سوقا خضرة جديدان ولكن!

الوحدة:3-4-2020

يسابق الزمن إنشاء سوقين للخضار والفواكه في المدينة، لتحدّي الازدحام والهروب من كورونا، مهما بررت الغاية الوسيلة فإن مع التأنّي السلامة، نخشى أننا محكومون بالسرعة من دون أي اعتبارات أخرى، سوق في طرف المدينة الجنوبي، وهو بالمناسبة منطقة مهجورة مقطوعة احتارت المحافظة ومن قبلها مجلس المدينة بكيفية التصرّف بها، بعد أن تبادلت قبلة الحياة الأولى مع أحد المحافظين السابقين فتحت العين عليها وصارت مكب الأفكار لكل حقل تجريب، بداية أسس ليكون مركز انطلاق سرافيس لمدن المحافظة الثلاث، لُفظت الفكرة من العامّة، ونزولاً عند الهجران، أنشئ على عجالة الكراج الحالي في المدخل الشرقي، وحوّل بعد سنين المركز إيّاه إلى سوق جمعة أو سبت لا أدري على وجه التحديد، وليهجر بعدها من جديد ويترك للرياح تصفر في جنباته، بعد أن صدأ حديد خيمه واقتلعت دعائمه، اليوم يُنده المزارعون لينفخوا الحياة في ذلك المكان

القصي، نفخ في قربة مثقوبة، بعدما أوقفت حركة النقل العام.

 تدجين هذا الموقع لن يتم إلّا بدبيب الحياة في دونماته الشاغرة بالفراغ، وزرعها بمحاضر سكنية تؤنس الوحشة في التركيبة الديموغرافية للمنطقة المتجنّسة بالشركات والمؤسسات والبولمانات.

وسوق ثانٍ في قلب المدينة، في حي (قنينص) في منطقة سكنية عامرة بالسكّان، الحي الذي لا ينعم بالسلام الخدمي جاء السوق ليقض القلّة القليلة من الراحة المتبقيّة لساكنيه، فكيف وقد قضم جزءاً من حديقة عامة مهملة على الدوام، لكنها للأمانة خالية من القمامة وعلى غرار حدائقنا العامة، كسيرة الفؤاد، معلولة الجوارح، بالعناية أو من دونها لا تفقد المنطقة حقها بها، لطفل يلهو بأرجوحة تمرّغ قدميه بالتراب، وعجوز يفتّش عن عشبة برّية فزعت في ضوضاء المدينة وسط الدغلات الموازية للبيوت العربية القريبة، ورغم كل شيء (كان ماشي الحال)، حتى يجاورها ما تناقض معها، هدوء وسكينة مقابل ضجيج وفوض.

 على بعد ٥٠٠ متر منها سوق قنينص الأثري بالمعنى المضاد للكلمة تحفة لا تجد شبيهها إلّا في الرمل الجنوبي، لا عين ترى ولا أذن تسمع، لهذا السوق المنفي خارج الزمان والمكان، حقق شهرة واسعة للمحلة المجاورة، كان من الممكن أن يكون البديل المنظم الذي يبشّر به مجلس مدينة اللاذقية من سوق نموذجي مفتوح على كل الاتجاهات تَسهل حركة دخول سيارات القمامة إليه، يوضع فيه حاويات تعقم وما إلى تلك الديباجة، وبالمناسبة حملة التعقيم في أرجاء المدينة كانت دعائية أكثر مما هي صحية، تمت لمرّة واحدة وكيفما أتفق تلتها عملية رش ضبابي يتيمة منذ ٩ سنوات ناوشتها البرغشة.

سوق نموذجي! أين كان المجلس ومازال من أسواق أوغاريت والتأمينات وحتى المثال الصارخ عن لا وجودية المجلس في السوق غير المنظم (الريجي القديمة) أم أنّه محصّن ضد سيد (كورونا)؟

السوق، مشروع له برنامج زمني وإنفاق، موقع عام يؤسس ببقايا مقالع وحجر مكسر وصب بيتون وتعاقدات مع شركات إنشائية منها فرع الشركة العامة للطرق والجسور في اللاذقية، وعود بالإنارة وتنظيم البسطات لمنع التجاوزات واستكمال تجهيز المظلات ودورات المياه والصرف الصحي وتصريف مياه الامطار  والاعتناء بالحديقة المجاورة بشكل لائق وفصلها عن السوق، حسبما جاء في التصريحات الرسمية المتداولة، يعني، مقيمون إلى أجل غير مسمى.

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار