العدد: 9532
الثلاثاء:18-2-2020
ضمن فعاليات المهرجان الثقافي في محافظة طرطوس عرض المهندس مروان حسن رئيس دائرة الآثار آفاق تطوير لقلعة المرقب في محاضرته مذكراً بأهمية هذه القلعة الواقعة في سلسلة الجبال الساحلية والمطلة على البحر المتوسط والقريبة نسبياً من الأوتوستراد الدولي حيث تعد إحدى أكبر وأهم قلاع العصور الوسطى في الشرق من الناحية التاريخية والمعمارية وواحدة من القلاع الأحدث عهداً بالمقارنة مع أغلب الحصون الأخرى في المنطقة وقد شكلت تجمعاً سكنياً عسكرياً ومدنياً ضخماً عبر العصور وسجلت على لائحة التراث الوطني فيما تمّ تبني الموقع عام 2005ضمن مشروع النظم الدفاعية في حوض البحر المتوسط (يوروميد) كما باشرت البعثة السورية الهنغارية بإطلاق مشروع بحثي كبير في خريف 2007م بمشاركة عدد من الخبراء السوريين والهنغاريين والطلاب..
الخطوط العريضة للتطوير
لخص حسن ملامح وبنود الرؤية التطويرية اللازمة للقلعة بضرورة التركيز على مفهوم الاستدامة من خلال تأمين التوازن بين استمرار الاستخدام لمواقع الإرث الثقافي وعدم استهلاكه عبر حمايته وعدم التأثير على أصالته منوهاً لأهمية مساهمة ومشاركة السكان المحليين في رسم خطوات العملية التخطيطية حتى تنفيذها وأشار حسن إلى أهمية النتائج التي خرجت بها البعثة السورية الهنغارية المشتركة من خلال الكشف على (حدود وأساسات المباني، الوظائف الأساسية للمباني، دراسة تفاصيل الحياة الاجتماعية واليومية) الأمر الذي مكّن من وضع إعادة تصور لشكل المباني الأساسية وساعد بوضع الأفكار الأولية لمشروع مخطط إدارة قلعة المرقب, مع مراعاة الأهداف العامة لإدارة التراث والتي تتعلق بضمان الحماية الفعالة والمحافظة عليه لأطول فترة ممكنة بشكله الأصلي وتأهيل واستثمار التراث بما يكفل تحقيقه إيراداً للخزينة العامة، وإسهامه في تنمية المجتمع المحلي وتحديد التراث المسموح للجمهور بزيارته مع تأمين السلامة العامة لرواد التراث حيث تم التفكير بوضع ثلاثة محاور متكاملة و مترابطة يتوجب تنفيذها بتواتر زمني يضبطه المخطط التوجيهي لإدارة الموقع والمنطقة عموماً و ينطلق من الدائرة الأضيق (مباني ومفردات الموقع) إلى الدائرة الأوسع (المنطقة والمحافظة والقطر).
رؤية متكاملة
خصص المحور الأول لتطوير القلعة بتحديد معايير وأولويات التدخل على المنشآت المتضررة بما يخدم تحقيق مخطط إعادة التأهيل والتوظيف للمباني، أما المحور الثاني فيتعلق برسم مخطط إعادة التأهيل والتوظيف لمباني الموقع في محاولة لتفعيلها جميعاً وفقاً لثلاثة مسارات حركة منها المجاني (المحيطي) ومنها المدفوع (داخل الأسوار) فيما ركز المحور الثالث على ضرورة الاستفادة
من المشهد الطبيعي للموقع من البحر باتجاه القلعة ومن ثم سلسلة الجبال الداخلية المقابلة للقلعة وذلك من خلال اعتماده كمسار سياحي وتم تقسيم مشروع التطوير لمراحل زمنية بحيث يتضمن المدى القريب وبعد تنظيم مسارات الزيارة الأساسية تأهيلاً لمركز استعلامات سياحي ومركز جباية عند مدخل القلعة (برج البوابة الرئيسي A ) واستكمالاً لأعمال تأهيل الساحة الرئيسيةX1 والقاعات المحيطة بها إضافة لتفعيل قاعة الزيارة الرئيسية J1 بعد أن تم الانتهاء من أعمال الترميم والتأهيل اللازمة مع إمكانية الاستفادة منها كمتحف موقع أو كقاعة عروض أفلام ثقافية قصيرة أو عن قلعة المرقب وتفعيل الموقع المقترح للكافتريا Ob بعد أن تم تأهيل الساحة المجاورةG2، أما على المدى المتوسط فالعمل على التفكير بتأهيل واستثمار بناء الخان العثماني وتأهيل بعض المنازل من الجهة الشمالية كاستراحة ومقاهٍ شعبية ومتحف للتقاليد الشعبية وأيضاً تأهيل واستثمار برج قلاوون الشمالي Tviii على ضوء نتائج التنقيبات الأثرية لموسم الربيع عام 2018 وصولاً للمدى الأبعد والذي يتطلب التفكير بمشروع بحثي لوضع مخطط إدارة متكامل يتضمن تأهيل وتوظيف باقي أجزاء القلعة على ضوء نتائج التنقيب والأبحاث التي تمت في القلعة مع التفكير بإحداث المسار السياحي (الجسر الأخضر) من البحر باتجاه القلعة ومن ثم سلسلة الجبال الداخلية المقابلة للقلعة واعتماد مسار سياحي عام يتضمن برنامج لزيارة قلاع ومواقع القرون الوسطى في الساحل السوري.
اللمحة المعمارية
تتألف القلعة من حصن داخلي ومنطقة سكنية أكثر اتساعاً وقد ذُكِر بناء القلعة الأولى من قبل السكان المحليين للمنطقة 1062/63)) م وأخذها الصليبيون القلعة القبائل المحلية سنة 1117/18 م ليأخذها السلطان قلاوون في 25 أيار 1285 بعد حصار دام خمسة أسابيع ثم شغلت من قبل العثمانيين حيث لوحظ انخفاض النشاطات المعمارية خلال تلك الفترة أما القلعة فكانت مكتظة بالسكان خلال فترات ازدهار القلعة حيث يحيط بها سور خارجي مزود بأبراج دائرية ومستطيلة, أعلاها البرج الرئيسي L (الدونجون) ، كما يحيط بالسور الخارجي من الجهة الشرقية خندق محفور في الطبقة الصخرية، وأهم مباني القلعة برج البوابة الرئيسي ( A )، الأسوار الدفاعية، الأبراج الدفاعية، برج قلاوون الجنوبي( C)، البرج الشمالي T8 ، مجمع البوابات ( F )، الكنيسة H ، البرج الرئيسي (L)، كما تقوم المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية سنوياً بتنفيذ مشاريع تدعيم وترميم في القلعة, وفي عام 2005 تم تبني الموقع ضمن مشروع النظم الدفاعية في حوض البحر المتوسط (يوروميد) وتم تنفيذ المشروع خلال عامي 2005- 2007وعلى مرحلتين الأولى جرى فيها إنجاز المخطط التوجيهي لقلعة المرقب مع كافة الدراسات المتعلقة بالموقع, وإعداد دارسات ترميم لأربعة من المباني الخطرة في القلعة فيما تضمنت المرحلة الثانية ترميم وتدعيم أحد المباني في القلعة وهو (مبنى السرادق الشرقي S) وحددت أهم توصيات المشروع الحاجة إلى توسيع الدراسات التاريخية والمعمارية لمعرفة تاريخ الموقع وتطوره بدقة, بهدف تطوير خطة حماية وإدارة الموقع ومحيطه على المدى المتوسط والبعيد, وهو أساس مهم للحفاظ عليه باعتباره واحداً من أهم المواقع الأثرية في القرون الوسطى من جهة وكموقع ثقافي إنساني من جهة أخرى, ومن أجل فتح آفاق الاستثمارات السياحية والثقافية المستدامة، أما البعثة السورية الهنغارية فباشرت بإطلاق مشروع بحث كبير في خريف 2007م , بمشاركة عدد من الخبراء السوريين والهنغاريين والطلاب الذين عملوا في مجالات (الآثار، تاريخ الفن والعمارة، علم الحيوان، الفخار، دراسة وترميم اللوحات الجدارية، دراسة وترميم اللقى الأثرية، التوثيق المعماري، التوثيق الفوتوغرامتري، المسح الجيوفيزيائي والـ جي أي اس، الدراسة الجيولوجية، دراسة الزلازل والتأريخ بواسطة الخشب، حفظ وترميم المباني).
رنا الحمدان