العـــــدد 9526
الإثنــــين 10 شــــــباط 2020
نبحث عن آليات فعّالة لدعم ليرتنا أو حسن توظيفها، فنراجع ما كان ونتصوّر ونوضّح ما نتمنى أن يكون.. قد أتحول إلى (متهم)، وقد أصبح (مطلوباً) من قبل رأي عام ينتظر (من يدفش أحلامه) إلى الأمام لا من يجرده من أي شيء اكتسبه ولو كان عشر ليرات، لكن (الهادئين) سيقفون مع أكثر من 50% مما سنذهب إليه في السطور القادمة.. في العمود الثاني من (فيش الراتب) وتحت بند (تعويض عائلي) يوجد الرقم (750) ليرة هو إجمالي التعويض العائلي لأسرة نموذجية مؤلفة من رب أسرة موظف وزوجة غير موظفة وثلاثة أبناء وهو السقف الأعلى للتعويض العائلي وإن زادت الأسرة عن هذا العدد من الأبناء.
سنفترض إن نصف الموظفين يتقاضون هذا التعويض فهل لكم أن تتخيلوا الرقم الذي يتم تكبده سنوياً من قبل خزينة الدولة، وبذات الوقت لا يحدث أي أثر إيجابي على (جيب الموظف) وبناء عليه، ومن باب الغيرة على خزينة الدولة وتحت الغطاء الأخلاقي لمهنتنا، نسأل: ماذا لو تمّ استثمار هذه المبالغ في مشاريع ذات جدوى حقيقية نستفيد منها بطريقة مختلفة (دعم سلعة إضافية على سبيل المثال) أو إنشاء مصنع ينتج (سلعة ضرورية) نقدمها للمواطن بسعر الكلفة كونه مساهماً في إنتاجها بالـ (750) ليرة التي تخلى عنها.
سيستهجن كثيرون هذا الطرح ولكن دعونا نستمر في تقليب منافعه:
* إذا خصصنا هذا المبلغ لدعم سلعة إضافية أو زيادة مساحة الدعم للسلع المدعومة فهذا الأمر لن يبقى حكراً على الموظفين وسيحقق عدالة ولو في حدود دنيا من القيمة المادية.
× لنعتبر هذا الأمر استثماراً عاماً بـ (أسهم) ويزيد رأس ماله مع دخول أي موظف جديد إلى سوق العمل أي بإمكان أي مشروع يبنى بناء على هذا الطرح أن يجد باستمرار مبالغ إضافية تدعمه وتعزز استمراره.
* الأهم في الموضوع أن المبلغ الذي سيخرج من الراتب ليس مؤثراً وخاصة مع الظروف الحالية وبالكاد يكفي ثمن سندويشة فلافل وعلبة كولا صغيرة أي أنه ليس في حسابات الموازنة الأسرية.
هي مجرد فكرة يمكن مقاطعتها مع ما يشبهها من قرارات وإجراءات تمّ اتخاذها مؤخراً، وآنَ الأوان لتقييم أثرها النفعي على الفرد المستفيد وعلى الحالة العامة كمشاريع الزراعات الأسرية وتمكين المرأة الريفية والمشاريع متناهية الصغر وغيرها على أن تكون هذه المراجعة على طاولة المصلحة العامة وبعيداً عن الشعارات التي قد تصادر مثل هذه الطروحات.
كثيرات ممن استفدن من منحة الحديقة المنزلية يشترين الفجل والبقدونس من السوق وكثيرات ممن استفدن من (البقر والغنم) يشترين اللبن من محلات السمانة و(دجاجات) جارتنا بالكاد يكفي بيضها لها ولأبنائها، فالأموال هنا ذهبت، ولم ينتعش الريف ولم (تتمكن) نساؤه!
سنقلب الصفحة على وجع آخر كنا قد عرجنا عليه بعجالة في مقال سابق ونطلب من (سادكوب) أن تزودنا بالكميات الإجمالية من المازوت المخصصة لتشغيل المولدات في دوائر الدولة، ولنحسبها بالورقة والقلم ولنرَ إن كان ذلك أوفر أم إنتاج كهرباء بـ (المازوت) المخصص للمولدات هذا الأوفر!
لا نطالب بإلغاء التقنين ولكن نفكر بالجدوى في أي قرار ولا يجوز أن ننسى ما نخسره في كل منشآتنا جراء انقطاع الكهرباء أثناء الدوام الرسمي وهل بإمكاننا أن نستفيد من جلّ ساعات التغذية خلال أوقات العمل أم لا؟
بالمنطق فإن ما يجب أن نستهلك الكهرباء فيه سنفعله سواء حضرت الكهرباء لساعة أم لعشر ساعات وقلنا سابقاً إن قلة حضور الكهرباء لا يقلل معدل استهلاكنا لها بل إنه يحملها الكثير من التكلفة الإضافية بسبب الضغط عليها أثناء التغذية ويضر بشبكاتها وخزاناتها على عكس ما كان سيحدث لو تزيد ساعات التغذية!
إن كان كلامنا صحيحاً فإن هدراً كبيراً يحضر هنا سببه سوء إدارة (الطاقة) ويؤكده عدم حضور أي حلّ داعم رغم حضور آلاف التصريحات حول (الطاقة المتجددة) وعن غنى بلدنا بها، فلماذا لم نتحرك؟
لن (نشربك) الأمور، وهناك الكثير من القصص التي تحتاج إلى مراجعة على الأقل ما يتعلق منها بدقائق حياتنا اليومية وليس عيباً أن نحكم على تربة ما بـ (الفشل) بل المرفوض أن نصر عليها ونخسر مع المزيد كل يوم!
غانم محمد