عمـــــال القـــطاع العـــام والخـــاص… وجبـــال من الهـــــموم

العدد : 9543
الأربعاء 4 آذار 2020

 

منذ الصغر ينسج كل منا أحلاماً رائعة عن عمله المستقبلي وعن خارطة أهدافه التي يسعى طيلة حياته فيما بعد لتحقيقها، ونبدع في مواضيع الإنشاء الخاصة (ماذا نحب أن نكون في المستقبل)، وعندما نصل إلى عتبات المستقبل نتفاجأ بالواقع الصعب الذي تتكسر فيه أجنحة الأحلام حيث لا نملك لأنفسنا حق تقرير مصيرنا وتحقيق أحلامنا بل نتأثر بالكثير من العوامل والظروف المحيطة بنا وخاصة في مجال اختيار المهن التي نحبها أو الأعمال التي نتمنى أن نمارسها طيلة حياتنا، وكثير منا لا يعمل في المجال الذي يحب، ولكن لأننا نرغب بتحسين مستوى حياتنا وتأمين قوت يومنا نرضخ للظروف وندخل في أي مجال يفسح أمامنا، إن كان للقطاع الخاص أو العام.

* المهندس جعفر أحمد: لاشك، القطاع العام له ميزة بتحمله مسؤولية توفير فرصة عمل للمهندسين بكافة اختصاصاتهم وباعتباري خريجاً جديداً من كلية الهندسة الزراعية، وتم تعييني منذ فترة قريبة، على الرغم من تأخر التعيين حوالي سنتين ونصف، فإن الفارق الأساسي بين الوظيفة في القطاع العام والخاص هو الأجر المرتفع، أنا كمهندس وفي هذه الظروف أحصل على أجر حوالي ٤٢ ألف ليرة وبكل تأكيد مضطر للعمل خارج أوقات الدوام الرسمي كأي شخص آخر، فالاعتماد على مردود الوظيفة العامة لا يضمن حياة في الحد الأدنى حتى في ظل هذا الغلاء، وأضاف: مزايا القطاع العام كي لا نجحفه حقه فهو يضمن كثير من حقوق العامل وخصوصاً ما يتعلق باستمراريته أي لاوجود لفصل تعسفي أو استغناء عن الخدمات كما يحدث في كثير من شركات القطاع الخاص.
الوظيفة في القطاع العام جيدة لكن بحاجة لكثير من التطوير بما يتلاءم مع متغيرات الحياة، رفع الأجر وطبيعة العمل، وكذلك نظام الحوافز المجزية للناجح المنتج، ولنكن واقعيين الأجر المجزي والحوافز ترفع من إنتاجية الفرد وتحسن أدائه وتجعله يقدم بحب وإخلاص لأنه ينال ما يتوافق مع عمله وجهده وما يتوافق مع غلاء المعيشة فلا يضطر للعمل ليلاً مثلاً خارج وقت الدوام وبالتالي يركز كل طاقته وجهده في المؤسسة التي يعمل بها، علماً أن القطاع العام يمتلك بنية تحتية وإمكانات كبيرة في سورية لكن بحاجة لتطوير بعض المواد في قانون العاملين وعندها ستكون الوظيفة العامة في درجة متقدمة على الوظيفة في القطاع الخاص.
* السيد مصطفى إسبر، معلم مدرسة: لامجال للمقارنة بين القطاعين العام والخاص، الأفضل هو القطاع العام فهو يحفظ حقوقنا ويحافظ على كرامتنا وعلينا طالما نحن نلتزم بواجباتنا ونؤدي ما علينا ومن خلال عملنا نعرف على أي أرض ثابتة نقف وعلى أي سند نتكئ، ويشعرنا بالرضا والثقة بالنفس والقناعة رغم ضعف قيمة الراتب الشرائية قياساً بالغلاء هذه الأيام، وأضاف: ربما نمتاز نحن المعلمين عن سوانا بدوام مريح من ناحية عدد ساعات العمل حيث لا تتجاوز ساعات الدوام ست ساعات، صحيح نبذل جهداً كبيراً خلالها ونمضيها وقوفاً وشرحاً وتفسيراً وتعليلاً طوال الوقت ولكن سعادتنا تكون غامرة عندما نحصد ثمار تعبنا نجاحاً وتألقاً في حياة أبنائنا، فمتعة الإنجاز وحصاد المجهود لا يضاهيها متعة أخرى.
* السيد علي عامل في القطاع العام في شركة الساحل للغزل كان له رأي آخر وقال: صحيح نحن نعمل في قطاع عام ولكننا نشعر أن حقوقنا مهدورة وأتعابنا وإرهاقنا لا يلقى التقدير، ويضيف: نحن القطاع الأكثر تعباً، نداوم نظام ورديات ستة أيام بالأسبوع زيادة يوم واحد عن دوائر الدولة الأخرى دون تعويض لهذا اليوم لمدة ثمانية ساعات كل وردية ويضاف لها ساعتان على الأقل مسافة طريق وأغلبنا من قرى بعيدة اما الوجبة الغذائية فلا احد يعلم كيف حسبوها واخرجوها لنا بهذه الصورة العظيمة حيث نتقاضى ١٩٠٠ ليرة كل ثلاثة اشهر طبعا مشروطة بعدم الغياب أما بالنسبة للطبابة فيوجد مستوصف ولكن الجميع يطالبون بالضمان الصحي بالإضافة أنهم وعدونا أن يتم ضمنا لنظام الأعمال المجهدة ولكنها بقيت وعود في مهب الريح، عملنا أصعب من أي قطاع خاص والكثير من الزملاء يقدمون استقالاتهم مبكراً نتيجة الضغط والأمراض التي يتعرضون لها بعد دوام طويل وغير مستقر فلا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار ولا نستطيع أن نعمل في أي عمل آخر لنسند عوائلنا في هذا الغلاء.
* السيدة منى قالت: أمنية حياتي أن أعمل في القطاع العام فعندما نتبع في شؤون عملنا للدولة التي تشعرنا بالاستقرار والأمان من كافة الجوانب مختلف تماماً من أن نتبع لشركة خاصة لا يهمها سوى الربح دون أي حساب لصحتنا أو حقوقنا وكرامتنا، ولذلك لم أدع مسابقة إلا وقدمت عليها ولكن إلى الآن لم يحالفني الحظ، صدقاً لم نعد نفكر بأحلامنا ولا مجال دراستنا صار كل ما يهمنا الحصول على أي عمل مهما كانت صعوبته فالظروف والحياة القاسية لا ترحم أحداً.
* السيد عادل موظف في قطاع خاص ويعمل في إحدى الشركات قال: نفتقد في القطاع الخاص للعمل الجماعي والمشترك ولتبادل المعلومات والخبرات حيث يسعى كل منا ليكون الأفضل فقط لكسب ود ورضا صاحب الشركة خوفاً من فقدان الوظيفة، بصراحة لا أحد يمدح المعاملة بالقطاع الخاص ولكننا نضطر للعمل لتأمين مدخول نعيش منه ونحّسن حياتنا من خلاله.
* السبدة ميساء قالت: لا أفضل أبداً العمل في القطاع الخاص ولا تحكم رب العمل فينا وكأنه اشترانا بأمواله، ولكن للحقيقة أنهيت دراستي الجامعية وجلست أنتظر نجاحي بأحد المسابقات ولما لم تأتني الفرصة بعد عملت في روضة خاصة ليس حباً في القطاع الخاص ولكني لم أجد سواه لأملأ فراغي وأؤمن مدخولي وأخفف بعض الأعباء عن أهلي.
* السيد أحمد قال: يقولون لكل مجتهد نصيب ولكن هناك الكثيرون الذين يعملون بكل جد وإخلاص وتفان إلا أنهم لا يُبادلون بما يناسب جهدهم وتعبهم لا من الناحية المادية ولا المعنوية مما يثير الإحباط واليأس في قلوبهم ويُضعف أداءهم وولاءهم لمكان عملهم، وأضاف: بصراحة القطاع الخاص لا يتعامل بالرأفة ولا بالرحمة وهم يريدون أن تُنجز أعمالهم مهما كان الثمن ومن يضطر للغياب لأي سبب أو عذر فغيابه على حسابه.
