خذونا على قدّ فهمنا!

الوحدة : 30-3-2020

تتعرض مؤسسات الدولة إلى سيل من الانتقادات مع كل قرار تصدره بشأن الحد من انتشار وباء كورنا بالرغم من يقين المواطن بأن القصد من الإجراءات هو السلامة العامة، والانتقال بالمجتمع السوري إلى بر الأمان.

صحيح أن هذه الإجراءات ستحد من حرية الحركة لغالبية الشعب السوري، ويقينا أنها ستنهك عوائل كثيرة بعدما توقفت أشغالها ومداخيلها اليومية، إلا أن الدولة مضطرة لاتخاذ القرار الذي تراه مناسباً في هذه اللحظات المفصلية، حتى إن كان على حساب شرائح واسعة من المجتمع، مع التأكيد على العمل في الكواليس لإيجاد معونة لهؤلاء قد تسد شيئاً من حاجتهم في الأيام القادمة، فالحال كان ضيقاً قبل وصول كورونا، ومن المؤكد أنه أصبح خانقاً بعدما انتزعت آثار محاربته نسغ الحياة ممن كانوا يعملون يومياً ليطعموا أبناءهم.

تحدثنا سابقاً عن قرارات قد تصدر عن الوزارات والمؤسسات الرسمية، ويكون في طياتها كل الخير للمواطن، ولكن ضعف التسويق الإعلامي، والفشل في إيصال فكرة القرار والغاية منه، يحولان الخير إلى شر بنظر المتلقي، فينهال عليه وابل من النقد والتهكم، في وقت يقف فيه صاحب القرار مشدوها من ردة الفعل.

خرج وزير الصحة قبل أيام ولم يكن موفقاً في التعبير، فتحول الحديث عن كورونا إلى الحديث عن كلام الوزير، وارتباكه، وعدم قدرته على إقناع المشاهد بحقيقة الوضع، وخرج بالأمس وزير المالية وأطلق تصريحات بخصوص معاشات الموظفين وضرورة استلامها في موعد محدد، فانهالت التساؤلات، وتحولت المسألة إلى هرج ومرج على وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل من تصريحات معاليه لغزاً لا حل له.

 أما قرار منع التجول بين المحافظات ومناطقها وأريافها، فقد احتاج إلى ظهور السيد وزير الداخلية مرات متتالية على شاشة التلفاز لتوضيح ماهية القرار، ولا نخفيكم سراً أن مسؤولين كثر قد فهموا قرار المنع على عكس ما قصد السيد الوزير، وأخبروا المتسائلين أن المقصود هو السماح لسكان الأرياف بارتياد المدن ومراكز المحافظات من السادسة صباحاً حتى الثانية من بعد الظهر يومياً، في حين أن القرار ليس كذلك أبداً.

ما نود قوله في هذه الظروف الصعبة أن الأمر لا يحتمل الغموض في أي تصريح، وعلى مؤسسات الدولة أن تجد حلاً سريعاً لتفسير قراراتها قبل تصديرها إلى الإعلام، ونعتقد أن بإمكان كل وزارة على حدة أن تنتخب ناطقاً إعلامياً مفوهاً، يتشرب مضامين القرارات ويصدرها بشكل لائق ومفهوم إلى أسماع الناس، فالمواطن أرهق من مئات التفاصيل، وليس مضطراً لأن يعمل محللاً للقرارات الحكومية فيما تبقى لديه من طاقات.

الفكرة أعلاه انتهت، ولكن ما لم ينته هو حال من فقد قوت يومه، وكيفية إيجاد تعويض له عما لحق به من ضرر، والحقيقة أن أقرب الحلول إلى عقلنا هي الحلول المبنية على التكافل والتضامن الاجتماعي، وإيقاظ الحس الإنساني لدى السوريين بدل أن نتغنى بتاريخنا الحضاري الممتد لآلاف السنيين.

غيث حسن

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار