العدد: 9529
الخميس 13-2-2020
الدكتور جهاد كامل ملحم أستاذ في قسم الفيزياء كلية العلوم، جامعة تشرين حائز على درجة الدكتوراه في الفيزياء النووية، ألّف العديد من الكتب الجامعية في مجال الفيزياء، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه وصدرت له مؤلفات عدة منها: الكون من منظور فيزيائي، تاريخ الفيزياء، التدبير الإلهي، الفيزياء وقضايا العصر، الكون في رؤية معاصرة، علم الكونيات الحديث، في التاريخ العلمي له الكثير من الدراسات في فلسفة العلوم وكذلك الكثير من المقالات العلمية المبسطة في المجلات الثقافية السورية والعربية له ما يزيد على أربعين بحثاً علمياً في مجال الفيزياء منشورين في مجلات علمية سورية وعربية وأجنبية محكمة، شارك في العديد من المؤتمرات العلمية المحلية والعربية والدولية وهو حريص على رفد المجتمع بكوادر فعالة تساهم في بناء المجتمع وتأسيس دعاماته العلمية، باختصار الدكتور جهاد ملحم خلية نشاط لا تهدأ، تقدم الرحيق العلمي بسخاء… الوحدة التقته وحول كتابه الأخير كان حوارنا الآتي.
في التاريخ العلمي منشورات جامعة دمشق لماذا اخترت هذا العنوان؟
يعطي التاريخ العلمي والمعرفي صورة واضحة عن حياة الأمم والشعوب ودرجة تطورها كما يقدم فهماً عميقاً لحالتها الراهنة والمستقبلية، لقد ترك العرب إرثاً في غاية الروعة وحملت إمبراطوريتهم مشعل الحضارة حتى انهيار الأندلس لكنهم توقفوا وعجزوا عن تحقيق الوثبة الأخيرة لحمل مشعل الحضارة لتنتقل الريادة إلى الضفة الأخرى من المتوسط، من بين أسباب التقهقر الذي نعرف بعضها ونجهل بعضها الآخر كان الغزو المغولي في القرن الثالث عشر الذي دمر كل لبنات المعرفة وأدواتها، وإذا أضفنا إلى ذلك الطغيان السياسي والصراعات المذهبية والإثنية وفقدان الروح العلمية وسيطرة الفهم الميكانيكي القاصر لبعض الأمور أدركنا لماذا أخفق العرب في إنجاز الثورة العلمية الحديثة، ما أردت توضيحه من خلال العنوان الذي يعرض لمسيرة النهضة العلمية الحديثة في أوروبا التي تكن مفروشة بالورد من جهة، وللمعوقات التي تعترضنا في اللحاق بركب الثورة العلمية من جهة أخرى ويعيدني السؤال إلى المقولة العظيمة لفيلسوف العلم البارز أمري لوكاتش فلسفة العلم من دون تاريخه خواء، وتاريخ العلم من دون فلسفته عماء وينضم فيلسوف العلم ستيفن تولمن إلى هذا الاتجاه الذي يأخذ الوعي التاريخي مأخذاً جاداً حيث يركز في تحليلاته على وضع العلم بين فلسفته وتاريخه.
ما الرسالة التي أردت إيصالها من تأليفك لهذا الكتاب؟
يهدف الكتاب إلى إبراز خيط التفاعل بين أنواع المعارف والثقافات أولاً وتطورها وارتقائها مع التقدم العلمي الحاصل ثانياً، صحيح أن نشر الثقافة العلمية مهم جداً لكن الأكثر أهمية من ذلك هو إبراز المعنى الواسع لها كمحصلة للعلم والأدب والفن والفلسفة وكل ما يسترشد له الإنسان لتحديد مواقفه وطريقة حياته عندما يتخذ الفرد المنهج العلمي طريقاً له في حل مشاكله اليومية تصبح المعرفة العلمية ببعدها الثقافي، خصوصاً لغير المختصين خزاناً تنويرياً هائلاً يساهم في رقي المجتمع ورفع سوية الفرد وإزالة الاضطراب والضياع والتشويش من العقول في النهاية، هدفنا خلق رأي عام متنور قادر على المشاركة في مسائل حساسة ومصيرية تتعلق ليس بمستقبله فقط بل بمصير الحياة على كوكب الأرض مثل التلوث البيئي، الطاقة النووية والسلاح النووي، الاحتباس الحراري، تحديد النسل، التلاعب الجيني، نمط الحياة الاستهلاكية الخ.. وكل هذا مشروط برفع مستوى الثقافة العلمية في المجتمع وهو ما نحاول إبرازه من خلال سيرة العلماء ومعاناتهم وأيضاً من خلال عرض التحديات والمشاكل وسبل حلها.
من أين استقيت معلومات الكتاب؟
تتنوع مصادر المعرفة وتتعدد وهي تتزايد باستمرار والباحث والمختص يكون قد أمضى معظم عمره بين دفات الكتب والمراجع فتتكون لديه ذخيرة كبيرة من المعطيات ثم هناك دور نشر عالمية ذات مصداقية كبيرة وسمعة محترمة، أيضاً هناك أسماء لامعة في مجال العلوم والفنون والفلسفة حاصلة على جوائز وأوسمة جميعها مصدر مهم وموثوق للمعلومات، في النهاية يجب ألا ننسى المواقع العلمية الالكترونية الرصينة التي لا تكون متاحة إلا بشروط معينة وهي تتبع لجامعة أو مركز أبحاث أو مؤسسة معروفة، ما أود أن أصل إليه في الجواب: هو أن المعرفة هي تراكم خبرات الأفراد والمجتمعات في جميع نواحي الحياة، ثم يأتي دور المؤلف أو الباحث في صياغة الأفكار في قالب جديد وبأسلوبه الخاص، واستخلاص ما يعتقد أنه الأفضل والأجمل والأحدث.
وهذه إحدى ميزات البحث العلمي والنشاط الثقافي والمعرفي، يجيدها العاملون ي هذا الميدان لأن عملهم يستند إلى ما سبقه، ولا يأتي من فراغ. حتى الأساطير والسحر كان لهما دور في نشوء العلم وتطوره على الرغم من عدم تطابقهما مع الواقع، وعدم وجود نتائج ملموسة لهما.
كيف تقيم العلاقة بين علم الفيزياء والفلك والواقع الذي نعيشه؟
يعد علم الفلك من العلوم القديمة الذي يهتم بدراسة المنظومة الشمسية وحركة النجوم والكواكب ومواقعها، إضافة إلى الظواهر التي نتحدث خارج نطاق الغلاف الجوي، أما استخدام أفكار وتقانات الفيزياء في دراسة السماوات يشار إليها غالباً بالفيزياء الفلكية. ويقوم فهمنا الحالة للكون على نظرية النسبية العامة لأينشتاين ونظريته في الجاذبية وفق المعيار الكبير للكون، الجاذبية هي القوة المسيطة التي تحكم كل شيء، أما علم الكونيات الحديث فيدرس كل ما يحويه الكون بدءاً من الجسيمات الأولية الصغيرة جداً جداً وحتى المجرات الكبيرة فهو يحتاج إضافة إلى النسبية العامة نظرية أخرى هي النظرية الكمومية يهدف هذا العلم في نهاية المطاف إلى وضع جميع الظواهر المادية المعروفة في اطار متماسك وحيد، بحيث يجيب على الأسئلة الكبرى التي شغلت الفكر البشري عبر العصور: كيف نشأ الكون؟ كيف وصل إلى ما هو عليه؟ وما هو مصيره؟
يوفر علم الفلك الحديث معلومات عظيمة عن مجموعتنا الشمية ومجرة درب التبانة التي ننتمي إليها، وهو أمر في غاية الأهمية لأن أي تغيير طارئ في المجموعة سيؤثر على أعضائها جميعاً، على سبيل المثال: فإن الثورانات التي تحدث داخل الشمس قد تؤدي إلى رفع درجة حرارة الأرض، كما أن كويكب أو مذنب يضرب الأرض سيؤدي إلى كوارث بيئية محققة.
وقد حدثت في مثل هذه الكوارث في الماضي السحيق وأدت إلى انقراض الديناصورات أما صلة الفيزياء بالواقع المعاش فهوز غني عن البيان لأن كل منتجات التنكولوجيا اليوم (الهواتف فالنقالة – الحواسيب – تقانة النانو – تلفاز…) هي نتاج ثورة الفيزياء الحديثة
رفيدة يونس أحمد