* السيدة ميا يوسف أيضاً إحدى العاملات في القطاع الخاص التي تقدم خدمات تنظيف المشافي قالت: بصراحة عملنا يشبه عمال القطاع العام في نفس المجال كنا نشكو من ضعف الراتب في البداية ولكن بعد هذه الزيادة صرنا نشعر بأننا متساوون وهذا الشهر الأول الذي أتقاضى فيه ٤١٠٠٠ ليرة سورية نداوم ستة أيام في الأسبوع ونعطل يوماً واحداً فقط، نداوم من الثامنة حتى الثالثة بشكل يومي، نتمنى جميعنا النظر بوضعنا من ناحية التثبيت حيث مضى على وجودي أنا مثلاً في المشفى سبع سنوات.
* أيضاً، جنان صقر مشرفة في شركة خاصة على عاملات التنظيف في المشفى قالت: تم تسجيل العاملات والبالغ عددهن نحو ٦٠ عاملة بالتأمينات والعاملات يداومن بشكل يومي ويعطلن يوماً واحداً في الأسبوع ويتراعى وضعهن قدر الإمكان وإجازاتهن المرضية في حال التأكد مبررة ودوامهن كدوام أي عاملة في مشفى الدولة يعني نفس ساعات العمل ونفس التوقيت ويتم تجديد العقد بشكل سنوي لهن.
* فاطمة خليفة رئيسة نقابة عمال السياحة كون العمال الذين يتبعون لهذه النقابة يعملون في القطاع الخاص كالفنادق والمطاعم والمقاهي والشاطئ الأزرق والميرديان والروتانا والغولدن بيتش: تسعى النقابة مع الشؤون والتأمينات الاجتماعية لتسجيل كل العمال بالتأمينات مع الإشارة إلى أن العمل يختلف في المنشآت الكبرى عن الصغيرة ففي المنشآت الكبرى يحرص رب العمل على تسجيل غالبية عماله بالتأمينات بينما يتهرب أصحاب المنشآت الصغيرة التي يخاف العامل فيها من الإجابة على أي سؤال خوفاً من رب العمل.
وأضافت: نقوم بجولات متعددة للاطلاع على الحد الأدنى للأجور حيث يخالف رب العمل إذا لم يعطِ العامل الحد الأدنى من الأجور التي نص عليها المرسوم الأخير (٤٧٦٧٥) ليرة سورية ولكننا نصطدم دائماً بعثرة أن العامل يخاف الكلام ولا يخبرنا لا عن راتبه ولا إذا كان مسجلاً بالتأمينات، أما من ناحية الإجازات فتختلف أيضاً أوقات الدوام في القطاع الخاص عن العام، ففي القطاع الخاص لا يعطون إلا يوم عطلة واحداً، ولا يستطيع أخذ الإجازات إلا بالتنسيق مع إدارته مثلاً في مواسم العمل العالية لا يأخذ إجازة بينما قد تفرض عليه في حالات سبات العمل وعندما لا يكون العامل بحاجتها، وأشارت أيضاً إلى ساعات العمل الطويلة والتي قد تتجاوز ثمان ساعات وكلها عمل متواصل ويبزل العامل خلالها قصارى جهده، وشرحت في نهاية حديثها عن ضرورة إقامة عقد العمل الفردي بين العامل ورب عمله في المنشآت الصغيرة والذي يتحدد فيه حقوق العامل وواجباته، وقالت: خلال جولاتنا نقوم بالشرح للعمال عن ساعات العمل والحد الأدنى للرواتب والأجور والإجازات الإدارية والصحية والتسجيل بالتأمينات وضرورة إشراكهم بالنقابة لأنها حماية لهم وتدافع عنهم وتسعى لتأمين حقوقهم.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار