الوحدة:6-4-2020
حسناً فعلت الحكومة عندما قررت وقف تصدير بعض المواد الغذائية في هذه الأيام العصيبة، فالحكمة تقتضي أن يُغطى السوق المحلي قبل أن نفكر بالتصدير، والعقل يقول بأن يصل الإنتاج إلى مواطني البلد المنتج بأسعار متوازنة قبل أن ينعم به مواطنو بلدان مجاورة ،فقط لأنهم يملكون القدرة الشرائية.
من المفترض أن تساهم هذه العملية في تعديل أسعار المواد المستهدفة لدى طرحها في السوق المحلي، مما سينعكس إيجاباً على القدرة الشرائية للمستهلك (المعتر)، وهذا ما يجب أن نلحظه فوراً، لأن العملية تجري في الساعة واليوم، وليست بحاجة إلى روتين وإجراءات، فمن كان يحمل إنتاجه إلى برادات التصدير، سينتقل إلى طرحه في السوق المحلية تلقائياً، وإن لم نشهد تحسناً في الأسعار لصالح المستهلك في وقت قريب سنكون أمام أحجية غير ممكنة الحل.
وكي نحاكم الأمور من كل جوانبها، لا بد لنا أن نبحث عن آلية لدعم المنتج بعدما حُرم من سعر تفضيلي لمنتجاته كان يحصله إثر عمليات التصدير، فالمنتج دائماً يتحدث عن تكاليف الإنتاج المرعبة، ويضع أمام الجهات المسؤولة أعباءه، ليُرجع أسباب الغلاء الفاحش إلى الارتفاع الجنوني لكلفة الإنتاج.
إذاً، ستكون الدوائر المسؤولة أمام تحدي استمرار عجلة الإنتاج بنفس الوتيرة السابقة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بدعم المنتج وتوفير أسباب الاستمرار في الإنتاج، بما يضمن له أرباحاً تتناسب مع جهده ومصاريفه، فقد أصبح الحديث عن دعم الإنتاج أسطوانة مشروخة، وحان الوقت لتنتهي الشعارات، وتحل مكانها الأفعال، وعندها، سيستعيد السوق توازنه، وستنزع الحجة من أي منتج يطيع نزواته، وتسول له نفسه ضرب القدرة الشرائية لابن البلد.
إن ما يجب فعله عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالمنتج والمستهلك هو نزع الذرائع كي نكون على حق عند وضع العقوبة الرادعة، فلن تستطيع أي جهة مهما امتلكت من أدوات، أن تقنع منتجاً بمتابعة عمله إن كان خاسراً، وبمقابل هذا الأمر، لا يستطيع أي منتج أن يبرر رفع أسعاره بشكل جنوني إن أثبتت الجهات الرقابية تحقيقه لأرباح متناسبة مع نوع العمل، وباختصار شديد:
تعالوا نمهد الأرضية، ونوفر المواد الأولية، ونزيل هواجس المنتج، ومن بعدها، نفعل الأداة الرقابية النزيهة، وسيكون المستهلك حتماً بألف خير.
ويبقى أن نذكر بأن الحلقة الوسيطة بين المنتج والمستهلك، ستبقى عقبة كأداء، ولن تسمح بوصول المنتجات إلى الأسواق بأسعار مقبولة، فإن أردنا أن نحقق مكاسب من أي إجراءات واعدة، لا بد من إيجاد حل لهذه الحلقة السوداء، والقضاء عليها قبل أن تقضي على كل الإيجابيات المنتظرة.
غيث حسن