الدكتور السوري طارق محمد المقيم في الصين وحوار حول (الكورونا) وحيثيات هذا الفيروس

الوحدة 26-3-2020

في رحلته الإنسانية كان وما زال الهاجس الأوحد للإنسان هي صحته, لتكمل معه درب الحياة بما يضمن له سعادة العيش, ولكن هناك من يشاركنا هذا الكوكب, من كائنات حية مهولة في عددها, وأجناسها, وتنوع أحجامها وفعاليتها الإيجابية أو السلبية ضمن ما يسمى دورة البقاء, وبغض النظر عن الكوارث الطبيعية التي تعرضت وتتعرض لها أرضنا, يبقى منطق الحياة الطبيعي هو البقاء للأصلح والأقوى ضمن بوتقة ما يسمى بشريعة الغاب, لكن عبر تاريخ هذا الكوكب كان لكلّ عصر وزمان أمراض وطفرات بيئية تتمايز شدتها, تخلق واقعاً صحياً لكل الكائنات بما فيها الإنسان وقد تتغلب عليه في حالات عديدة, وكان التاريخ شاهداً على مرور العديد من  الأمراض والأوبئة التي حصدت ملايين الأرواح, ولكن الإنسان هذا الكائن العاقل الذي سخر الكون لمشيئته, ورغم بقاء بعض الأمراض المستعصية التي مازال الإنسان يحاول قهرها إلا أنه استطاع أن يتغلب على أغلب ما مرّ عليه من أمراض.

في مفاجأة وكارثة بيئية أطلت على البشرية الآن وهو فيروس (كورونا) الذي شلّ الحياة والأفكار معها, وحصد عدد لا بأس به من الأرواح في البلدان التي مرّ عليها, وما زالت دول العالم تحاول تجنبه بالبقاء في المنزل والانفراد عن الحياة الاعتيادية, فيما سمي بالحجر الصحي الطوعي, أو الحجر الصحي الإلزامي, كخطوة أولى لتفاديه بادئاً ذي بدء يترافق هذا مع انشغال العالم كله في صب وتوحيد جهوده في محاولة لمحاربته والخلاص منه سريعاً, هذا الاستنفار الصحي والعلمي يتلازم مع كثرة الأقاويل وتعدد النظريات الطبية والإيديولوجية المنطقية وغير المنطقية التي تغزو كافة المنابر والمواقع والشاشات.

نحن في سورية، اتبعت الحكومة السورية ووزارة الصحة كافة الإجراءات اللازمة والضرورية للوقاية من انتشاره بشكل واع ومدروس, حول هذه الجائحة التي غزت العالم والتي جعلت الكرة الأرضية تنام وتستفيق على هاجسه, كان لنا مع د. طارق محمد اتصال ووقفة استفسارية وحوار, ود . طارق هو طبيب سوري متميز (اختصاص روماتيزم وأمراض مناعة ذاتية) درس الطب في جامعة تشرين باللاذقية وعمل عشر سنوات  في مستشفى تشرين العسكري بدمشق ويعيش من سنوات في دولة الصين حيث يعمل في المستشفى الجنوبي الغربي في مدينة (تشونغ تشينغ) وهي مدينة ملاصقة لمدينة (ووهان) التي نشأ فيها هذا الفيروس وانتشر منها إلى العالم, كما أن د. طارق  يتواصل في كل لحظة مع زملائه الأطباء السوريين والصينيين في متابعة حثيثة ودائمة حول كل المجريات والتطورات الحاصلة خاصة بعد أن قهرت الصين هذا الفيروس وأعلنت الانتصار عليه…

× ماذا يمكننا أن نقول عن (كورونا) هذا الفيروس الجديد الغامض والمرعب؟

×× هو فيروس COVID19 تم عزله في المختبر في الصين, تمت تجربة اللقاح, ولم يُعرف إذا كان ظهر من الخفاش أو لا, ومصدر الفيروس ما زال مجهولاً حتى الآن.

× ماهي التجربة الصينية للوقاية من هذا الفيروس؟

×× التجربة الصينية في الوقاية,

أولاً: الفيروس موجود في وجوه المرضى والبول والبراز لذلك هذه هي طرق الانتقال, لذلك وحسب البروفسور (تجون) والأطباء الباحثين المتابعين هي أن الوقاية الباكرة والعزل الباكر هو مفتاح السيطرة على الوباء لذا علينا:

– التزام البيوت

– يسمح للشخص عند الضرورة الخروج من المنزل لساعة واحدة فقط في اليوم لشراء الحاجيات.

– عليه أن يحافظ على مسافة متر مع الأشخاص في الخارج ويرتدي كمامة قبل دخول أي مؤسسة.

– عدم مراجعة المستشفيات  إلا للحالات الإسعافية.

– عدم التوجه للمطارات إلا للضرورة القصوى.

– غسل اليدين بالماء والصابون, فتح نوافذ الغرف قدر المستطاع لتجديد هواء الغرف والمنازل.

– الإكثار من السوائل الساخنة وفيتامين C.

بإتباع هذه التعليمات سوف يُحارب الفيروس بالتأكيد فمدينتنا كان فيها ٦٠٠ إصابة الشهر الماضي بإتباع هذه التعاليم الوقائية حالياً الإصابات هي صفر (0), وعادت الحياة طبيعية تماماً.

× كيف عالجت الصين بحملتها هذا العدوّ الجديد؟

×× الجمعية الوطنية للصحة في الصين وبعد تجارب على عينات المخبر من قبل كادر من أطباء المخبر في الصين:

– الفيروس حساس للأشعة فوق البنفسجية للشمس والحرارة.

– يمكن تعطيل الفيروس ب حرارة ٥٦ درجة سيلزيوس لمدة (نصف ساعة –  أي مطهر يحوي الكلور- الإيتانول تركيز ٧٥%- مذيبات الدهون مثل الخل و الحامض – حمض البيراسيتيامول-  الكلوروفورم) لكن بالنسبة للكلور هيكسيدين لا يمكنه تعطيل الفيروس.

–  أود أن أوضح المركبات المذكورة يجب الانتباه لعدم تركها في متناول الأطفال بعد الاستخدام لخطورتها العالية, ولا يجوز خلط مادتين معا أبدا.

– الحجر الصحي لكل المرضى القادمين من الخارج خصوصاً من الدول الموبوءة لمدة ١٤ يوماً حتى لو كانوا دون أعراض وحتى لو كان التحليل سلبياً.

× ما هي خطة العلاج للمصاب؟

×× خطة العلاج للمصاب هي:

– أعراض بسيطة: سيتامول وسوائل

– أعراض ضيق نفس أو نقص أكسجة خفيف، أوكسجين عبر الشوكة الأنفية, نعطي الصادات في حال دلائل على إصابة صدرية إنتانية, مرافقة الغليكوكورتئيد في الحالات الشديدة فقط.

– في حال الأعراض الشديدة ونقص الأكسجة الشديد بغازات الدم الشرياني قبول عناية مشددة بالعلاج ممكن أن  نضيف الهيدروكسي كلوركين ٢٠٠ مغ مرتين باليوم لمدة ٦ أيام.

× ولكن هناك تحذيرات كبيرة من عدد كبير من أطباء فرنسا وعدم رضى لاستخدام (الهيدروكسي كلوركين)

×× هذا الدواء يجب ألا يُعطى بجرعة عالية, فـ (هيدروكسي كلوروكين) والذي يستخدم في الصين وفرنسا هو من اختصاصنا, وبالنسبة لاستخدام الهيدروكسي  كلوروكين في علاج COVID19 تم  التحقق منه في مستشفيات بكين وفي مقاطعة (هونان) جنوب الصين ومقاطعة قوانغدونغ الصينية، بحسب التقارير الأولية من السلطات الصينية تشير إلى أن ما يقرب من 100 مريض مصاب بعد معالجتهم بالكلوروكين حصلوا على انخفاض أسرع في الحمى وتحسن في صور التصوير الطبقي (CT) للرئة واحتاجوا وقتاً أقصر للتعافي، مع عدم وجود آثار جانبية خطيرة واضحة للدواء.

× ما هي معايير الشفاء التام إن صحّ أن نقول عنه كذلك؟ 

×× نقول عن مريض أنه شفي من COVID19 ويتم تخريجه من المستشفى في حال:

– عودة حرارة الجسم للطبيعي منذ أكثر من ٣ أيام

– تحسن الأعراض التنفسية بشكل واضح

– التصوير الشعاعي للصدر يظهر تحسن واضح في الآفات النضحية الحادة.

– سلبية الاختبارات للحمض النووي في عينات مأخوذة من الطريق التنفسي كالبلغم، أو مسحات من البلعوم الأنفي (السلبية يجب أن تكون في عينتين متتاليتين بفارق ٢٤ ساعة بين العينتين) بعد التخريج يقترح عزل المريض في غرفة لوحده لمدة أسبوعين وبعدها يمكنه العودة للمنزل، يقترح متابعة المريض في المستشفى بعد أسبوعين وبعد ٤ أسابيع من التخريج.

× هل تلعب البيئة الجغرافية دور في انتشاره؟ 

×× نعم تلعب البيئة الجغرافية دوراً في انتشاره, لكنني أتوقع أننا في سورية قاربنا أن نقطع مرحلة الخطر إذا التزمنا بالتعليمات, يجب ولازم أن نلتزم شهراً على الأقل, لأن الفيروس حساس للشمس والحرارة وعند ارتفاع درجات الحرارة تضعف قدرته ويموت فالجو في ربيع وصيف سورية غير مناسب له, فالشمس والهواء غير ملوث فهو نظيف, يضاف إليهما أن عدد السكان قليل, إضافة إلى حركة الطيران الخفيفة الناتجة عن الحظر الجوي علينا, هذه مجموعة عوامل تحدّ من انتشاره.

× إذا قلنا أنّ درجات الحرارة المرتفعة تقتله, ماذا عن بلدان الخليج والحرارة فيها مرتفعة وهو ينتشر؟

×× هو في بلدان الخليج ينتشر عن طريق المطارات والتي تكون فيه الحركة البشرية كثيفة, فهو يبحث عن بيئة له في جسم الإنسان, لا يعيش على الأسطح والأرض إلا أوقات قصيرة نسبياً, فالشمس تقتله على الأرض والأسطح, لكن حين يصل لجسم الإنسان لا تقتله حرارة الجسم البشري, وإذا التزمت الإمارات بالحجر الصحي, ستضعف فوعته ويموت, أو على الأقل تضعف قدرته على العدوى, في عام  ٢٠٠٣م  عندما ظهر فيروس (السارس) وضرب بعض المناطق, بإتباع التعليمات, ضعفت قدرته وفوعته وانتهى خلال 3 أشهر. 

× ما هي مشاعركم كسوريين أولاً وكأطباء ثانياً, وماذا تصرفتم حيال ذلك؟

×× عندما انتشر الفيروس في المدن الصينية أواخر كانون الثاني، طلبنا من الجامعة هنا في الصين العودة إلى سورية، كان جواب المدير كما هو واضح في الرسالة باللغة الانكليزية: (إذا كنتم مصرين على العودة إلى بلدكم يجب أن تعلموا أن مروركم بالمطار سوف يعرضكم لاحتمال الإصابة بالفيروس وهذا سيجلب الخطر لكم ولبلدكم، رجاء لاحظوا هذا ودعونا نعلم بقراركم) المطارات الآن خاصة الدول الأوربية والصين هي موبوءة بالفيروس لذلك نحن السوريين في الخارج إن بقينا في دول الغربة تحت الحجر الصحي خلال هذه الفترة مهما كانت الحياة قاسية هو أفضل بألف مرة من أن نعرض أنفسنا للخطر أو نعرض بلدنا للخطر بنقل الفيروس إليه.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار