مصدر أساسي لرزق شريحة واسعة من السكان كيــــف نســــــتعيد ألــــق زراعــــة وتصـــــنيع ذهــــبنا الأبيـــــض

العدد: 9533

الأربعاء : 19 شباط 2020

 

 

تحظى المنتجات القطنية المحلية بشهرة عالمية حيث تقوم عليها صناعات عديدة مثل صناعة وحلج الأقطان والغزل والنسيج والألبسة، وهو أعطى لهذا القطاع الأولوية في خطط التطوير على مدى عقود عديدة ويعود ذلك لأهمية تلك الصناعات ودورها الهام على مستوى الاقتصاد الوطني والجميع يعرفون بأن للقطن السوري مكانة عالمية لما يتمتع به جودة عالية كما أن الأيدي العاملة السورية في هذا القطاع هي الأمهر عالمياً في هذه الصناعة التي تعتمد على ثروة الذهب الأبيض (القطن) كمادة أولية لها.

عن واقع هذه الزراعة التي شهدت تراجعاً في الفترة الأخيرة نتيجة للظروف الراهنة التقينا بعض المعنيين المسؤولين عنها وذلك لمعرفة المراحل التي وصل العمل فيها وعن أهم الصعوبات التي تواجه العاملين فيها.

* المهندس الزراعي هيثم محمد قال: يعد القطن السوري من أجود الأقطان في العالم لذلك لابد من إعادة رفع مكانته عالمياً كما كان سابقاً عبر وضع العديد من الضوابط الفنية والإدارية التي من شأنها إعادة الذهب الأبيض إلى موقعه المتقدم عالمياً لذلك نتمنى النهوض بالقطن السوري وإعادة تصنيعه وتصديره وحلجه للارتقاء الدائم بهذه الصناعات الهامة التي تدر أموالاً هامة لخزينة الدولة، فالقطن السوري له مقاييسه وشروطه وجودته ومواصفاته التي تجعل منه أفضل قطن في العالم.

* عتاب خندرية، مهندسة زراعية قالت: لابد من إجراءات وضوابط تهدف إلى التغلب على كافة السلبيات والمعوقات التي أدت إلى تراجع محصول القطن وإعادته لمكانته وسمعته العالمية المتميزة كونه يحقق عائداً كبيراً للدولة لذلك لابد من قيام المعنيين عن هذا القطاع بالعمل من أجل الارتقاء والنهوض بالقطن السوري وذلك من خلال وضع منظومة جديدة له مطالبين تلك الجهات بأخذ ما تحدثنا به من الاعتبار لأننا فخورون بمحصول القطن وصناعاته ونتمنى من الإخوة الفلاحين في المناطق التي يتم زراعتها بالقطن أن يزرعوه ويعيدوا أمجاده نظراً لحاجتنا الماسة إليه في التشغيل والتصنيع وتشغيل المصانع السورية وصولاً إلى تصدير الملابس الجاهزة للدول المختلفة.
* مازن شبول، أستاذ علوم في حديثه عن مستوى جودة القطن السوري وسمعته قال: لابد من عودة القطن السوري لبريقه فهومن الثروات الوطنية الاستراتيجية حيث يعد بمثابة الذهب الأبيض للفلاحين والمزارعين والذي تبوأ مكانة هامة ضمن قائمة الصادرات السورية إلى الأسواق الخارجية فقد كانت له علاقة تجارية تتمتع بثقة كافة دول العالم ومما لاشك فيه وكما يعلم الجميع فإن الكثير من دول العالم تتهافت عليه وكانت وما زالت هناك بورصة للقطن ويتم تسعيره وبيعه بأعلى الأسعار وأضاف: اليوم وفي ظل الأحداث لدينا مشكلة حقيقية وهي قلة زراعته وضعف كمية الإنتاج حيث خسرت الدولة شيئاً هاماً في الزراعات الاستراتيجية فقد عانت من مشاكل عديدة فضلاً عن عدم وجود فرص استثمارية للأراضي التي كانت تزرع بالقطن فهل أصبحت اليوم زراعته تعتبر نهاية قوائم الإنتاج الزراعي والاعتماد على زراعات أخرى!
ارتفاع أسعار البذار والأسمدة وزيادة الأجور عطفاً على كل ما سبق ذكره حول الواقع العام لزراعة القطن وإنتاجه أمام الحرب الجائرة والحصار الاقتصادي فإن جزءاً كبيراً من ثروة بلدنا الزراعية كانت من خسائر كبيرة إذ خسرنا الكثير من المحاصيل الاستراتيجية وتوقف تصديرها حيث توالت خسائرنا بمحاصيل القطن وتراجعت زراعته بعد أن عد هذا المنتج الزراعي الثاني في ترتيب لائحة المزروعات والمواسم السورية من حيث الإنتاج.

