكان وتسببه بالوفيات السريعة, تم تحديد نوعين منه S-Type و L-Type الأكثر فتكاً بالخلايا وبالبشر، وهو من نوع RNA ويبلغ حجمه ٦٠-١٤٠ نانومتر (أو انغستروم أي ١ من مليون جزء من المليمتر الواحد)، وحجم التويجات التي نراها على سطحه ٩-١٢ نانومتر تساعده في الالتصاق على سطح الخلية في موقع تم تحديده ACE2 ويحتاج إلى تفعيل موفر له على سطح الخلايا، مما يسهل له إدخال حمضه النووي أل RNA +والتكاثر وإنتاج نفسه من جديد بسرعة عالية جدا وفتاكة أحياناً حسب نوعه, يدخل الفيروس من خلال الأغشية المخاطية في العين والفم والأنف والبلعوم والقصبات والرئة ولا يدخل الجسم عن طريق الجلد.
× في عالم تميز علماؤه بفهم التركيبة الجينية لأغلب التركيبات الموجودة، ماهي الصعوبة التي تواجه العلماء في اكتشاف دوائه؟ ولماذا تقف البشرية عاجزة عن إنتاج دواء قاتل للفيروس يوقف أمراضياته، هل العالم في ورطة؟.
×× نحن كأطباء نعالج كثيراً من الفيروسات التي تعيش في أجسامنا وترافق المرضى طول العمر أحياناً, الإنسان الذكي أنتج لقاحات عظيمة ضد الفيروسات، لكن لا يوجد دواء قاتل للفيروس داخل الخلية وداخل الجسم حتى الآن، هناك أدوية تثبط تكاثره ريثما يتعافى الجسم وتزداد مناعته المعرفية للفيروس ويتم القضاء عليه أو تغليفه وعزله، هناك لقاحات ومصول مضادة، البشر والحيوانات ستشكل مناعة ضد الفيروسات بعد الإصابة بحالة كورونا ولازال الوقت مبكراً لمعرفة النتائج, المعالجة بحالة كورونا عرضية في معظم الحالات وذلك حسب شدة الأعراض والعلامات السريرية، حيث تطبق معالجات مثبطة لنمو الفيروس أو مبطئة لتكاثره ضمن الخلية ولن أدخل بأسماء الأدوية لأنها لا تخص المواطن البسيط ونقاشها كما يحدث على الميديا يثير السخرية، لكنها متوفرة وليست غالية الثمن، هناك خطط للعلاج طبقت وجربت وكانت ناجحة ونشرت للأطباء وأصبحت الخبرات العالمية بمتناول الجميع، تتضمن بروتوكولات مكافحة نقص الأكسجة والصدمة وتخفيف تأثير ارتفاع الوسائط الالتهابية في الجسم وتحسين أداء الجهاز التنفسي، وربما استخدام التنفس الصناعي الآلي في الحالات الخطرة وهنا النقطة الحرجة في النظام الصحي ففي حال ازدياد عدد الحالات بشكل عمودي يعجز النظام الصحي عن معالجة جميع المصابين ويعرض من يحتاج المنفسة الصناعية للموت في حال عدم توفرها، لا يوجد لقاح أو مصل مضاد معلن حتى الآن لكن هناك دراسات تجريبية صدرت والجميع يتسابق لإنتاج اللقاحات والمصول النوعية وكسب المال الوفير وهذا يحتاج وقتاً للتجريب والاختبار في مخابر موثوقة.
× ولماذا يصيب كبار السن أو ما فوق الخمسين, ولا يصيب الأطفال، وكما نعرف بأن الأطفال دائمو المرض في سنواتهم الأولى؟
×× الجميع يمكن أن يصاب من الوليد حتى المسن، الأطفال أكثر عرضة للانتانات والعدوى ونشر العدوى لأنهم لا يعرفون طرق الوقاية ولا يعرفون عما نتكلم، لكنهم مقاومون وأقوياء جدًا فجهازهم المناعي بنفس الحيوية والنشاط, في دراسة على ١٣٦ طفلاً مصاباً بحالات فوق متوسطة وشديدة في الصين احتاج طفل واحد التنفس الصناعي وتماثلوا جميعاً للشفاء دون وفيات, ترتفع الوفيات لدى المسنين لكثرة أمراضهم وهمومهم وبالأمس نشر فيديو لتعافي مريض بعمر ١٠٢ سنة في إيطاليا، ينجو حالياً من كل ١٠٠ مصاب مسن فوق عمر الثمانين ٩٠ منهم, تزداد نسبة الوفيات حسب العمر من ٢ في ألف إصابة تحت عمر الأربعين بسبب قلة الأمراض المرافقة وقوة المناعة وترتفع إلى أكثر من ١٢٪ بالمئة للمسنين فوق الثمانين والمصابين بأمراض المناعة والأورام والسكري الغير مضبوط والرجال أكثر تعرضاً.
× ما هو الإنذار في حالة كورونا هل الوضع خطير؟
×× الإنذار بالعموم جيد ولا حاجة للخوف والهلع، نعم الخطر كبير ومقلق جداً في الفئات العمرية المتقدمة والمصابة بأمراض تضعف مناعتها، المرض في معظم الحالات خفيف الشدة إلى متوسط، وفي الحالات الحرجة القليلة يهدد الحياة ونحن نشاهد ما يحدث.
× هل الشفاء تام أم أنه يترك اختلاطات وعجز؟
×× طبعاً يترك المرض إصابات مختلفة حسب شدة الإصابة من لا عرضية إلي خطيرة تحتاج إعادة تأهيل الرئة والجهاز التنفسي ومعالجات طويلة الأمد عند إصابة قسم من أنسجة الرئة بالتندب والتليف.
× موضوع التغذية والنصائح التي تفيض بها المواقع وما يشاع على أن أكل الثوم والبصل والمواد الحامضة في تقوية المناعة ضد الفيروس والذي تسبب بارتفاع أسعار هذه المواد لكثرة طلبها؟
×× هذا يشبه ما يقال إن النبيذ الأحمر يطيل العمر بسبب وجود مضادات الأكسدة فيه، ونسوا أن الكحول سامة ومدمرة لخلايا الكبد والدماغ وربما عدة حبات كرز أو توت بري أحمر فيها مضادات أكسدة مفيدة أكثر من عشر زجاجات نبيذ أحمر، هم لا يكذبون المادة موجودة لكن الكمية مضحكة، وما فائدة هذه الكمية، تحتاجين عدة كيلوغرامات من البصل لرفع نسبة الفيتامين سي ولوقت قصير، برتقالتان تكفيان، هو موجود في معظم الأطعمة الطازجة، الفيتامين (سي) يقاوم دخول الفيروسات للخلايا لكنه عملياً لا يفيد ولايقي من دخول الفيروس للجسم، كلنا جربناه في الكريب والأنفلونزا ولم يغير سير المرض، أكل الإنسان الثوم قروناً وتصور أنه يقيه من الذبحات الصدرية وأمراض القلب لكن الدراسات الجديدة الصادرة من جامعة أكسفورد البريطانية علي عينات بشر هائلة نفت كل هذه الأوهام التي اخترعها الإنسان لنفسه وروجها الباعة، الغذاء المتكامل المنظم الغني بالبروتين ومضادات الأكسدة والذي لا يحوي سموم تلوث بيئي، الرياضة، النوم الصحيح، الابتعاد عن الشدة والتوتر والقلق كلها تساعد في توازن مناعة الجسم وتعطيه فرصة أفضل للتحسن لكنها لا تقي من الكورونا، فمسنو إيطاليا يتناولون أفضل أطعمة العالم الصحية وأكثرها جودة وتذوقاً, الميديا سهلت وصول رأي وتحليلات غير المتعلمين أو المضللين لشرائح من الجغرافيا.
× في ظروف سورية الصعبة والحصار والحرب ماهي نصيحتك وخاصة أن أوروبا بنظامها الاقتصادي العملاق تعاني من مشاكل خطيرة ويفشل نظامها الصحي عند هذه المواجهة مع (كورونا)؟
×× سورية من الدول المحظوظة حالياً بسبب مصيبة الحرب التي خاضتها مما أدى إلي توقف حركة التنقل والسياحة وقللت حركة أبنائها والغرباء الذين يتنقلون فيها وخلالها وينقلون الوباء، والإجراءات المتبعة حالياً في عزل المدن والريف لمدة قصيرة وانتشار الوعي السريع هي إجراءات عملية ثبت فعاليتها وهي الإجراءات الوحيدة المتاحة التي تساهم بشكل ممتاز في عدم توسع البقع الجغرافية المصابة, أنا متأكد أن الشعب السوري الذي يتمتع معظمه بمستوى ثقافي عال سيتعامل مع كورونا بشكل علمي وسيسهل الوضع تقبل الناس فكرة الحجر الذاتي والاهتمام بحماية الأسرة والمجتمع، وسيكون للحصار المضروب تأثير اقتصادي ونفسي صعب.
× والخوف الذي يزداد؟
×× هناك قاعدتان ذهبيتان للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا وكل الإصابات الإنتانية المشابهة وهي معروفة للجميع وسهلة وتفيد في إبطاء ومنع انتشار الوباء بشكل عمودي وحاد كما حدث في بداية تفشي الوباء في الصين وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وحالياً في أمريكا، إذ أن تخفيض معادل العدوى هو السر الحقيقي لإبطاء وتوقيف الانتشار وبالتالي منح النظام الصحي فرصة لمعالجة كل المصابين.
واسمحي لي أن أخاطب هنا القارئة أو القارئ مباشرة والتعليمات هنا للأشخاص طبعاً: اتبع قاعدتين بسيطتين معروفتين:
القاعدة الذهبية الأولى: ساهم في وقف انتشار الفيروس، التزم بتعليمات العزل والعزل الذاتي، اعتبر نفسك مصاباً بالانتان التنفسي وواجبك حماية الآخرين من رذاذ فمك ويدك الملوثة، واعتبر الآخرين مصابين بالانتان واحم نفسك منه، هذا يعني أنك قادر علي العيش بشكل شبه طبيعي مع رفع حالة الحذر، بالابتعاد عن الأشخاص لمسافة أمينة وبالتالي عدم المصافحة والتقبيل، عدم ملامسة السطوح الملوثة كقبضات الأبواب والسيارات وما شابه، ويمكن لبس كفوف لحماية اليدين مع الانتباه الشديد أن سطح الكف معد في حال تلوثه ويجب تعلم طريقة نزعه، ارتداء كمامة الفم والأنف أو الماسك لمنع انتشار الرذاذ من الفم عند السعال والعطس والكلام. تبديل الثياب الخارجية في مكان محدد بالبيت وعدم الدخول بها لغرف المعيشة والنوم ،عند اتباع هذه التدابير تكون قد كسرت الحلقة التي يبحث عنها الفيروس، أي مضيف جديد لتكاثره وبالتالي خففت معادل العدوى.
أما القاعدة الذهبية الثانية: امنع دخول الفيروس إلى جسمك وذلك بعزل نفسك والانضمام لنداء عالمي ومحلي دون الاستهتار وترك مسافات الأمان بشكل ذاتي عند اختلاطك بالآخرين في الطريق وفي الأماكن المزدحمة، وهنا ستمنع دخول عن طريق الاستنشاق من الهواء الملوث حولك، لا تسمح بدخول الفيروس عن طريق يديك بالامتناع عن لمس الوجه والفم والأنف والعينين براحة اليدين أو بالكف الذي ترتديه سيجنبك العدوى غسيل اليدين بالماء والصابون لمدة ٣٠ ثانية وأحياناً تطهير اليدين بالكحول بنسبة ٧٠٪ إذا مثل الإيتانول (الكحول الطبي العادي) أو البروبانول الذي يخرب جدار الفيروس المتشكل من طبقتين شحميتين خلال دقيقة واحدة أومبيدات الفيروس، فالفيروس لا يدخل عن طريق الجلد، انتبه لاستخدام وسائل الطعام والشرب والحاجات الفردية الخاصة بك دون أن تبلغ حالة الوسواس والخوف أو الهلع فما تقوم به هو وقائي وضروري ريثما تنحسر الجائحة، لو طبقْتَ القاعدتين، فأنت تقوم بعمل إنساني راق وصحيح، منطقي وناجح ومثبتة فعاليته من أجلك وأجل مجتمعك، عدم اختلاط السكان أو الحجر سيسمح بمرور المدة للسيطرة على الفيروس دون تفشي الوباء بسرعة.
سلمى حلوم