السوق السـوداء آفــة الاقتصـــاد التي تنتظر المكافحـة حماية المستهلك: 30 ضبطاً تموينياً بحـق من يغش بتلك الســوق

العدد 9541
الاثنين 2 آذار2020

 

في ظل الأزمة والحصار الاقتصادي على الوطن ظهرت أسواق سوداء كثيرة مستفيدة من ظروف الحصار وعدم قدرة الإنتاج الوطني والاستيراد على تغطية الطلب الداخلي، حيث تعد تلك السوق الخارجة عن نطاق القوانين والأنظمة التي تحكم التعاملات التجارية بعيدة عن التشريعات التجارية والقوانين الضريبية، ويطلق عليها الاقتصاد التحتي إذ يتم الاتجار بالسلع غير القانونية وحتماً فهو خارج الاقتصاد الرسمي للدولة، حيث تقوم الدولة بفرض عقوبات قاسية ومتنوعة على كافة المتعاملين في أعمال ونشاطات هذه السوق ومصادرة المواد والبضائع المضبوطة، فمن يتلاعب بالسوق السوداء.. وكيف يتم ضبطها وما هي الإجراءات للحد منها.. ومن يحدد أسعارها حتى يرفعها أضعافاً مضاعفة…؟

سنحاول قدر الإمكان أن نقف على تفاصيل السوق السوداء في ظل الأزمة وما يمكن أن تنتجه وتخلفه من أزمات أخرى فتحدثنا إلى مواطنين وباعة وجهات عامة لاستيضاح وبيان رأي كل منهم وكيف يتم التعامل قانونياً مع نشاطات السوق السوداء..

* يقول فراس حسين، موظف: في ظل غياب الرقابة العامة لكافة الجهات المعنية بالأسواق وزيادة الطلب على سلعة أو مادة هنا يتم الاتجار بالعديد من تلك المواد في السوق وتباع بأسعار مرتفعة ومضاعفة فهي سوق تجارية تنتهك اللوائح العامة، كما وتزدهر السوق السوداء بالسلع ذات الاستهلاك اليومي حيث تباع بأسعار مرتفعة، وتعد السوق السوداء مصدر دخل لكثير من الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم وظيفة ولا يملكون فرصاً جيدة في السوق المحلية، فهناك الكثير من السلبيات على المجتمع حيث يتم استغلال المستهلك بطرق متعددة في هذه السوق كونه لا يحظى بحماية قانونية.
* فدوى سلامة: كل شيء نحتاجه في حياتنا اليومية والذي لا يمكننا شرائه من السوق المحلي يوجد منه وبكثرة في السوق السوداء، ففي الوقت الذي بدأ فيه سوق الغاز المحلي بالتراجع في إعطاء المستهلك ما يستحقه ظهر ذلك وكثر حجمه في السوق السوداء لكن قفز سعره أضعافاً مضاعفة حيث وصل سعر أسطوانة الغاز إلى 15 ألف وما فوق في ظل اشتعال وهج السوق السوداء التي لا ترحم أحداً ولا تراعي المستهلك وخاصة لهذه المادة أو غيرها، فالغاز المنزلي أحد السلع الهامة والضرورية لكل منزل ومحل وشركة، حيث دخل التجار عديمو الضمير للأسواق السوداء من أوسع أبوابها حيث الأسعار تصيب المواطن بالصدمة.. وتقفز الشكاوى إلى كل من يهمه الأمر.
* أيمن يونس، موظف: لا زلنا نعاني من الحصول على ربطة الخبز، لكنك تستطيع شراءها بكل هدوء من السوق السوداء لكن بسعر 300 ليرة للربطة، فأنا أشتري أربع ربطات يومياً فإذا أردت شراءها من السوق السوداء فتكون 1200 ليرة وهذا يفوق إمكاناتي المادية في ظل الظروف التي نعيشها، ويضيف يومياً نذهب إلى الأفران ومحلات الغاز ومحطات الوقود والمؤسسات الاستهلاكية فنلاحظ طوابير طويلة قد تستمر ليوم أو يومين لحصولك على مبتغاك.
* ويوافقه الرأي حسام تقلا، فقد وصف تجار الأزمة الذين يخلقون سوقاً سوداء بأن هناك لعنة تلاحقهم مدى الحياة بسبب جشعهم وحقدهم على وطنهم فهم يتاجرون بلقمة عيش المواطن فالكثير من التجار يقومون بتخزين الكثير من البضائع ليتم بيعها بالسوق السوداء وبأسعار مضاعفة، حيث يقومون بشراء الغاز أو المازوت أو الدقيق بالطرق النظامية أو المخصصات المسموح بها ويتم بيعها بالسوق السوداء وهذا إجراء مناسب لهم لجني أرباحاً مضاعفة.
* ندى فرج: لماذا قفزت أسعار المواد الأساسية كالسكر والرز والسمون والمواد الاستهلاكية التي نحن بحاجة لها كما أن الدقيق التمويني يباع في السوق السوداء ويهرب خارج البلاد، فالغاز والمازوت يتوفران بكميات كبيرة في السوق السوداء ولكن بأسعار مرتفعة، فنحن نمر الآن بوضع صعب ونعاني من نقص في الإنتاج المحلي لكثير من المواد والسلع وهذا يشكل عبئاً كبيراً علينا أمام السعر الرسمي لهذه المواد، ولكن كيف يمكن أن تصل هذه المواد الأساسية عبر البطاقة الذكية لكل فرد بالسعر المدعوم أو على الأقل بالسعر الحقيقي لها، فالسوق السوداء وجه المشكلة الأبرز، ونقول للمعنيين ما هي إجراءاتكم حيالها؟
التهرب من الضرائب
رغبنا أن نتقصى الحقيقة أكثر فقصدنا بعض أصحاب المحلات التجارية التي لم يدل الكثير منهم بأي رأي حول ذلك ومنهم من قال بأن الوضع الاقتصادي يخلق كل شيء أزمات فوق أزمات وأسواق سوداء وغيرها لتوفير المواد والسلع التي يصعب استيرادها أو إنتاجها.
* أبو سعيد، صاحب محل تجاري: هناك أسباب كثيرة لظهور السوق السوداء أو كما يسمى سوق الظل أو السوق الخفي وكافة هذه المسميات تطلق على أسواق غير رسمية وغير مرخصة وهذه الأسواق بلا شك لها تأثير سلبي على الاقتصاد المحلي، والجدير ذكره أن كافة من يتعامل أو ينشأ أو يطور تلك الأسواق بلا شك فهي تحقق عائدات وأرباحاً ضخمة له وهي في ظل الأزمة تمثل اقتصاداً موازياً للاقتصاد الرسمي لذلك تسمى اقتصاد الظل.
* أيمن عبود، محاسب تجاري: تنشأ السوق السوداء لأسباب متعددة منها الهروب من قيد الأسعار التي تسعرها الجهات المعنية على السلع والخدمات والرغبة في التهرب من الضرائب فالسوق السوداء دائماً تكون أسعارها أعلى من السوق الرسمية وخاصة إذا كان الطلب على السلع أو المادة مرتفعاً وغالباً ما تحقق السوق السوداء خسائراً كبيرة للدولة كونها لا تستطيع تحصيل الرسوم والضرائب على تلك الأموال الضخمة المتداولة في السوق السوداء، فالكثير من الأحيان تظهر السوق السوداء بسبب قلة أو ندرة المواد والسلع بالأسواق المحلية فهي تقوم بسد النقص الذي يطرأ على سلعة أو مادة لكن بأسعار مضاعفة.
من خلال جولتنا الميدانية في الأسواق والأحياء سمعنا شكاوى كثيرة وعدة من المواطنين تشرح لنا مدى معاناتهم في الحصول على الكثير من المواد الضرورية لكن إذا لديك أموال تستطيع شرائها من السوق السوداء بأريحية وقالوا: لن نفقد الأمل ونتمنى عودة الأمور إلى ما كنت عليه سابقاً.
* ولمعرفة ما يقع على عاتق مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في مكافحة كل من ينعش السوق السوداء وما هي الضبوط حول ذلك حدثنا المهندس وسام حسان رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية الآتي: تتابع حماية المستهلك الرقابة الميدانية على كافة الفعاليات التجارية ونعتمد على عدة بيانات للتأكد من الأسعار المتداولة وفي حال المخالفة لعدم وجود فواتير أو رفع أسعار بدون مبررات يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق التاجر أو البائع كما يوجب أن تكون الفواتير من تاجر لآخر أو من تاجر لبائع كون الفواتير تعتبر هوية المادة وتحدد صفاتها وسعرها الذي يجب أن تكون عليه، وفي حال عدم وجود فواتير يتم تحرير ضبط ومخالفة وإغلاق المحل إذا كانت المخالفة كبيرة.
ولفت م. حسان إلى أن المواد الأساسية المدعومة من قبل الدولة (كالغاز والمازوت والبنزين والدقيق التمويني) لا يوجد أي مبرر لرفع أسعارها وبيعها بالسوق السوداء طالما أن كافة المواد متوفرة في الأسواق وبين يدي المستهلك، ولكن عندما يزيد الطلب من قبل المواطن على أي مادة أساسية وتفتقد من الأسواق عندها نقوم بتنظيم ضبوط عندما تباع بطرق مخالفة بهدف الإتجار بها بعيدة عن الأسعار الرسمية الموضوعة.
وعلى صعيد آخر أكد م. حسان: أن دوريات مديرية التجارة وحماية المستهلك تقوم بتكثيف دورياتها على الأسواق عندما يوجد هناك خلل في مادة أساسية وبيعها فيما يعرف بالسوق السوداء أي تكون محتكرة من قبل بائع أو تاجر، فمنذ بداية هذا العام وحتى تاريخه تم تنظيم /30/ ضبطاً تموينياً بحق المخالفين بالمواد الأساسية والمدعومة منها الدقيق التمويني والغاز والمازوت والاتجار بها بغية المنفعة المادية وإثارة الفوضى في السوق، فأي مخالفة للقانون وتؤثر على الاقتصاد الوطني سيتم تنظيم الضبوط القانونية اللازمة واستكمال الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
* وختاماً: لابد من وجود قوانين وإجراءات جديدة خاصة في ظل الأوضاع الحالية وارتفاع سعر الصرف من أجل التعامل مع هذه الظاهرة ولابد من العمل على تنمية الوعي للمواطنين بالآثار السلبية للسوق السوداء على الاقتصاد الوطني والمجتمع، فهذه السوق تنتهك كافة اللوائح العامة كالقوانين والأنظمة كون الاتجار من خلالها يتم بالسلع الضرورية للمواطن بطرق غير نظامية.

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار