بــلاد وعبـاد..السنديان لا يمشي

رقــم العــدد 9527

الموافق 11 شبــــــــــاط 2020

على أسوار حلب وقف بقدمين ثابتتين ثبات قلعة الشهباء، شامخاً شموخ قمة الحرمون، هادئاً هدوء الأنبياء في حضرة الوحي، من عينيه يشع غضب ساطع لا يقل عن غضب القاذف الذي احتمله فوق كتفه، سبابته تطوق الزناد كما يطوق الطائر صغيره بالجناح، قلبه يدق ناقوس المواجهة مع طلائع جحافل الموت القادمة من ثنايا الدخان والبارود، أربع مدرعات مفخخة تتسارع في سيرها نحو مدخل جمعية الزهراء هو الآن مع قاذفه في مواجهتها، مشهد يختصر كل مشاهد الحرب على سورية، الغدر كله في مواجهة الوطن كله، الموت كله في مواجهة الحياة كلها، الجبن كله في مواجهة الإقدام كله، اقتربت المفخخات وأضحت في دائرة مرماه، دق قلبه لحظة الحسم وحنت سبابته على الزناد فانطلق الجحيم سجيلاً من مربضه على الكتف الأبابيل ومادت الأرض تحت أقدام من سولت له نفسه اغتصابَها، استحالت المدرعة الأولى إلى كتلة من نار بينما تابعت بقية المدرعات تقدمها، ازدادت قدماه في الأرض ثباتاً كما سنديان قريته في طرطوس وعاجل رتل الموت الأسود بقذيفة من الكتف إلى النحر، غابت المدرعة الثانية من المشهد، ازداد الموت اقتراباً وازداد قلبه توهجاً وكان للمدرعة الثالثة قسط النصيب كسابقاتها جحيمٌ أحال الفولاذ أشلاءً، آخر المدرعات فخخت بكمية هائلة من المتفجرات وتدميرها من هذه المسافة القريبة يعني الشهادة الحتمية لكتف أنجز من النصر جله لكن السنديان لا يمشي والأبطال تُستَشهَد في سبيل النصر كله، المفخخات الأربع أضحت نسياً منسيا والشهيد باسل قرفول أضحى سنديانة سورية الشامخة على أسوار حلب وسيماء النصر على جبين الوطن وعنوان البطولة في كتاب التاريخ، بدمائه ازداد قناء الأحمر في راية الوطن وسطع برهان مشهد الحرب في سورية لتكون الهزيمة كلها في مواجهة النصر كله.
يطالبون بتشييد تمثال يجسد ذكرى الشهيد باسل قرفول، هو مطلب حق وواجب لكن التماثيل تنصب كي لا تضيع الذكرى وذكرى أمثالك من الأبطال يستجديها الخلود نفسه كي لا يضيع معناه.
السنديان لا يمشي لكن سنديانة طرطوس مشت لتضرب جذورها على أسوار حلب، الشهيد باسل قرفول إلى روحك الطاهرة سلام الله والوطن.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار