مـــوجة الصقـــيع حرمتنـــا من الخضـــراوات في عــز الحـــاجة لها

العـــــدد 9531

الإثنــــــين 17 شــــــباط 2020

 

فعلت فعلها وهي تشع بياضاً ولمعاناً، يجذبك بريقها الخادع للحظات حتى ترى ما فعلته فتنكفئ حزيناً على تعبك، لا وجود للخس والسلق والملفوف، وحتى البصل اللذيذ والمقاوم لم توفره، ولن تستطيع بعد ذلك تأمين المؤونة من الثوم لأنها لم تستثنه.
ابن القرية اعتاد النزول إلى حاكورة صغيرة أمام المنزل فيها بصل أخضر ونعنع وسكوبة بقدونس ومثلها هندباء جوية ونسق من الخس ومثله من الملفوف والقنبيط وخربة سلق صغيرة تتكفل بالكبيبات والترموسة والفطاير والسلق حميس مع البصل طيلة الشتاء، وأن تذهب هذه كلها إثر الصقيع والجليد بلحظات فإنها خسارة له لا تعوضها مثيلاتها التي في المحلات.
إنها موجة الصقيع التي ضربت المنطقة مؤخراً وما زالت ذيولها تفتك بنا برداً يلسع الأجساد، وللوقوف على الأضرار التي خلفتها موجة الصقيع تواصلنا مع سكان وأهالي القرى الجبلية، ولكن حرصنا على أن تكون تلك القرى مختلفة التضاريس وحتى الارتفاع عن البحر، لأن هذا يستتبعه اختلاف في نسبة وحجم الضرر.

 

وكالعادة كانت البداية من أقصى جنوب شرق ريف جبلة قرية (معرين) والتي أكد أحد أبنائها (محمد ونوس) أنهم بقوا لأيام لا يستطيعون استخدام صنابير المياه لأن المياه متجمدة وهذا أثر على الصنابير نفسها والشبكة (القساطل والمواسير) التي انفجرت عند أكثر من مواطن نتيجة الصقيع والجليد أما المزروعات والأشجار المثمرة فكانت أيضاً الأضرار عليها متفاوتة، فالقمح والشعير لا تتعدى أضراره توقف وبطء النمو وماعدا ذلك البصل تأثر كثيراً والثوم أيضاً ولم يبق لا سلق ولا ملفوف (وراحت أحلامنا بأكلة كبيبات بسلق) أدراج الرياح لأنه مهما كان السلق الذي بالمحلات جيداً لن يتفوق على البلدي الذي نقطفه من الحاكورة من أمام المنزل حلى حد قول أحدهم، وبالنسبة للمواشي أكد أحد مربي الماعز بنفس القرية أننا لم ولن نستطيع إطلاق القطيع للرعي نتيجة الظروف الجوية السائدة وهذا بدوره يحملنا خسائر إضافية لأننا سنضطر لإطعامها العلف والتبن المخصص لفترات الليل وبالتالي تتضاعف المصاريف والحاجة للتبن والعلف في الأيام القادمة.
ولنتجه غرباً إلى الدالية وبيت عانا فكانت النتائج متقاربة لكن أقل كون الزراعات الحقلية لا تتعدى حاجة المنزل من الخضراوات الشتوية كالسلق والملفوف والقنبيط والخس والبصل والثوم وإن تكن قليلة فإن الحرمان منها ليس بالقليل.
المواطن علي حسن من الدالية قال: الصقيع والجليد خربا كل شيء، البقدونس والملفوف والسلق حتى الأنفاق الصغيرة تأثرت كثيراً، أما البصل والثوم وهما أكثر مقاومة فقد تأثرا كثيراً وبهذه الحالة تصفر الأوراق ويتوقف النمو لتعود وتنطلق بعد ارتفاع درجات الحرارة.
في بيت عانا المزارع لؤي أسود أكد تأثير الصقيع على الملفوف والسلق والقنبيط والثوم والبصل في بعض الحارات وحسب توضعها التضاريسي والجغرافي فقد كان التأثر والضرر نسبيين، بالمجمل كل شيء تضرر وتأثر بالجليد وأكثر شيء السلق والملفوف هذه انتهت بالمرة، وباقي المزروعات وأهمها الأشجار المثمرة حتى تلك تتطلب تدني درجات الحرارة وأهمها العنب خاصة التي تم تقليمها لأنها تتعرض لليباس.

عين غنام والمشيرفة المشهورتان بالخضار الشتوية (سلق بقدونس ملفوف)، كله تأثر ولم يبق منه شيء حسب المواطن أيهم إبراهيم الذي أكد أنه لم يبق سوى المزروعات المغطاة بالنايلون لأننا عمدنا بالسنوات الأخيرة أن نغطي بعض المزروعات، وحتى المغطاة لم تسلم وأبرزها مساكب التبغ وخاصة التي أصبحت بمرحلة متقدمة، أما التي نبتت للتو فلم تتأثر كثيراً، والأشجار المقلمة تأثرت كثيراً كالعنب، لأننا استعجلنا بالتقليم.
في التلازيق القرية التي يشتهر سكانها بنشاطهم وعملهم الدؤوب في الأرض أكد أبو أحمد أنه لم تبق خضار شتوية تذكر نتيجة الصقيع وما بقي (حرقه الجليد ومزعتر) الملفوف انتزع بالمرة والسلق والخس كذلك، والبصل والثوم فاصفرت الأوراق من البرد والصقيع وتوقف نموها، أما مساكب التبغ فلم تتأثر كونهم محتاطين عليها ويغطونها بحرص.
في فويرسات، سليمان يوسف قال: تأثر كل شيء حتى البصل المقاوم للبرد تأثر ورقه واصفر وتوقف نموه.
هذه عينة من القرى الجبلية العالية في الريف أما الساحل القريب فهؤلاء قد تكون خسائرهم أكبر كون المساحات المزروعة أكبر، وهؤلاء يزرعون ليبيعوا، ففي البرجان تركزت الخسائر على أنفاق الكوسا نتيجة ما يسمونه (بالملحة) وتطاير شرائح النايلون عن الأنفاق والبيوت البلاستيكية نتيجة الرياح والعواصف، والخضار الورقية تأثرت كثيراً بالبرد وليس الجليد لكن ما خفف من خسائر أصحاب الزراعات المحمية أنهم كانوا محصنين ومحتاطين وصار لديهم خبرة بالتعامل مع هذه الظروف ووجود الكهرباء في الليل أثناء موجة الصقيع والذي تأثر فقط من كان لديه عطل أو مشكلة إما داخل البيت البلاستيكي أو عطل بشبكة الكهرباء.
إذاً والحال كذلك ما تأثر بموجة الصقيع فخارج عن الإرادة كالخضار الورقية وما شابه، أما الأشجار المثمرة المتواجدة هناك فكلها تتطلب هذا الجو البارد إن كان من الكرز والتفاح واللوزيات والعنب، أما من سارع بيديه وقلم عرائشه وتضررت ويبست فلماذا لم يستشر مختصاً أو مهندساً زراعياً كون أي قرية لم تعد تخلو إما من مهندس زراعي أو حتى وحدة إرشادية.
كما رأينا كانت الخسائر على المزروعات الحقلية أي الخضار الورقية وأشجار الكرمة التي قلمت باكراً وهذه نتيجة الجهل بمواعيد التقليم الصحيحة لأنه من المعروف عند الأكثرية أن التقليم للكرمة في المناطق الجبلية يجب أن يكون في الثلث الثالث من شهر شباط حسب ما قال المهندس لنا المهندس الزراعي جابر يوسف.

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار