ليرتنــــــا.. مســـــــؤوليتنا.. تسعة من أجل العشرة.. ونحـــن لهـــا

العـــــدد 9526

الإثنــــين 10 شــــــباط 2020

 

تاريخ الأزمات الاقتصادية حافل بالانتكاسات، وبطفرات النجاحات، المحسوبة على أفراد، أسماء بعينها، عدّوا بدولهم إلى بر الأمان، تجارب يعتدّ بها، لا تشبه التجربتين الدانماركية، واللبنانية الشقيقة. وأمّا التجربة السورية، فترمم نفسها بنفسها، أزمتها ارتدادات لاهتزازات مع أنّها مركز الحدث!، وهنا إعجاز دولة عميقة تشق طريقها بأنفة، ترشد النسر إلى مكان فريسته، من أعلى الجبل، ينقضّ فلا يخطئ هدفاً، والعبرة المقاسة على ريختر نتائجها بعيدة المدى.
يصدر المركزي تعليماته المحاكة بعناية، ركب لها غيارات أوّل وثانٍ، ودوزن العيار على توليفة التفضيلي ٧٠٠ ليرة، ونشرة السعر الرسمي للدولار ٤٣٥ ليرة، لمستوردات منحها درجات على سلّم الأولويات، فيما تصطف بالدور التساؤلات عن جدوى التعديلات مالم يجري التصالح مع الواقع بين الأسعار والكلفة، فمعظم المفضلات من الاستهلاكيات، الفوارق تذهب فيها لجيوب المفَضلين، لا أنعشت صناعة نضحي بتسعة دولارات فيها لنصطاد العشرة، ولا انعكست على السوق تخفيضاً لسعر!
الأولوية في هذه المرحلة لخفض عرض الليرة، تخبرنا السوق بحالها، وتقول إن ضخ مبالغ مالية بالعملة المحلية يدهورها ما لم ترفعها قاطرة الإنتاج المعطل بعضها الآن، فالأَولى سحب الفائض من الليرة وليس اتخام السوق بالمزيد منها، بعض الإجراءات واضحة الغاية والهدف، إعادة الليرة إلى منابعها، بتشجيع الإيداع، طواعية (رفع سعر الفائدة)، أو لزاماً، بإقحام المصارف بالبيوع العقارية، الزودة الأخيرة على الراتب تدخل من هذه الأبواب وتقفز من فوق أساطيح الراتب، كالبنت الولهانة التي هربت مع ابن الجيران، دشرت الزودة مع التأمينات الاجتماعية، ومع المالية فوهبت جزءاّ من نفسها ضريبة، وارتهنت للتأمين، وبطريقها عطلت الترفيعة السنوية للموظفين على حافة (التسقيف)، فهي لم تستحل سيولة في أيدي الموظفين يدردرونها في الأسواق، يمنة للبعزقة المحسوبة على الاستهلاك وشمالاّ لإغاظة الدولار، فما جلبوا سوء الطالع له، ولا عكفوا أنفه بها، وقد أصبنا بعمى أفكار، عجقة فيها اختلط الحابل بالنابل.
غلاء .. غلاء، وفي حضرة الموت السريري لا يُسأل بأي طريق مرّت الأمراض، يستفيق السوري على ارتفاع ويغفو على آخر من دون أن يعي نفسه، ترك التحليل للسياسيين، والتبصير للمنجمين، وسهى هو كالرعيان يسأل غوغل وتكامل وتلغرام (وين) جرة الغاز، ويضبط أعماله على توقيت تقنين الكهرباء، ويقنن مصروفه على حسابات بيدر الراتب وحقل الحكومة، ويستسلم لحظّه الذي تقسم له الأقدار رزقه، (لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما بتحوش)، لأجل هذا سخٍرت الحرب من قدره وصنعت لها رجالاً نصبتهم أمراء على جيل الأثرياء الجديد، لا طبقة وسطى ولكن سادية الغنى وفقراء الصفيح، ولأنّ الحرب أكلت المدخرات ولم تهتلك الأصول بعد، فمازالت أُسر محافظة على بعض( بريستيجها) ويشفع بقاءها في قيد الحياة أنّ الدولة لم تنكص برواتبها شهراّ واحداّ، التقشّف في المأكل والملبس، وما زال الطابق مستوراً، وستر الله (ع المستور)، لغير من كان حالهم ميسوراً بالفطرة أو الوراثة أو..، (وكفّوها عنّي، وع الحساب).

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار