العـــــدد 9536
الإثنين 24 شــــــباط 2020
صناعة المعلومات والاتصالات كثيفة المعرفة، وذات قيمة مضافة، ترتكز عليها الدول المتقدمة بسبب ارتفاع قيمتها المضافة وكونها قطاعاً مفصلياً وقيادياً في الاقتصاد، وصناعة البرمجيات جزء من هذه الصناعة.
وفي سورية لا تلعب صناعة البرمجيات سوى دوراً متواضعاً حتى الآن حسب ما ذكر من قبل الاختصاصيين في هذا المجال.
المهندس محمد عباس رئيس قسم المعلوماتية في مديرية مالية اللاذقية أوضح أن البرمجيات في السوق السورية لها عدة أشكال: أتمتة إدارية، التحكم بالآلات، برمجيات الألعاب، وهناك برمجيات مخصصة لتطبيقات الأنترنت والموبايلات والأقدم هي الأتمتة الإدارية والتحكم هو الأقل.
والأتمتة الإدارية تأتي تحت سقف الرواتب والأجور وشؤون العاملين والآليات والمستودعات والمالية ونظام المحاسبة الأكثر استخداماً في السوق السورية والمصنفة للقطاعين العام والخاص، ومعظم الذين يعملون في القطاع الخاص يستخدمون المحاسبة والمستودعات ومثال على ذلك فهناك تجار سوق الهال يعملون على البرنامج (الكمسيون) مباشرة، بيعاً وشراء، وهو دقيق حيث هناك أكثر من (30) تاجراً يستخدمون البرنامج في البيع والشراء لمعرفة ما لهم وما عليهم بكبسة زر.
أما ما يتعلق بالقطاع الخاص فأصحاب لشماعات للخضار والفواكه هم من يستخدمون البرنامج وذلك من خلال الاتفاق مع العمال على أيام القطاف وتنظيم أجور العمال ومعرفة الأوزان بشكل عام، وبعد فتح التصدير حالياً، الشماعات تعد موضوعاً اقتصادياً هاماً يرتبط بالسوق والتصدير، وخاصة في حال إرسال براد مفلتر وجاهز التنقية للفواكه أو الخضار.
والقطاع الخاص بدأ يهتم بموضوع الأتمتة خاصة بعد زيادة الأصفار، فالأرقام أصبحت كبيرة وتحتاج لذلك، وبالتالي بدأ الوعي لعملية الأتمتة ومعرفة أهميتها في الاستثمار، حيث تخفف أعباءً وتعرف التاجر ما له وما عليه من مصاريف وغيرها،
وكانت لي تجربة بتنفيذ برنامج لإحدى مشاتل الورود وبرنامج آخر للأعلاف، وصناعة البرمجيات قائمة على:
أولاً: تحليل النظم (سير العمل الورقي) لمعرفة الاسم والكنية والمنتج ومادة الباركود ومن ثم بعدها تدرس وتجهز وتقدم للمبرمج.
ثانياً- المبرمج وليس بالضرورة أن يكون متصلاً مع الزبون، إنما يتم تصميم البرنامج وفق تحليل النظم، وبعدها يأتي دور المدرب الذي يدرب العاملين على كيفية العمل والاستثمار بأفضل وسيلة ثم دور المسوق.
وذكر م. عباس أن حالة البيع أغلبها تكون إفرادية وعندما يطلب منا برنامج الرواتب نقوم بالبرمجة ثم التدريب وبعدها التسويق.
وقد جرت العادة حتى الآن هي عدم تصنيف البرمجة كمهنة حقيقية في المؤسسات حيث تصنف تحت مسميات مستلزمات الحاسوب، وفي سوق المهن لم تأخذ طابعها الحقيقي والمبرمج يحاول بكل الوسائل الاحتفاظ بحقوقه ولا يعتمد على الوسائل القانونية لتسجيل الملكية أو غير الملكية، إنما يعتمد على الوسائل الخاصة الفنية التقنية، ويحتاج البرنامج لإعداده مدة تتراوح ما بين (6-12) شهراً للنسخة الأولى كعمل تقييمي.
ومشكلة السوق فهناك بخس بعملية التقييم للعمل حتى في المؤسسات حيث أي قطعة تريد شراؤها فقد تضاعف سعرها عشرة أضعاف، إلا البرامج فقد بقيت على حالها وكما هي دون أي تغيير.
ورداً على سؤال حول معرفة إيراداتها ومشاكلها وآفات تطورها أشار م. عباس إلى عدم وجود صناعة برمجيات رسمية في سورية بالمعنى المتعارف عليه، إنما يوجد لدينا شركات تنتج برمجيات، ولكن أغلبها تفتقر إلى الكثير من المتطلبات الأساسية التي تمكن من تحويلها إلى منتج صناعي، فأغلبها حالات إفرادية فكل شخص يبيع برنامجاً باسم المكتب الهندسي الذي يتبع له وهذا بالتأكيد ليس برنامجاً، وهناك العديد من العقبات والصعوبات التي تواجه صناعة البرمجيات ومن أهمها:
* ضعف البنية التحتية للاتصالات وحجب العديد من الخدمات التي تحتاجها تلك الصناعة.
* عدم وجود مهنة الاستشارات.
يمكننا القول لا يوجد فهم حقيقي لعملنا فإمكانية المهنة غير منظمة والاستثمار المالي ضعيف، ويحتاج العمل فريق عمل جماعياً، والدخل المبرمج غير كاف لتوظيف أشخاص بشكل دائم، فهي مهنة حرة ممكن أن يباع برنامج أو أكثر في شهر، وممكن لا يباع بستة أشهر.
وقد كانت شركات الاستثمار تعمل جيداً على البرمجيات وخاصة في دمشق وحلب، إلا أن الحرب فقد أثرت كثيراً على تلك الصناعة وقد هاجر مبرمجين إلى خارج القطر.
وحول آفاق تطورها قال م. عباس لا يمكن وغير قادر على منح جواب دقيق، فالمهم هو إعطاؤها حقها كمهنة بالدرجة الأولى بشكل رسمي، وإجراء كل سنة تقييمات للبرمجيات ليس من خلال التسويق، إنما الاعتماد على النوعية، وبالتالي هذا ما يحتاج إلى الشفافية، فعملية التسويق تابعة للعلاقات الشخصية ولا توجد أي معايير مهما كان البرنامج قوياً، لذلك يجب وضع معايير أساسية في أي برنامج لتحديد مستوى جودة المنتج، وبالتالي تعطي إمكانية تحديد السعر والمنافسة الحرة، وهناك فرق واضح ما بين المدرب العادي والمحترف في وضع البرنامج، ولا تجوز المساواة بينهما بالمنطق من حيث النسبة.
ومن ميزات هذه الصناعة:
× انخفاض رأسمالها الثابت قياساً برقم أعمالها فهي لا تتطلب سوى الحاسوب وطاولة عمل وخط أنترنت فعّال.
* ارتفاع قيمتها المضافة مقارنة بأية صناعات أو خدمات أخرى.
* تتميز بأهمية المورد البشري باعتباره رأس المال الأول والأهم في هذه الصناعة، ويتطلب المنتج البرمجي جهوداً ذهنية وفكرية فهي تخلق فرص عمل وتتطلب تأهيلاً أكاديمياً وتدريباً جيداً فهي جزء من اقتصاد المعرفة.
* تتميز بمرونة مكان العمل، ومعرفة الواقع السوري والقدرة على تحديد مشكلاته، والتواصل مع الأسواق المجاورة المتشابهة في واقعها ومشكلاتها، والمنتج البرمجي منتج غير ملموس.
وبيّن م. عباس أن حالة الجمود الحالية سببها الأمور المالية فالأسعار أصبحت أرقام مرتفعة بالنسبة للكمبيوترات، وهذا بسبب الحرب الظالمة على بلدنا الحبيب، بالإضافة إلى وضع الكهرباء الذي يؤثر على تلك الصناعة، كما أن هناك أسباب خارجية قاهرة سواء الوضع التقني أو المادي وعمليات البيع والشراء.
وبشكل مطلق فأنا ضد أي منتج من خارج سورية، أي يجب الاعتماد على المبرمجين الموجودين في سورية كون لديهم خبرات وكفاءات وإمكانيات عالية ومميزة، وعند تأمين التسويق سيبدع المبرمجون بالتأكيد.
أما ما يتعلق بنقاط الموبايل فهو طبعة عالمية، وإمكانية الحماية لا زالت ضعيفة، أي يزول البرنامج في أي حركة مستخدمة، بينما تطبيقات الانترنت أغلبها ذات طابع تجاري.
مريم صالحة