العـــــدد 9536
الإثنين 24 شــــــباط 2020
عندما نتحدث عن البرمجة والأتمتة وأثرها على اقتصادنا الوطني لعل أول ما يخطر على بال المواطن هو تلك البطاقة التي حملت اسم الذكية زوراً، وأضافت إلى متاعب الحياة اليومية متاعب جديدة ولن ندخل الآن في الحديث عن سلبيات تلك البطاقة وإنما سنتحدث عن مشروع البطاقة الذكية الذي هو عبارة عن مشروع أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات والآليات في الجمهورية العربية السورية، وهو مشروع نوعي عائد لوزارة النفط والثروة المعدنية تقوم شركة تكامل الوطنية بتنفيذه عبر كادر وطني وبخبرات وطنية بالكامل.
يهدف المشروع إلى ضبط توزيع المشتقات النفطية والحد من التهريب والاحتكار وضمان وصول المشتقات النفطية إلى مستحقيها بمساواة وصولاً إلى القدرة على تطبيق العدالة في توزيع الدعم.
وقد عرفت شركة تكامل عن نفسها بأنها شركة وطنية تعمل في قطاع خدمات الأتمتة وتقانة المعلومات والاتصالات بما يشمل: خدمات الأنترنت، خدمات البطاقة الذكية، خدمات تقانة المعلومات والاتصالات.
وإمعاناً في التناقض فقد وصفت الشركة كادرها بالمختص الذي يضم نخبة من أهم الكفاءات الوطنية، وإن شعارها هو خدمات متكاملة للجميع والعمل لنكون أحد المساهمين في تطوير قطاع الأتمتة وتقانة المعلومات والاتصالات في بلدنا ولكن على أرض الواقع فإن أياً من هذه الشعارات لم تتم ترجمته، وهذا يكفي إلى الأن ولابد هنا من إضافة بسيطة نوضح فيها أن وزارة النفط عملت على تنفيذ برنامج عمل متكامل لأتمتة الموارد النفطية من المصب إلى المستهلك إضافة إلى نظام جي بي اس لمنع استغلال المادة ولكن لسان حال المستهلك يقول (سقا الله أيام استغلالها).
عودة الى الوراء
شهد عقد التسعينيات في سورية اهتماماً كبيراً بالمعلوماتية تجلى في السعي وبدرجات متفاوتة من قبل جهات عديدة لأتمته أعمالها وإرساء قاعدة معلوماتية راسخة عن طريق خلق الكوادر اللازمة لذلك إضافة إلى تأمين المستلزمات التقنية المختلفة، ومن خلال التجربة بدت المشكلة ليس في إيجاد الأجهزة المطلوبة لذلك بل في وجود الكوادر المؤهلة تأهيلاً جيداً والتي تستطيع النهوض بأعباء التحول ومسايرة العصر، لذلك جاءت فكرة تأهيل هذه الكوادر عبر المراحل الدراسية المختلفة عن طريق ادخال مادة المعلوماتية إلى المناهج الدراسية وقد كان لوزارتي التعليم العالي والتربية بالتعاون مع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية تجربة ناجحة في هذا المجال حيث تم تبني برنامج مكثف لتدريس المعلوماتية في المدارس والجامعات.
وقد شملت الأتمتة مختلف الفعاليات بدءاً من برنامج الحجر الصحي الزراعي إلى أتمتة السجلات الطبية ونظام إحصاء الرعاية الصحية الأولية ونظام تسجيل وضبط الأدوية، حتى المديرية العامة للآثار والمتاحف بذلت جهوداً كبيرة في مختلف ميادين العمل الأثري والتراثي وقد حققت إنجازات جوهرية على أكثر من صعيد، وقد وصلت الأتمتة إلى الامتحانات الجامعية في الوقت الذي كانت الجامعات السورية بأستاذتها وطلابها غير مهيئين تماماً لتوطين هذا النمط من الامتحانات الجديدة، حيث اشتكى عدد من طلاب كلية الطب البشري في جامعة تشرين الإهمال والتقصير، والأخطاء الكبيرة في نتائج درجات الطلاب الامتحانية، نتيجة تعطيل جهاز تصحيح الأوراق الإمتحانية المؤتمتة، يشار أن مناهج كلية الطب البشري تعتمد على نظام الأسئلة المؤتمتة (اختيار من متعدد) ويتم تصحيحها إلكترونياً عن طريق جهاز خاص يفترض أن تكون فيه نسبة الخطأ معدومة، وقد دفع آلاف الطلبة أثماناً مصيرية عن الخلل الفني الذي أفرزته عملية التصحيح الامتحاني للمواد المؤتمتة في السنة التحضيرية للكليات الطبية حيث يتحدد الاختصاص الذي يدرسه الطالب وقد تقدم آلاف الطلاب باعتراض حول هذه الخطوة وهنا لابد من الإشارة أنه يتوجب دفع مبلغ 500 ليرة سورية عند تقديم الاعتراض.
نور الدين علام طالب هندسة معلوماتية له باع طويل في المعلوماتية أكد وجود خلل يطفو على السطح ويسبب رسوب آلاف الطلبة يكمن في المشكلة الفنية في مواصفات ونوعية الورق الامتحانية و طريقة قص أطراف الصفحة الأربعة وسواد الكود على يسار الصفحة في حال كان فاتحاً لا يمكن للجهاز قراءة الكود بشكل كامل وبالتالي يصحح نصفها فقط أو بعضها، كما أن رطوبة الصفحة تؤثر على ذلك حيث يسحب الجهاز ورقتين بدلاً من ورقة ويكون قد صحح واحدة فقط، عدا عن أخطاء في مفتاح التصحيح، فالجهاز طالما يعمل لا يمكن أن يكون السبب كما أن انقطاع التيار الكهربائي لا يسبب أخطاء في عملية التصحيح.
وأضاف: سماكة الورقة تلعب دور أيضاً وأكد على ضرورة اختيار الورق الممتاز، والتواجد الدائم لأستاذ المادة على عملية التصحيح حيث لا يتواجد في المكان وبالتالي تحصل الأخطاء في المفتاح إضافة إلى حالات تزوير تحصل بتعديل النتيجة على الكمبيوتر من دون كشفها.
الطالبة ميس صفوح من كلية الترجمة لفتت الى أن عملية الأتمتة تجعل من المتعذر قياس الكفاءات العلمية وتحرم الطلبة المتميزين من إبراز مقدراتهم الإبداعية والمعلوماتية في كافة الاختصاصات لأن الإجابة تكون محصورة بمعلومة محددة.
بالطبع فإن الأتمتة مريحة من حيث التصحيح للمدرس الجامعي ولكن وكما أكد الكثير ممن يطبقونها على أنهم يرفضون هذه العملية مضموناً ويلجؤون إليها كمهرب من مشاكل تصحيح الدفاتر الامتحانية في ظل انعدام الحوافز المالية لقاء التصحيح اليدوي، وتأكيداً لهذا الأمر فإننا نجد نفس المدرس يؤتمت مواداً تدرَس في التعليم الحكومي ولا يؤتمت ذات المواد في التعليم المفتوح لأنه يتقاضى أجوراً على التصحيح.
هلال لالا