العدد 9537
الثلاثاء 25 شباط 2020
للشجرة رمزيتها العظيمة وأهميتها في الطبيعة وحياة الإنسان بشكل خاص، فهي رئة الأرض التي تنقي الهواء من ثاني أكسيد الكربون، وتعديل المناخ، وتنظيف الجو من الأتربة والغبار والتلوث، وهي رمز الخصب والخضرة والجمال الذي يسهم في منح المظهر الجمالي وإضفاء السحر والروعة على المكان ليبدو مثل جنة وارفة الظلال، تمنح أجواء الراحة والهدوء والسكينة، وخلق أجواء المتعة ومنح الأمل والتفاؤل.
تدمع أعيننا وتصيبنا الحسرة ونحن نحصي خسائر غاباتنا الطبيعية وثروتنا الحراجية التي تئن وتنزف حرقاً وإهمالاً، جراء الأعمال الإرهابية والحرائق المتعمدة، وسرقة أراضي أملاك الدولة بفعل الجشع والإهمال، والتحطيب الجائر الذي يطيح بالغابات عن بكرة أبيها.
ثروتنا الحراجية كانت غابات على مد النظر، تساهم في تلطيف المناخ، وتقليل أخطار التلوث البيئي، والحفاظ على التربة من الانجراف، ومنع تصحرها، والتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري، والشجرة مصدر هام من مصادر غذاء الإنسان، ودعم الاقتصاد الزراعي والأمن الغذائي، ومن مصادر الطاقة المتجددة، وتساهم أخشابها في صناعة الورق والأثاث المنزلي وأعمال البناء وأغراض التدفئة، ويمكن الاستفادة من الغابات في تربية النحل، وإنتاج أجود أصناف العسل، إضافة لكونها مقاصد للسياحة ومتنفساً للأهالي ومصفاة آمنة لتخليص البيئة من السموم والدخان وعوادم السيارات.
الإرهاب المجرم لم يرحم أحراجنا وغاباتنا، وأضرم النيران فيها ليحرق قلوبنا مع كل غصن يحترق، إضافة إلى يد العبث والاستغلال التي تحرق وتقطع الغابات الخضراء، فقد كان من أهداف الحرب العدوانية المجرمة على سورية تحويلها إلى أرض محروقة ينعق البوم في جنباتها، ويندب الرائي على ما كان فيها، إضافة إلى الحرائق المتعمدة التي تلتهم المساحات الشاسعة من الغابات بفعل أشخاص لا يقدرون قيمة الشجرة التي تمثل الحياة، وأفعال تجار الحطب الذين يسرحون ويمرحون لتغطية احتياجات السوق من الأخشاب وأحطاب التدفئة في ظل موجات البرد والصقيع وغياب وسائل التدفئة الأخرى من غاز ومازوت، والمزيد من الاعتداءات على الغابات في ظل غياب الحراسة والمراقبة والمحاسبة والعقاب.
نتمنى أن نرى بلادنا مكسوة باللون الأخضر دائماً، ومنع التعديات على ثروتنا الحراجية والحفاظ على غاباتنا من الحرائق وجميع أشكال التعديات التي تصيبها وتنفيذ حملات التشجير التشاركية بين كافة الجهات الحكومية والمنظمات الشعبية وفعاليات المجتمع المحلي، وتشجيع الناس على زيارتها، والاعتناء بها، لزيادة رقعة المساحات الخضراء في بلادنا، وترميم الغابات الطبيعية بزراعة غابات اصطناعية تعتمد على الأصناف الحراجية المثمرة كزراعة الصنوبر الثمري والكستناء، وزراعة الغار والزيتون واللوزيات التي لا تحتاج إلى ري أو خدمة أو مبيدات، وزراعة كافة الأصناف الحراجية الثمرية التي أثبتت الدراسات مناسبتها للبيئة الساحلية، ومعاملة الغابات الجديدة كمحميات طبيعية، ووضع حراس دائمين لها لمتابعة موضوع الحرائق والعناية بها، والإشراف عليها، وتحميلهم مسؤولية أي إهمال أو ضرر أو عبث أو تقصير.
مسؤولية حماية الغابات والأحراج مسؤولية مشتركة، فعندما نغرس شجرة فإننا نغرس الروح الوطنية والانتماء لهذا الوطن والتشبث بالأرض، علينا الحفاظ على بيئتنا الخضراء، وتشجير المناطق المحروقة، وحمايتها من الطيش والإهمال، وحماية الغطاء النباتي من التدهور، وتنفيذ حملات التشجير للحصول على غطاء حراجي يسهم في تعديل المناخ، وتقديم منتجات غالية الثمن، وتشغيل آلاف الأيدي العاملة، ومتابعة الغراس في الغابات بعد الزرع، وسقايتها وحمايتها، والعناية بها، وتطبيق التشريعات والقوانين النافذة التي وضعت لحماية الغابة والحراج والمحافظة عليها.
نعمان إبراهيم حميشة