غـــــنوة فضــــة: ينابيعي الأولى تشكلت من القــراءة المعمـــقة للأدب العــالمي

العـــــدد 9525

الأحــــــد 9 شــــــباط 2020

 

اسم أنثوي فرض نفسه في ميدان الكتابة القصصية والروائية من خلال عملين مهمين هما مجموعة (الهروب الأخير، ورواية قمر موسى)، اللتان أغنتا مكتبتنا وبكل تأكيد ستغنيان فكر كل من يقرأهما، إنها الأديبة الشابة غنوة فضة التي أجادت التعبير عن همومنا الجمعية في مجموعتها القصصية كما أجادت تصوير واقع حياتي لأشخاص لهم احتياجاتهم الخاصة.
مع الأديبة فضة كان هذا الحوار الذي أضاء على عوالم الأدب وواقع الرواية وفقر القراءة ومسؤولية الأديب.

* ماذا عن ينابيعك الأولى في عالم الكتابة؟
** تبدأ الأديبة فضة بالقول: أسميتِها ينابيع، والينبوع، مرادف الاستمرار والتدفّق الثّرّ الغني\ن شغفي بقراءة الأدب هو ذاك الينبوع الذي كان الدافع الأكبر للكتابة، أو ربما هي تلك الرغبة في التعبير كحاجة إنسانيةٍ ملحّةٍ تتعدى الحاجات المادية، ربما هو إلحاحٌ ينوسُ حتى يستقرّ ليزيل الغباشة والضباب عمّا نودّ فهمه في هذا العالم، ولربما هو انقلابٌ، بمعناه الإيجابيّ، على مستوى الذات في سبيل الكشف عما نجده ظلامياً ومريباً حولنا، لذا فإن قراءة الأعمال الأدبية العالمية في فترة عمرية مبكّرة كانت البداية والدفق الذي تُوِّجَ بالكتابة.
* بمن تأثّرت غنوة فضة أدبياً ؟ وما العوامل التي أغنت نتاجك الأدبيّ؟
** ليس هنالك تأثر بمعنى خاص ومرتبط باسمٍ محدد، أستطيع القول إنني تأثرت بكل عمل أدبي متكامل، قرأت (جبران) في فترات مبكرة، كما حنا مينة وشعر بدوي الجبل، كما كثير من الأعمال في الأدب العالمي كتشيخوف وشتاينبك وغوته.
لكلّ أثره الكامن المتغلغل الذي لا تفيض مكانته على الآخر، لكلّ منحاه الجماليّ ومقولاته الفلسفية وأسلوبه المتفرد في الكتابة الذي أغنى مخيلة القارئ وأثراها، لذا فالتأثر أدبياً لم يكن مجزوءاً، بل ارتبط بكل عمل أدبيّ ينضوي تحت معايير الحق والخير والجمال.
* تكمن أهمية العمل الأدبي في سعة انتشاره وتداوله بين القراء، نحن اليوم في زمنٍ نبحث فيه عن قارئ كمن يبحث عن إبرة في كومة قش! ألا يسبب ذلك الإحباط للأديب؟
** لا أحد اليوم ينكر تراجع معدلات القراءة في العالم، سيما في الدول العربية، من هنا فإن الكاتب العربي صاحب مهمة تجعل منه قيمةً مضافة على مجتمعه، إن لم يكن على قدر المسؤولية التنويرية لقرائه، وإن لم يكن صاحب ذلك الأثر الذي وصفه (كافكا) الأثر القوي كالفأس التي تحرّك الراكد، إن لم ينبش الرماد الكامن تحت نار الفكر الخامدة، فعمله سيكون أشبهَ بمن يلتقط الماء في وعاء مثقوبٍ؛ ذرات هباءِ لا أكثر.

* هل تجدين تناقضاً بين واقع الأدب النسويّ لو أردنا تسميته بذلك وبين ما هدفتِ إليه في قصتكِ (الحرب على الهرمون)؟
** المشتغلون في الأدب عامةً يرفضون مصطلح (الأدب النسويّ) فالأدب قيمة جامعة مطلقة لا تتحدد بجنس أو جنسية، للأدب رسالته العالمية، وما أردت إيصاله للقارئ عبر قصة (الحرب على الهرمون) ليس تكريساً للمصطلح بل الإضاءة على جانب يُغَيَّب عن صورة المرأة الكاتبة، جانبٌ سبق أن أضاءت عليه بقوة الكاتبة التركية (إليف شافاق) في سيرتها الذاتية، هي ومضة تحكي عن معاناة الأمومة وسرد حول ذلك الصراع الدائر بين الشغف والصمود للاستمرار بالكتابة وبين طبيعة إنسانية تحكمها الفيزيولوجيا التي تجعل منها مثل مهرجٍ يناضل في العيش متنقّلاً على حبلين واهنين، والتوازن هو المعيار الثابت في البقاء على قيد الحياة.
أردتُ عبر القصة أن أحكي عن جانب بات بعيداً عن المرأة التي صار يروّج إليها اليوم كمثل سلعة، ليس فقط في الأدب بل على جميع الصعد، عن الحالات التي تقدّم فيها المرأة من خلال فكرها وعلمها وعملها المقترن بتلك الطاقة الأنثوية الدفاقة.
* قرأت مجموعتك القصصية الجديدة (الهروب الأخير) ووجدتُ فيها إضاءة على عوالم الحبّ والبساطة والفقر والفقد، ترى ما مدى ارتباط تلك الصور بالواقع اليوم؟
** من أين يأتي الأديب بأبطال روايته وقصصه؟ سؤال فرض نفسه بقوة عبر تاريخ الأدب، لا شكّ أن للمخيلة أثرها الذي لا أغفل مكانته على الأعمال الأدبية، إلا أنها لا تستطيع عبر رحلتها في عوالم السرد إلا أن تستعير لًحمة حبكاتها وتتقاطع، بالتالي مع واقع حقيقي لا تخيلي، فالكاتب ابن زمنه وبيئته، حامل همومه وواضع صورته الحقيقية، وهذا ما اعتمدت عليه في بناء حبكات قصصي وارتباط شخصياتها بالواقع، سيما سنوات الحرب الأخيرة التي مرت على البلاد بقسوة طاحنة، تجدين عبر القصص أبطالاً مغمورين، مهمّشين، يحكمهم العرف والفقر والقانون الاجتماعي الظالم، نعم قصصي الأخيرة وليدة سنوات الحرب العشرة على البلاد.
* نشرت قبل عامين روايتك الأولى (قمر موسى) هل ثمة نقاط مشتركة بينها وبين مجموعتك القصصية الأخيرة؟
** لا أعتقد بوجود نقاط مشتركة بين العملين، في قمر موسى تحدثت عن الجوانب الخفية الداخلية لمجموعة محددة من الناس، لها همومها وانفعالاتها وإشكالياتها، أما في القصص فقد تحدثت عن أحوال اجتماعية جامعة لكثير من الفئات الاجتماعية على اختلاف أحوالهم وانتماءاتهم، لذا لا أجد قاسماً مشتركاً ما خلا التركيز على القيد الاجتماعي الظالم الذي يطوق حيوات العاجزين عن الاستمرار في الحياة وإياه في خط مسير واحد.
* ما هي مشاريعك القادمة؟
** أعمل حالياً على إصدار رواية جديدة (نوفيلا) تم الاتفاق على طباعتها ونشرها مع جهة نشر عربية.

ياسمين شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار