تطور الحياة وزيادة الكثافة السكانية وغزو التكنولوجيا، ساهمت في زيادة ضجيج حياتنا أكثر فأكثر مع مرور الزمن، مما يجعلنا نبحث عن شيء يضاهيها في الصخب لتحقيق التوازن النفسي، فجاء ضجيج الموسيقا الحديثة ردًا على تغير احتياجاتنا وأسلوب حياتنا…
جيل الشباب يميل إلى الموسيقا الصاخبة التي سيطرت على عقول البعض منهم، وهم يرون فيها تعبيرا عن الاختلاف والتميز .. وهم يحبون الاستماع والرقص على إيقاعات تلك الموسيقا الصاخبة.. من الراب إلى الروك والبوب، حيث تشهد رواجا كبيرا في أوساطهم ..
ويجدها البعض مرآة تعكس أوضاعهم النفسية، وتساعدهم على الهروب من الواقع.
بينما البعض الآخر يقول : نحن نعلم أن ذلك النوع من الموسيقا الغربية الصاخبة لا يمت بصلة لعاداتنا وتقاليدنا، ولكننا نتذوق كل أنواع الموسيقا، وتعلقنا بها لا يعني أننا تخلينا عن تراثنا، فالكثير من الشباب لا يزالون يميلون إلى الأغاني الشعبية..
وتعني الموسيقا بالنسبة إلى الكثيرين الطاقة والمتعة، ويرون أنها في بعض الأوقات تصبح أجمل عندما يستمعون إليها بصوت أكثر ارتفاعا.
يتغير مع الزمن
الذوق الموسيقي يتغير مع الزمن، إلا أن طريقة التفكير والمشاعر تحدد نوع الموسيقا التي يحبها كل شخص
تقول هيام ” موظفة” : سيطرت الموسيقا الصاخبة على عقول الشباب ، فابنتي عمرها 14 عاما تحب الموسيقا الصاخبة التي لا تهدأ في البيت,وبرأيها أن سبب ميل الشباب إلى الاستماع إلى الموسيقا الصاخبة تعبير عن اختلاف ذوق الأجيال عن بعضها.. .
ترى المرشدة النفسية سحر معلا أن الميل إلى الموسيقا الصاخبة يزداد في مرحلة المراهقة ومن ناحية أخرى وبما أنها طريقة من طرق التعبير عن الاختلاف عن الأجيال السابقة فإن هذا الميل يتغير مع تغير العرض، فأي عرض موسيقي جديد سرعان ما يتحوّل إلى ظاهرة اجتماعية.
وأضافت : الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقا أو ذاك يرتبط بأحاسيس الفرد وتصوراته وبعالمه الخيالي الخاص به وتفضيل الشباب للموسيقا الصاخبة هو وسيلة للتميز والاختلاف عند الجيل السابق.
ويربط البعض بين حياة الصخب التي يعيشها الشباب اليوم بتأثير الواقع المعاش بما فيها من خيبات ساهمت في دفع الشباب إلى التفاعل مع الموسيقا الصاخبة..
ونوهت إلى أن هذه الظاهرة هي ظاهرة عالمية لكل الشباب في مختلف أنحاء العالم، حيث يميلون إلى الموسيقا الصاخبة والبحث عن مجموعات موسيقية يبحثون فيها عن نموذج يعجبون به ويحاولون تقليد تصرفاته وحركاته.
وأكدت أن البعض من الشباب يرون في الموسيقا الصاخبة نوعا من التميز والديناميكية ما يجعلهم يحرصون أن يكون صوتها مدويا كلما قرروا قيادة السيارة، فهي شكل من أشكال التفاخر، وتجعل الشاب محط أنظار الجميع، ويقولون :إنها الحضارة التي لا يمكن أن نعيش بدونها ..
ويؤكد غالبية الشباب المولعين بالموسيقا الصاخبة أنها طريقة من طرق الهروب من المشاعر السلبية والأفكار غير المرغوب فيها، فهي تخلق مساحة سمعية جديدة أو بيئة موسيقية إيجابية تنقل المستمع من بيئته اليومية.
اهتمام خاص
وأكدت معلا أن مسألة الذوق الموسيقي حاز على اهتمام علماء النفس الذين حاولوا اكتشاف الصلة بين حب نوع معين من الموسيقا وطريقة التفكير.
وأضافت : رغم أن الذوق الموسيقي يتغير مع الزمن، إلا أن طريقة التفكير والمشاعر تحدد نوع الموسيقى التي يحبها كل شخص، مشيرا إلى أن قائمة المطربين المفضلين لشخص ما تكشف الكثير عن شخصيته أكثر مما يعتقد البعض.
وتعزز الموسيقا العاطفية في بعض الأحيان مشاعر المستمع عند تشغيلها بصوت أعلى، وقد تصبح الصور التي تتدفق إلى العقل أكثر حيوية، مما يؤدي إلى تكرار تجربة الاستماع إلى نفس الموسيقا بأصوات أكثر ارتفاعا.
وختمت بالقول : لا تخلو الموسيقا الصاخبة من أضرار صحية فالشباب الذين يرتادون حفلات الموسيقا الصاخبة أكثر عرضة من غيرهم لظهور علامات مبكرة للإضرار وفقدان حاسة السمع ممّن يعيشون حياة أكثر هدوءاً.