* مازن عثمان، تاجر بيع ألبسة داخلية قطنية: إن محصول القطن السوري لا يتوقف فلابد من الجهات الحكومية أن تكون أكثر دأباً لإعادة أمجاد زراعته وتسويقه ولابد من الاستمرار بزراعته متجاوزين كافة الأخطار التي تتعرض زراعته، كما لابد من مواجهة خلفية ارتفاع تكاليف الإنتاج بما فيها زيادة الأجور وأسعار البذار والأسمدة وغيرها لأنه في المقابل ينعكس ذلك في زيادة الإنتاج من الناحية الصناعية كما من شأنها تحريك عجلة إنتاج معامل النسيج والحلج وتسويق القطن محلياً وخارجياً, ولابد من أن تعمل على قدم وساق بغية صياغة زراعة القطن وفق خطط استراتيجية وتنموية وتطوير انتاجه . فهو يتمتع بمكافحة الآفات الحشرية كما وأنه يُقطف يدوياً ويزرع في الأراضي المرورية.
خطوات حثيثة لاستعادة إحيائه
وأمام ذلك لابد من أن نلتمس طريقاً نعتمد بها على وسائل تقليدية أو تكنولوجية في زراعته، فالقطن السوري يتمتع بسمعة عالمية قديمة لكن مع الأسف وفي ظل الأحداث الجارية مازلنا نحتاج لدعم لعودته لسابق عهده وتقديم حوافز لتشجيع المستثمرين والفلاحين, ولمعرفة هل من خطوات حثيثة وآلية جديدة لتداول القطن واستعادة إحيائه التقينا عزام سليمان مدير فرع المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان في اللاذقية الذي حدثنا: بعد عودة الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار لمعظم ربوع قطرنا الحبيب وبفضل انتصارات جيشنا الباسل عادت عجلة الإنتاج من جديد وبدأنا نسمع صخب الآلات وضجيجها معلنة عودة الحياة إلى بعض من محالجنا رغم قلة الموارد والإمكانيات المتاحة ورغم هذا وذاك لم تترك الحكومة جهداً في مواجهة التحديات والمسببات لعودة القطن السوري للانتعاش من جديد الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود لمواجهة التحديات الراهنة من خلال:
* القيام بحملات توعية وإرشاد وتشجيع الإخوة الفلاحين للعودة إلى أراضيهم والبدء باستثمارها من جديد.
* منح الإخوة الفلاحين القروض الزراعية بتسهيلات مصرفية مربحة.
* تخفيف أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة ومبيدات حشرية.
* التعريف والترويج بالقطن السوري وجودته ونوعيته من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
* تفعيل دور الوحدات الإرشادية في القرى والأرياف.
* العمل على فتح أسواق التصدير من جديد نحو شرق آسيا للعمل على فتح أسواق جديدة.
* دراسة الطلب الدولي على القطن ومنتجاته بهدف معرفة حاجة السوق العالمية في المستقبل القريب.
وحول الصناعات التي ينتجها محصول القطن أفاد سليمان: يعد القطن من النباتات القليلة المتعددة الفوائد فبذوره ينمو عليها الشعر الطويل منه صالح للغزل (خيوط قطنية) والقصير مصدر مهم للسيللوز النقي الذي يدخل في صناعات عدة منها الحرير الصناعي، وبعد عصر البذور ينتج الزيت والكسبة وهما مصدران رئيسيان لغذاء الحيوان والإنسان حتى أن المادة الزلالية (الآزوت) يمكن الاستفادة منها في صناعة الصوف الصناعي.
وأضاف سليمان: بذور القطن الناتجة عن عمليات الحلج في بادئ الأمر لم يستفد منها بشكل كامل حيث لم يكن يُستخرج الزيت إلا 5 % من مجموع البذور الناتجة وكانت استخدامها محصورة في حجز جزء منها للزراعة والبعض الآخر كعلف أو سماد والباقي للتلف في عام 1900 زادت البذور المعصورة حتى بلغت 75% من الإنتاج وبعد الحرب العالمية الأولى وصلت نسبة البذور المعصورة حدها الأعظم, وبعد عام 1950 وبفضل أحد الكيمائيين الفرنسيين الذي توصل إلى طريقة لتنقية زيت بذور القطن تقدمت صناعته وانتشرت استعمالاته مع ظهور استعمالات غذائية جديدة حيث استعمل الهيدروجين في تحويلة إلى سمن نباتي أما القشرة والكسبة فقد استعملت الأولى في الحرق والثانية كسماد لاحتوائه على نسبة عالية من المواد الآزوتية وأخيراً علفاً للحيوانات, ومنذ سنوات ليست بعيدة بدأت صناعة الحرير الصناعي باستهلاك كميات منه مما يدل على الأهمية الاقتصادية لبذور القطن التي تعود بالدرجة الأولى إلى نسبة ما فيها من زيت الذي يُعد غذاءً أساسياً للإنسان في الوقت الحاضر، وثانياً كونه مصدراً مهما للبروتين النباتي اللازم لتغذية الحيوان.
أما عن الصعوبات التي تعيق تصدير مادة القطن فبيّن سليمان أنها تشمل:
* قلة الكميات المنتجة من القطن المحلوج نتيجة انخفاض كميات القطن المحبوب.
* خروج معظم محالج القطن عن العمل والنشاط الوظيفي.
* تعرض بعض آلات الحلج للتخريب مما أثر على عملية الحلج وبالتالي فقدان القطن لبعض من جودته ونوعيته.
* اتساخ بعض الأقطان الموردة من قبل الإخوة الفلاحين وعدم التزامهم بتعليمات تنقية وتنظيف الأقطان من الأوساخ والشوائب.
* الحصار الاقتصادي والعقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا.
* العقوبات المالية المفروضة على معظم مصارفنا ومؤسساتنا المالية.
* الحظر المفروض على تصدير مادة القطن السوري مما أثر على مواردنا من القطع الأجنبي.
وختم سليمان حديثه بالقول: يعد القطن السوري من أجود أنواع القطن في العالم ويحتل مكانة وحيوية في البيئة الزراعية السورية حيث يعمل بزراعته حوالي 20% من سكان سورية ويبلغ الناتج الكلي للهكتار الواحد حوالي (4) أطنان تقريباً بالإضافة إلى حصوله على جوائز في التصنيف العالمي للمزايا التي يتمتع بها الأمر الذي جعله منافساً قوياً للأقطان العربية والعالمية المنشأ في أسواق التصدير بالإضافة إلى توجه المؤسسة العامة للحلج وتسويق الأقطان لزراعة الأقطان العضوية غير المعالجة كيميائياً والناتجة عن بذور منتجة عضوياً ومعقمة حرارياً وليس بالأشعة.

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار